(خطوة على طريق الجودة)

لكي تخلق بطلا يتعلق به المشاهد يجب أن تزرع به قدر من الجنون والخيال ،خلطه سحريه بين الاثنين تجعلك تتحمل الاولى من أجل الثانيه . في بداية تعارف بينا وبين البطل يقف على قمة مَعلم من معالم أمريكا"تمثال الحريه" عشان يكلمنا عن قصته ، في ثوان معدوده بنعرف اننا قدام بطل مجنون لكن جريء ظريف وعنده قصه تستحق المشاهده . فيليب -البطل- أثناء تقديمه لفقرة فنيه في الشارع يُصاب بألم ضرس يجري على العياده يحجز كشف يقعد يستنى دوره فيمسك مجلة يتسلى بيها يشوف صورة برجي التجارة يقطع الصورة من المجله ياخدها ويقوم. كده باختصار بنتابع sequence ذكي حِرفي لقرار مصيري بيتاخد في لحظات . نفس المشهد برضه نشوف تغيير في الصورة نفسها ، البطل واقف على قمة تمثال الحريه بيحكيلنا ازاي الموضوع بدأ معاه فاحنا بنشوف مشهد الفلاش باك باللون الابيض والاسود عادي يعني اتعملت كتير ، لكن المخرج هنا بيلونلنا المشهد فبمجرد ما يدخل فيليب العياده تتحول الصورة للألوان الطبيعيه كأنه بيبدأ عهد جديد في القصه. يبدأ البطل على الفور الاستعداد بأنه يبحث عن حد يعلمه أصول السير على الحبال فيقابل معلمه بابا رودي"بين كينجسلي" وال بيلقنه أول درس وهو احترامك الجمهور أو مجاملة الجمهور بالبلدي يعني. الخلطه المعتاده لأغلب قصص النجاح ، علاقه متوترة مع العائله ، عدم ايمان بما تفعل ، عيل هايف عايز تمشي على الحبال ،فشل البدايات ، سخرية المشاهدين واستهزائهم ، فقدان الثقه اللحظي . كل ده بيمر بيه فيليب وبيعبرلنا عنه المخرج بطريقه ممتازه وسلسه فبعيدا عن الاحباطات المعتاده وتكسير الزجاج وشرب الخمر ، البطل بيختصر الموقف بجملتين على لسانه "هنا يجب أن اربط حبلي" مشيرا لبرج نوتردام ، والمخرج بيختصر الموقف بصور بالأبيض والأسود تعبر عن مشاعر البطل ورفاقه. اعتقد أن الارتفاع فلسفه إن جاز لي أن اصفها بذلك خصوصا إن الفلسفه بقت لأي حد عادي يعني. الارتفاع فلسفه لها معان عديده ليس فقط انها حلم البطل بل هي أيضاً تحدي للسائد وللقواعد والاداب العامه والقوانين ، تحرير الفوضي الفنيه كما يمكن أن نقول ، الابتعاد عن صراخ الناس ونظراتهم أنت في القمه وهم في القاع لا يهمك أي شيء آخر. يبدأ البطل رحلته الحقيقيه بالسفر لأمريكا أرض البرجين فندخل الثلث التاني للفيلم بروح مختلفه عن الثلثين الآخرين ، تكوين العصابه ،شوية مواقف كوميديه ، مع ظهور شخصيات اكتر لكن للأسف دون أن تترك أي أثر في المشاهد ، عبارة عن اكسسوارت جنب البطل حتى البطله "العسل بالمناسبه" بتختفي تدريجيا ، يعني ضعف الادوار الثانويه وضعف ممثليها مع استثناء المشاهد الأولى لشارلوت لي بون ولو مسحنا تاتش الافتعال من بين كينجسلي. ندخل على الثلث الأخير والأهم وال فيه معضلة بالنسبه للمشاهد العادي زي حالاتي وليس للمشاهد الايماكس ، هنا جزأ صنع خصيصاً لشاشة السينما .متعه اضافيه . النهايه فيها نقطتين واحده ايجابيه والتانيه سلبيه، الايجابي هو انك أمام نهايه لا تعرفها إلا لو دفعك فضولك للبحث عن القصه الحقيقيه ،أمام بطل مجنون بشكل كاف انه يغير القواعد ، في اغلب افلام هوليود بنكون عارفين من البدايه ان البطل هيتبهدل وهيغلب الشرير في الآخر وبالتالي لحظة ذروة الصراع بنمثل التعاطف أو الخوف عليه من الهزيمه ،لكن هنا مشاعرنا حقيقيه احنا فعلاً خايفين على فيليب ، كلنا جوانا صوت ام علاء ولي الدين في الناظر وهي بتقول : اقفل يا واد مش هستحمل اشوف فيليب وهو بيموت . اما العنصر السلبي فهو أن النهايه ممطوطه لكسب بعض الدقائق فوق الحبل ، فالبطل بمجرد ما يتخطى التحدي الأخطر في رحلته بيصبح أي شيء تاني ملوش معنى ومش عايز اوضح اكتر لعل حد يكون بيقرا ويتحرق عليه المشهد . اجمالاً هي خطوة للأمام لصناعه خصوصا جوزيف جوردون ال بيحاول يثبت أقدامه ومش بعيد يحوز على ترشيح اوسكاري ، قبل عرض فيلمه المؤجل لأول العام وال متوقع انه يسبب جدل وشهره. تحية أخيره للمخرج ولمدير التصوير على لقطات ابهرتني قدام شاشة الكمبيوتر فما بالك بال شافها ‫#‏سينما