18 فيلماً ثورياً غيّروا العالم (3-3)

  • مقال
  • 04:01 مساءً - 22 فبراير 2012
  • 6 صور



صورة 1 / 6:
راندي آدامز ، الرجل الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة ، ثُم بُرّئ بفضل فيلم سينمائي
صورة 2 / 6:
"آل جور" يشرح مخاطر الاحتباس الحراري
صورة 3 / 6:
مشهد جريمة القتل في "الخيط الأزرق الرفيع"
صورة 4 / 6:
المُراهقة "روزيتا" التي تسببت في تغيير قوانين العمل ببلجيكا
صورة 5 / 6:
مورجان سبورلوك وشهر بمكدونالدز
صورة 6 / 6:
المخرج مايكل مور قدّم أعنف هجاء سياسي في تاريخ السينما (فهرنهايت 9-11)

أثناء التحضير لهذا الموضوع ، كان هُناك بَحثاً موازياً عن الأفلام المصرية ، وإلى أي مدى كانت قادرة على التغيير في الواقع ، النتيجة لم تَكُن جيّدة ، ثلاثة أفلام ساهَمَت بشكل حقيقي في تغيير الأحوال المُجْتَمعيّة: (1) فيلم المخرج عاطف سالم " جعلوني مُجرماً- 1954" : تسبَّب في إلغاء السبقة الأولى لمن يُحكم عليه جنائياً ، من أجل مَنْحه الفرصة للتعايش مع المُجتمع بعد خروجه ، (2) فيلم المخرج حسام الدين مصطفى " كلمة شرف - 1972": بعد إنتاجه ، صار يُسْمَح للسجين بالخروج لمدة 48 ساعة لرؤية أهله في الحالات الإنسانية ، (3) فيلم المخرج سعيد مرزوق " أريد حلاً - 1975": أدّى لإصدار تشريعات جديدة في قانون الأحوال الشخصية لتحسين وَضْع المرأة .

لماذا لم تكُن السينما المصرية قادرة ، رغم كونها من أقدم الصناعات في العالم ، على التأثير في واقعها بشكلٍ حقيقي ؟ ، في رأيي أن الأمر يرجع ، بشكلٍ رئيسي ، إلى مُشكلة يشترك فيها الجانبين: لا يتعامل المصريين مع السينما بجدّيةٍ تَسْمح لها بأن تتماس معهم لدرجة التغيير ، ولا يتعامل السينمائيين مع المصريين بقرب واهتمام حقيقي للتعبير عنهم وعن واقعهم .

في المُقابل ، فإن نائب لرئيس الولايات المُتّحدة الأمريكية قد رأى ، بعد سنوات طويلة من خدمته بداخل البيت الأبيض ، أنه فشل في إيصال رسالته إلى الناس ، إلا من خلال السينما ، عبر صناعته لآخر فيلم سيتم ذكره هُنا .

هذا هو الجزء الثالث ، والأخير ، من ثمانية عشر فيلماً غيَّروا العالم:

الجزء الأول: /news/nw678925558/
الجزء الثاني: /news/nw678925650/

13- The Thin Blue Line (خيط أزرق رفيع) - 1988

بشكلٍ ما: هذا هو أهم فيلم تم ذكره في هذا الموضوع

سبعة عشر فيلماً غيره ، غيَّروا الكثير ، في سياسات ، أو قوانين ، أو أدُّوا لمُحاسبة ، أثَّروا في حياةِ الناس بشكلٍ غير مُباشر ، ولكن .. "خيط أزرق رفيع" هو الأهم على الإطلاق: لقد أنقذ حياة شخص بشكلٍ مباشر .

يَحكي الفيلم قصة راندي آدامز ، الذي اتّهُمَ بارتكابِ جريمة قتل ، لظابط شرطة في مدينة دالاس عام 77 ، وحُكِمَ عليه بالسّجن مدى الحياة ، قبل أن يقوم مخرج الأفلام الوثائقية العظيم إيرول موريس، بتقديم هذا الفيلم عام 1988 .

يَتَتَبَّع موريس خيوط القضية من بدايتها ، ويُعيد تَمثيل رواية راندي ، إلى جانب روايات الشهود التي أُدِينَ بسببها ، ويَكشف التضارب فيها ، وتورُّط بعضهم في الشهادة الزور ، بالإضافة إلى رغبة الشرطة في إيجاد أي جاني سريعاً من أجل إغلاق القضية ، فتتم المُحاكمة سريعاً ، وتكون حياة كاملة لشخصٍ ما ستُقضى داخل السجن هي الضحية .

