التريلر هو الحل

"الفيلم لازم يعلم معاك وتفتكر حوراته وادوار الممثلين .. المزيكا وكده يعنى" قاعدة ذهبية فى فن صناعة السينما. من قبل ان يتم طرح تلريلر الجزء الثانى من فيلم الجزيرة وحالة الشغف والانتظار كبيرة جدا، ومدى التوقعات بجودة الفيلم كانت خرافية لا يضاهيه فيها الا فيلم الفيل الازرق. كان الجزيرة الجزء الاول من الافلام التى شهدتها فى السينما وكنت اتمنى ترك السينما فى منتصفها "لولا ثمن التذكرة" وهذا حديث اخر

واستجبت لاصدقائى فى دخولى فيلم الجزيرة2 وكلى امل ان يمحى تجربة وذكرى الجزء الاول، خصوصا بعد ما شهدت التريلر الخاص بالفيلم وكان جيد.

فيلم الجزيرة2 هو فيلم استهلاكى من الطراز الاول فى كل شئ، من اخراج، لقصة، لسيناريو، لتمثيل، لموسيقى. كل شئ فى الفيلم مستهلك. تنساه بمجرد خروجك من السينما ولا تستطيع تذكر اى شئ منه فى غضون ثلاثة او اربع ايام على الاكثر.

فقط احذف اسامى صناع الفيلم وضع مكانهم اسامى اخرى ليخرج الفيلم بنفس مستوى الجودة هذا وحدثنى عن ايراداته، ليتضح لك المعنى بفيلم استهلاكى.

قبل ان نتحدث عن فنيات الفيلم "من وجهة نظر المشاهد الى هو انا" يجب ان ننظر الى ابعاده الزمنية والسياسية -وقت كتابته- والسمات الشخصية والسياسية لفريق العمل والتى تتفاوت وجهات نظرها فى ثورة 25 يناير والتى تحمل عبئها كتاب القصة ليخرج من المطب هذا بقصة ترضى جميع وجهات النظر. ومن هنا بيت القصيد.

الفيلم كُتب فى عام 2013 كما ذكر محمد دياب الكاتب وكانت تلك الفترة السياسية مسيطر عليها الخوف من مستقبل مصر فى قبضة حكم الاخوان "بعيداً عن الاراء السياسية" واعتقد هذا ما اتفق عليه صناع الفيلم. فظهر هذا جليا فى شخصية خالد صالح الذى مثل دور التيارات الاسلامية المختلفة، واعتقد حرص المخرج شريف عرفه او محمد دياب على ظهور خالد صالح فى ازياء مختلفه ولكنها تنتمى جميعها الى التيارات الاسلامية سواء سلفية او جهادية او افغانية حتى هى اشارة واضحة المعنى انهم جميعاً قالب واحد حتى وان حاول اخفاءها فى مشهد جمع بين خالد صالح الاسلامى وخالد الصاوى الامنى الذى يقدم النصيحة لخالد صالح ان يقوم بالعمل السياسى كالاخوان والسلفيين وكأنه فصيل مختلف عنهم، على الرغم من انه لم يترك موقف الا ويؤكد فيه انهم امتداد لفكر التيارات الاسلامية سواء الاخوانى والسلفى او الجهادى.

استغل الكتاب احداث الثورة واقتحام السجون لتكون بوابة الفيلم التى منها يخرج منصور الحنفى الى النور. واستثمرها شريف عرفه كنوع من ابهار المشاهد فى اول الفيلم بمشاهد "اكشن" ونوع من شد الانتباه ولا اراه الا اسلوب فرد عضلات.

القصة والسيناريو والحوار مقبولين الى حد ما،تتماشى مع كل تيارات المجتمع كما ذكرت سلفاً، فنجد فيه الثورية فى بعض المشاهد بإظهار فساد الشرطة واهمية الثورة فى تطهيرها او نقد الثورة من تيارات معروف عدائها للثورة وهو ما وضحه محمد دياب نفسه وفى نفس الوقت يظهر مجموعة على انهم متظاهرين يحملون الاسلحة الالية ويهتفون "سلمية .. سلمية" او مشهد اقتحام السجون والتعاطف مع الظابط الذى اغتيلت عائلته امام عينية فى مشهد تفجيرى قاسى وبين فساد الداخلية التى تعامل الظباط المجرمين معاملة البشوات. فهو مع الثورة وضدها ومع الداخلية وممارستها وضدها مع تقاليد الصعيد وضدها.

