8....7 ....6 ............. 9 من 10

  • مقال
  • 01:13 مساءً - 27 ديسمبر 2010
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
مشهد من الفيلم
صورة 2 / 2:
مشهد من الفيلم

جاءت الحقيقة للناس عارية، فأصابت الناس بصدمة، ولما كانت أخلاق مجتمعاتنا وتقاليدها تمقت العري، فإن الناس صاروا يمقتون النظر إليها، ويتحاشونها، وهذا هو تماماً ما أصاب مشاهدي فيلم 678 الذين صدمتهم حقيقة ما يحدث في شوارع القاهرة ووسائل مواصلاتها فخجل البعض منها وخجل البعض من نفسه، وامتعض البعض لنصرة ذكوريته المهدرة، وان تعاطف البعض الأخر - والأكثر - مع قضية شائكة إحتواها الصمت طويلاً، ولكن في النهاية قدم الفيلم صرخة لتحطيم هذا الصمت وطرح القضية للمناقشة.
فيلم 678 فيلم راقي جداً على المستوى الفني، يؤكد أن السينما المصرية تجتاز بالفعل لحظات مخاض، ستعود بعدها على يدي صناع السينما الشباب إلى سينما حقيقية تتفاعل مع المتفرج وتشعر به وتعبر عنه، وتضحكه أحياناً لكنها أبداً لن تضحك عليه.
قدم فيه محمد دياب تجربته الإخراجية الأولى وتألق فيها متخلياً عن أخطاء التجارب الأولى محتفظاً فقط ببرائتها، تشعر بوجوده في كل المشاهد من خلال التناغم الرائع في إيقاع الفيلم وأحداثه، في سيطرته على أداء الممثلين ليقدم كلاً منهم دوراً سيبقى علامة في تاريخه السينمائي، وإن عابه قليلاً الإعتماد على إكليشيهات سينمائية متكررة - بفعل براءة التجربة الأولى - مثل مشهد سقوط الوردة بين الزوجين وإنصراف كلا منهما في طريق عكس الآخر.
تغلب كذلك دياب مخرجاً على دياب السيناريست رغم خبرة الثاني الأعرض، حين نجح في تقديم مشاهد الفلاش باك المكتوبة دون أن يتباطىء الإيقاع أو يصيب المشاهد بالحيرة، خاصة أنها تمت من خلال سيناريو يعالج قضية واحدة دون التطرق إلى أعماق أخرى للشخصيات الرئيسية للفيلم والتي تتداول المشكلة، وأكتفى بإختزال حياتهم في قضية التحرش فقط دون غيرها - متناسياً وجود وسائل أخرى غير الاوتوبيس والتاكسي في مصر - ، مما أصاب الفيلم ببعض المباشرة التي أنقذها عنايته الفائقة بتفاصيل شخصية صغيرة لكل شخصية رئيسية في الفيلم عوضت التناول السطحي لها.
ماجد الكدواني يقدم دوراً هو الأروع في تاريخه من خلال أداء عبقري، ليستحق وعن جدارة جائزة مهرجان دبي السينمائي، ويقدم شخصية ضابط المباحث في إطار جديد تماماً لم تقدمه السينما من قبل.
أما بشرى - تلك الموهبة الجديدة التي إكتشفها محمد دياب - فلقد ابهرتني على المستوى الشخصي، ونجحت في التعامل مع شخصية صعبة وقدمتها في تلقائية وسلاسة إستحقت عليها جائزتها الأولى.
وتبقى ناهد السباعي وخطيبها في الفيلم عمر السعيد مفاجأة الفيلم من خلال مساحة تمثيل لم يحصل كلاهما عليها من قبل، ثم أضاف إليهما وقوفهما أمام فنانة في حجم سوسن بدر أدت عدداً من المشاهد لا يزيد على أصابع اليد الواحدة ولكنها تركت أثراً لا ينتهي في الفيلم، كذلك الفنانة الشابة مروة مهران - زوجة ضابط المباحث - والتي قدمت دورا لا يتعدى 3 مشاهد ولكنه أحد أهم الأدور في الفيلم.
أما نيللي كريم و أحمد الفيشاوي و باسم سمرة فلم يقدموا جديداً.
678 فيلماً صنع ليبقى، قد يبدو صادماً، قد يثير الضحك حتى البكاء، قد تهاجمه، قد تنحاز له، لكنه سيبقى فيلماً سينمائيا ذا قيمة عالية تكفل له تسجيل إسمه في شهاة ميلاد جديدة للسينما المصرية.



تعليقات