فور عرض الفيلم ، وبفضلِ الضجّة التي أثارها ، أُعيدت مُحاكمة "راندي آدامز" ، وبُرئ من تهمة القتل ، ونالَ حُريّته ، في الأثر الأعظم الذي تركته السينما عبر تاريخها .

وفي جانبٍ آخر ، صار أسلوبه في تمثيل الجرائم في مكان وقوعها تبعاً لروايةِ الشهود ، أسلوباً مُتبعاً في القضايا مُتضاربة الروايات .

وعلى المستوى السينمائي ، فإن القيمة الرفيعة لفيلم إيرول موريس ، قد جعلته مرجعاً يُعتمد عليه في هذا النوع من الأعمال الوثائقية التي تم تنفيذها لاحقاً ، وصارت العديد من البرامج التلفزيونية تعتمد نفس أسلوبه في سرد وتقديم القضايا .

تحليل "خيط أزرق رفيع" للناقد جوناثان كيم ولقطات لـ"راندي آدامر":
link]

14- JFK(جيه إف كيه) - 1991

فيلم المُخرج أوليفر ستون الذي تناول فيه ، بأسلوبٍ بديع بجمع بين الروائي والوثائقي ، قضية اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي في دالاس عام 1963 ، رافضاً الرواية الرسمية للحادثة ، ومُتتبعاً تحقيقاً مستقلاً يُشير بالاتهام إلى الحكومة الأمريكية والمخابرات المركزية في التورُّط باغتياله .

استقبل الفيلم بهجومٍ حادٍ بعد عرضه ، وأصدرت وكالة المخابرات بياناً رسمياً رفضت فيه كل ما ورد في العمل ، معتبره إياه خيالاً سينمائياً لا يمُت للواقع بصلة ، وتعرض أوليفر ستون لتهديدات لا تُحصى بالقتل ، بالإضافة إلى عشرات المقالات التي شَكَّكت في نزاهته ، واعتبرته جاسوساً شيوعياً ، نظراً لصداقته مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو .

ورغم كل هذا ، فإن القيمة السينمائية لستون ، الذي حصل على أوسكارين كأفضل مُخرج قبل تقديم "ج.ف.ك" ، وجَودة الفيلم نفسه ، الذي اعتبر فيما بعد واحد من أعظم أفلام التسعينات ، قد تسبَّبوا في ضجة جماهيرية وإعلامية كُبرى ، ووجد الجميع نفسه في موقع دفاعي ، وضرورة للتعامل مع الفيلم بشكل أكثر جدية من نَفْي مُجرّد لما ورد فيه .

أعيد النقاش حول قضية اغتيال كينيدي بقوّة ، وشُكّلت لجنة رسمية للتحقيق فيما حدث في دالاس عام 63 ، ونتيجة للضغط الشعبي ، صدر مرسوماً بجعل كل الوثائق الخاصة بالقضية مُتاحة للجمهور .

خُطبة المُحَقّق جيم جاريسون الختامية في "ج.ف.ك":
[http://www.youtube.com/watch?v=0TTo8DI4r9s]

15- Rosetta(روزيتا) - 1999

يُعتبر المُخرجين البلجيكيين جان بيير و لوك داردين من أهم صُنَّاع السينما حول العالم ، تَوَّجوا ذلك بالحصول على سعفتين ذهبيتين من مهرجان كان ، بالإضافة إلى جائزة لجنة التحكيم الكُبرى ، وأفضل سيناريو ، ورغم كُل هذا .. فإنهم يعتبرون "الأثر" الذي حققه فيلمهم "روزيتا" هو أهم إنجاز في حياتهم

"بالتأكيد نشعر بالسعادة حين نُكَرّم في مهرجان كان أو أي تجمُّع سينمائي ، ولكن المُساهمة في جعلِ حياة الناس أفضل ، يجعلنا نشعر بالقيمة الحقيقية لكوننا فنانين" .. جان بيير داردين

في الفيلم الحاصل على سعفة كان الذهبية عام 99 ، يتناول الأخوين داردين قصة فتاة في عُمر المُراهقة تُدعى "روزيتا" ، تُغادر منزلها هرباً من إدمان والدتها للمشروباتِ الكحولية ، والحياة الصعبة التي تعيشها ، وتحاول إيجاد أي عمل لكي تكون قادرة على العَيْش ، فتتعرض لاستغلالٍ شديد من أصحاب المِهَن نظراً لصغر سنها .