تتعاطف مع كل اطراف الفيلم ففيهم الخير والشر على السواء "وهى وجهة نظر سليمة الى حد كبير" ولكن كان دور الشر كاملاً من نصيب التيارات الاسلامية المتمثلة فى خالد صالح، فلن تملك ذرة تعاطف واحدة مع خالد صالح رحمه الله فى السياق الدرامى "الا بفقدنا اياه على المستوى الانسانى" فلو لم يمت خالد صالح او شخص اخر قام بالدور ماكنت لتتعاطف معه البته.

يبدوا جليا ان القصة لم تعتنى بالتفاصيل وتركها لبقية فريق العمل من اخراج وتصوير وملابس وخلافه

ولكن فى المجمل القصة مقبولة على المستوى الفنى بعيداً عن الاراء او الانتماءات الشخصية وبسيطة فى سرد الاحداث ومتماسكة الى حد ما فى خيوطها وشخصياتها ولكنها لا تصل الى مصاف الابداع ابدا ولا اعلم لم شعرت بأنها احد رويات د.نبيل فاروق بمفراقته فى رجل المستحيل.

اما على مستوى التمثيل ولأن القصة بسيطة فكانت الادوار بسيطة غير معقدة ولا تتطلب مستوى تمثيلى عالى فليس هناك ادوار مركبة او معقدة، اللهم الا فى مشهدين او ثلاثة، وان كان مستوى احمد السقا تحسن الى حد ما، فمنذ ان شاهدت احمد السقا فى دور البطولة المطلقة فى فيلم افريكانوا من 14 سنة واحمد السقا لا يتغير ولا يتطور انفعلاته التمثيلية واحدة ونمطية جدا.

وعلى مستوى الاخراج فكان شريف عرفه ومدير تصويره جيدين فى زوايا الكاميرات والمشاهد، وان كان بالغ المخرج فى مشهد القتال الاخير كثيراً حيث حول الامر الى ساحة حرب وكأنك تشاهد فيلم القلب الشجاع النسخة الصعيدى. شريف عرفه مخرج جيد استطاع ان يجذب المشاهد ويبهره ببعض مشاهد الاكشن المصنوعة جيداً ولكنها تخرج عن الاطار الواقعى والمنطقى فى الكثير من احداثها.

لا اعلم هل موسيقى عمر خيرت كانت فى الفيلم ام انها مجرد شبح .. الموسيقى التصويرية احد اهم عوامل السينما ولا اعلم هل كانت الموسقى التصويرية فى الفيلم سيئة لدرجة اننى لم اشعر بها ام هو سوء اخراج فى عدم استغلال الموسيقى جيداً فهى لم تعطى اى بعد درامى او نفسى فى الفيلم.

"المخرج الجيد هو من يهتم بالتفاصيل مهما صغُرت" .. قاعدة مهمة فى عالم الاخراج. لست ضليع بتضاريس الصعيد ولكنى اعتقد بنسبة كبيرة انه لا يوجد كهرباء فى الجبال ولا اعلم لماذا يصر صناع الفيلم بأن الجبال التى يسكنها الرحالة مجهزة بكهرباء، ولا اعلم مصدرها. هذا بخلاف اللكنة الصعيدية التى فقدها بعض الممثلين فى اجزاء من العمل وبعض التفاصيل الاخرى التى اهملها شريف عرفه تؤخذ على العمل الفنى. مجمل الاخراج انه عادى ولن تجد الحالة الابداعية المنشودة

فيكون مجمل الفيلم:- القصة مقبولة نوعاً التمثيل تقليدى الاخراج تقليدى التصوير جيد الموسبقى مش موجودة الملابس تقليدية الجرافيك جيد فى مشهد تفجير السيارة وسئ جدا فى تفجير الجبل

الفيلم فى مجملة فيلم استهلاكى جدا اعتمد كليا على اسماء فريق العمل وان كان ارحم من افلام السبكى وابتذالها. وانصح كل من ينوى مشاهدته الا يتوقع فيلم عالمى كما يتررد

وسيظل اروع مع فى فيلم الجزيرة هو التريلر الترويجى للفيلم الذى يدل على مونتير جيد وهو ما انصح بمشاهدته.