فيلم محترم

  • تتابع كادرات النور والظلمةكما في لحظات خروج (حسين/ خالد أبو النجا) من غرفته إلى إحدى غرف الفيلاّ ليجد (نادرة/لبلبة) ، وكما في لحظات مراقبة (حسين) لـ(سيف) عبر نافذة مكتبه .. في المثل الأول نجد (حسين) خارجًا من الظلمة إلى النور، وفي الثاني نجده يسكن كادرات النور بينما (سيف) حفيد أخته (نادرة) يسكن الظلمة .. هذا التتابع قد يكرّس لدى المشاهد شعورًا بأن (حسين) المتقوقع داخل وعيه الشخصي في ظلمةٍ تامةٍ يصطدم بالواقع في كادرات النور التي تشغلها أخته في المثال الأول، إلا أنه حين يراقب الشاب (سيف)ساكن كادر الظلمة في التتابع الثاني يشاهد في الحقيقة نفسه شابًّا في ذكرى بعيدةٍ تسكن قوقعة وعيه المظلم، بينما هو منشغلٌ هنا والآنَ بعمله الواقعي داخل المكتب ..
  • تتجاوب الموسيقى تمامًا مع الكاميرا لتكريس الحنين إلى الذكرى/ اللحظة الغائبة .. فالخلفية الموسيقية للفيلم تبدأ بأغنية عبد الوهاب (كان أجمل يوم) في مقام (العَجَم)، ذلك المقام الفرِح بطبيعته، ثم تأتي التنويعات اللحنية على هذه الأغنية في نفس المقام لتشكّل الموسيقى التصويرية للفيلم بأكمله .. هذا، في الوقت الذي نستمع فيه إلى (حسين) على عوده بين أصدقائه للمرة الأولى في الفيلم، وهم يعزفون مقطوعة (ذكرياتي) للقصبجي، المقطوعة الموسيقية الخالصة في مقامَي النهاوند والكُرد وهما المقامان الشجيّان الّذان يتداخلان لاستدعاء الذكريات وإثارة النوستالجيا .. فثنائية الحضور (كان أجمل يوم/ عبد الوهاب/ مقام العجم) والحنين إلى اللحظة الغائبة (ذكرياتي/ القصبجي/ النهاوند والكُرد) حاضرةٌ بقوةٍ هنا ..
  • لا ننسى لحظةً بعينِها حين تتداخل الموسيقى مع نمط الإضاءة في المشهد الداخلي لتُنتجا هذه الثنائية وتتجاوزا فردانية لغتَي الموسيقى والكاميرا .. وأعني بها اللحظة التي تجلس فيها (آية) إلى الپيانو لتعزف سوناتا Mondshein ضوء القمر لـ(بيتهوفن) في مشهدٍ داخليٍّ نهاريٍّ نجد به (حسين) واقفًا معهاوينظر إلى ضوء الشمس خلال النافذة .. ربما يعبر هذا المشهد عن حنينٍ أصيلٍ لدى (حسين) إلى لحظةٍ غائبةٍ وراء الواقع النهاريّ حيث يخفت النور ويتقوقع داخل وعيه الشخصي ليستولد ذكرياتِه من جديد .. ......................................... برافو للسيناريو المحترم الذي قدمه محمود عزت ومحمد الحاج برافو للمخرجة صاحبة الرؤية آيتن أمين برافو كاست الفيلم وتحديدًا الرائع خالد أبو النجا

رائع وجدير بالمشاهدة