صُوّر الفيلم بأسلوب الداردينز المُميّز ، شديد الواقعية لدرجةٍ مُفرطة ، وعقب طرحه سينمائياً ، صدر قانوناً جديداً في بلجيكا ، يُجبر أرباب العَمَل الذين يقوموا بتعيين مُراهقين لديهم بدفع مُستحقاتهم كاملة ، تبعاً للحدّ الأدني للأجور .

واقعية "روزيتا" التي غيَّرت في قانون العمل ببلجيكا:
[http://www.youtube.com/watch?v=F6\_CcuXLoWY&feature=related]

16- Super Size Me(حجم كبير مني) - 2004

على الرغم من ضعف القيمة السينمائية لهذا العمل ، إلا أنّه في المُقابل واحد من أهم الأفلام السينمائية التي أثّرت في العالم خلال العقدين الأخيرين

في مَطلع الألفية ، قامت فتاتين أمريكيتين ، بمساعدة منظمة الصحة العالمية ، برفع دعوى قضائية ضد مطاعم "مكدونالدز" للوجبات السريعة ، بسبب تسببها في زيادة وزنهم ، وتدهور صحتهم ، وبعد ستة أشهر من النظر في القضية ، قرر القاضي رفض الدعوى ، بسبب فشل الفتاتين في إثبات أن وجبات "مكدونالدز" هي السبب في ذلك ، ليُقرر المخرج مورجان سبورلوكأن يُثبت له ، وللجميع ، أن "مكدونالدز" هو السبب !

يُقرر سبورلوك ألاّ يأكُل سوى من وجبات "مكدونالدز" ، ثلاث مرّات طوال ثلاثين يوماً ، ويتتبع ، في فيلمه الوثائقي ، تأثير ذلك على صحته خلال ذلك الوقت ، وكانت النتيجة: زيادة وزنه بصورة كبيرة ، ارتفاع الدهون والكولسترول بنسبةٍ ضخمة ، تضاعف نسبة إصابته بجلطة في القلب ، شعوره بالإنهاك والإرهاق والكسل ، إصابته بضعفٍ جنسي ، وغيرها من التأثيرات المُرعبة خلال أربعة أسابيع .

أثار الفيلم عاصفة من الجدل في الولايات المتحدة فور عرضه ، أدى لإلغاء "مكدونالدز" وجبته الـ"سوبر سايز" ، ومُضاعفة حملاته الإعلانية لتجاوز الأثر السيء الذي تركه الفيلم ، ورغم ذلك فإن المبيعات قد انخفضت بنسبة 25% ، وتعرَّض لخسائر ضخمة ، مما جعله يبدأ في اتخاذ خطوات وإجراءات لجعل وجباته التي يقدمها أكثر صحية وحفاظاً على حياةِ متناوليها .

ماذا حدث لـ"مورجان سبورلوك" بعد شهر من تناول مكدونالدز ؟!:
[[http://www.youtube.com/watch?v=trgwGhAJj10&feature=related]

17- Fahrenheit 9/11(فهرنهايت 9/11) - 2004

الهَجَاء السياسي الأشهر والأكثر عنفٌ في تاريخ السينما ، فيلم المُخرج مايكل مورالذي يُدين فيه الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش ، مُتتبعاً فترته الرئاسية الأولى ، بدءً من تزوير الانتخابات في ولاية فلوريدا عام 2000 ، مروراً بأحداث الحادي عشر من سبتمبر ، والحرب على أفغانستان ، ثم العراق ، والفساد الإداري الضخم خلال فترة حكمه ، ونهايةً باتهامه بقتل الشباب الأمريكي الذي ذهب إلى الحرب ، من أجل الحفاظِ على سلطته ، ومنح الأمريكيين أماناً زائفاً .

كان مور هو صاحب أشهر صَيْحة في تاريخ الأوسكار ، حين حصل على جائزة أفضل فيلم وثائقي عام 2003 عن "Bowling for Columbine" ، فصعد إلى المسرح بعد حرب العراق بأربعة أيام ، وتحديداً في 23 مارس ، وقال في خُطبته: "العار عليك يا بوش ، نحن لا نُريد تلك الحرب" ، ليبدأ بعدها في رحلةِ بحث ومجهود كبير ، من أجل كَشف الكثير من الحقائق حول الحقبة الأولى من رئاسة بوش ، في "فهرنهايت 9/11" .

عُرِضَ الفيلم لأولِ مرّة بمهرجان كان السينما ، في مايو 2004 ، وحصل على جائزة السعفة الذهبية ، وهو الفيلم الوثائقي الوحيد الذي استطاع الفوز بها ، ونالَ أطول مُدة تصفيق لفيلمٍ في تاريخ المهرجان ، حيث وقف سينمائيين من كل العالم لمدة رُبع ساعة كاملة ، في تحيةٍ لمور وفيلمه .

وبعد عرضه سينمائياً ، حقق الفيلم إيرادات 220 مليون دولار حول العالم ، كأنجح فيلم وثائقي في التاريخ ، واعتبر وثيقة إدانة مُصَوَّرة لحقبة جورج بوش ، الذي استخدم كل الآليات الدفاعية لتبرأة نفسه من الاتهامات التي وجهها الفيلم إليه .

وعلى الرغم من أن جورج دبليو بوش ، قد تم انتخابه رئيساً للولايات المُتحدة ، لولايةٍ ثانية في الثاني من نوفمبر عام 2004 ، إلا أن توثيق توثيق الفيلم لولايته الأولى ، جعله أحد الأسباب القوية في توجيه الوعي الجمعي نحو اعتبار بوش أحد أسوأ الرؤساء في تاريخ أمريكا ، وصاحب الشعبية الأقل بينهم جميعاً .

وطرح بعض النُّقاد مقارنات منطقية بين "فهرنهايت 9-11" وفيلم " انتصار الإرادة" الذي صدر عام 1934 ، وتم ذكره في الجزء الأول من هذا الموضوع ، حيث استطاع الأخير تصدير هتلر كبطل ألماني لا يُقهر ، وكان وسيلة دعايا إيجابية لمشروع الرايخ الثالث في ألمانيا النازية ، بينما نَالَ مايكل مور من جورج بوش ، وصنع دعايا سلبية ، وهجاءً سياسياً سيظل يُلاحق فترة بوش الأولى دائماً .

مشهد توثيق مايكل مور لرد فعل جورج بوش عند علمه بهجمات سبتمبر في هجائيته العنيفة:
[http://www.youtube.com/watch?v=0rO3F6mZUaE]

18- An Inconvenient Truth(حقيقة مُزْعجة) - 2006

فيلم المُخرج ديفيس جوجنهيم الوثائقي ، الذي حَوَّل ظاهرة علمية كالاحتباس الحراري إلى أمرٍ شعبي دارج يتحدّث عنه العالم أجمع

يُعَلّق على الفيلم نائب رئيس الولايات المُتحدة السابق "آل جور" ، بصفته أحد أهم رجال البيئة في أمريكا ، ويستعرض ، عبر 100 دقيقة ، طبيعة المَخَاطر التي قد تسببها ظاهرة الاحتباس الحراري ، وستؤدي ، خلال سنوات قليلة ، إلى كوارث طبيعية كالأعاصير والفيضانات ، وتغيُّر التوزيع المناخي على الكرة الأرضية بشكلٍ مرعب ، قبل أن يُقدم في النهاية مُبادرة عالمية ، قائمة على التوعية ، للحد من نتائج الاحتباس الحراري .

اسْتُقبل الفيلم باهتمامٍ بالغ ، وتسبب في رفع مستوى الوعي حول العالم بكيفية التعامل مع الظاهرة ، وازدياد الاقبال على جمعيات حماية البيئة ، وتَحَوّل الحديث في أمرٍ مناخي إلى موضوعٍ شعبيًّ دارج .

وعلى المستوى الرسمي ، عُرِضَ الفيلم في دولٍ أوروبية عديدة ، وتسبب في فَتْح العديد من النقاشات والتعاونات الدولية حول كيفية التعامل مع الظاهرة ، قبل أن يُصبح "الاحتباس الحراري" ، بعد عرض الفيلم ، ركناً أساسياً في برامج المُرشّحين لرئاسة الولايات المُتحدة ، ومؤخراً .. تم إقرار فصلاً في بعض المواد بالمدارس الثانوية الأمريكية ، يعتمد ، بشكلٍ كامل ، على هذا الفيلم ، وعلى التوضيحات البصرية التي تضمنها .

وفي كلمته أثناء استلام أوسكار أفضل فيلم وثائقي ، اختصر "آل جور" كل شيء يُمكن أن يُقال ، ليس عن فيلمه فقط ، ولكن عن الأفلام ، والسينما ، والأثر الذي يُمكن أن تحققه ، مما يجل جملته ختام مِثالي لهذا الموضوع:

"منذ فترة طويلة وأنا أعمل من أجل تلقين الناس تلك الرسالة ، ولكني أحسست دوماً بالفشل في إيصالها ، إلى أن صنعت هذا الفيلم ، واستطعت أن أصل إلى كل شخص في العالم ، وأأثر فيه ، وأجعله قادراً على التأثير في بيئته وموطنه ، وهو شيء لا يبدو أن وسيطاً آخر قادر على فعله غير السينما" .



تعليقات