تقرير: مارتن سكورسيزي منتجاً

  • مقال
  • 09:36 مساءً - 14 مارس 2014
  • 1 صورة



مارتن سكورسيزي

"هو رجل عاطفي جداً بشأن الفن، أخبرني أنه يقف وراء أعمال الآخرين لأنه يرغب -فقط- في رؤيتها على الشاشة".. المخرج الروسي الكبير "أليكساندر سوكوروف" عن " مارتن سكورسيزي"

بالأمسِ، أعلنت قناة HBO أن المخرج مارتن سكورسيزي سيشارك كمنتج في مسلسلها الجديد، الذي لم تتم تسميته بعد ولكنه يدور في أمريكا السبعينات، ويتناول المشهد الموسيقي في الجانب السفلي من نيويورك، من خلال صاحب ملهى ليلي ومروج للمخدرات.

القصة وحدها كفيلة بتفسير السبب الذي يدفع "سكورسيزي" للمشاركة في هذا العمل، بنفس الصورة التي يمكن بها تفسير كل الأعمال، السينمائية في الأغلب والتلفزيونية أحياناً، التي وقف وراها كمنتج خلال العقدين الأخيرين، بخلاف الأعمال التي أخرجها بنفسه بالطبع.

يتحرك "سكورسيزي" ناحية أعماله كمنتج بالشغف قبل أي شيء، نفس الأمر الذي يدفعه لإنشاء مؤسسة لترميم الأفلام الكلاسيكية من كل أنحاء العالم، هو ذاته الذي يحدد اختياراته الإنتاجية في الأعمال التي يقرر دعمها.

واحد من أهم تلك الاعمال كان مسلسل Boardwalk Empire، الذي سيعرض موسمه الخامس هذا العام، والذي فاز بعدد كبير من جوائز «إيمي» في السنوات الأربعة الأخيرة، من ضمنها جائزة لـ«سكورسيزي» نفسه الذي أخرج أولى حلقاته عام 2010 عوضاً عن المشاركة في إنتاجه.

المسلسل يدور في أمريكا العشرينات، من خلال العلاقة بين رجال العصابات والسياسة في مدينة "أطلانطا"، وتحكم رجل واحد في مقاليد الأمور.

دائماً ما يلقي "النص التحتي" في الأفلام التي أخرجها "سكورسيزي" ضوءً واضحاً على تطور الحياة الأمريكية، وهو، طوال مسيرته، تتبع ذلك بشكل دقيق، أمريكا القرن التاسع عشر في Gangs of New York، أو الثلث الأول من القرن العشرين في The Aviator، السبعينات في Taxi Driverوالثمانينات في The Wolf of Wall Street، عوضاً لتفضيلة الحركة على الهامش، من خلال رجال أقوياء –كبطل مسلسل Boardwalk Empire "ناكي طومسون"- يتحكمون في عالمهم بشكل كامل، وهو أمر يمكن رؤيته لأبطال Goodfellasأو Casinoأو The Departed.

المسلسل يخضع لعوالم "سكورسيزي" بشكل كامل، سواء من ناحية الحدث، أو من ناحية البناء النفسي الخاص بالبطل، الذي يمر باضطرابات كثيرة، واحتمالات صعود وهبوط قائمة، ككافة أبطال "سكورسيزي"، وهو نفس الملمح الذي نراه أيضاً في مسلسل HBO الذي لم يتم تحديد اسمه بعد، حيث بطله "بوبي كانافال" يتحكم في الجنس والمخدرات من خلال إدارة ملهى ليلي، رائحة Casino تبدو قريبة بوضوح.

في الأفلامِ، يتحرك "سكورسيزي" بمرونةٍ أكبر ولأسباب أكثر عمومية، ليس من الضروري أن يلامس فيلماً ما هواجسه وأفكاره كي يدعمه، فهو -مثلاً- لا ينتمي لنوعية السينما التي قدمها المخرج الإيراني "بهمان غوبادي" في Rhino Season عام 2012، ولكن تقديره للعمل ولمخرجه وللتضييقات التي حاصرته في موطنه دفعته للموافقة على وضع اسمه كمنتج منفذ وتوزيع الفيلم في أمريكا وتسهيل العديد من الإجراءات التنفيذية.

نفس الأمر الذي حدث عام 2003 مع الإنجاز الفني الروسي العظيم Russian Ark الذي صوره المخرج "أليكساندر سوكوروف" في لقطة واحدة ممتدة لساعة ونصف، لم ينتج "سكورسيزي" العمل لأن موارده المالية لم تكفِ حينها رغم حماسه الشديد، بحسب تصريح لـ"سوروكوف"، فساعد، عوضاً عن ذلك، في إيجاد تمويل ودعم للفيلم، وترشيحه في محافل سينمائية ولمنتجين عدة، حتى خرج في النهاية بصورته الفنية المدهشة.

"سوركوف" أعلن مراراً أثر "سكورسيزي" في هذا الفيلم، كتب له شكراً خاصاً في تترات العمل، ولاحقاً صرح بأنه "ممتن للغاية لمساهمته القيمة جداً لخروج هذا الفيلم، هو عاطفي جداً بشأن السينما، ومتحمس جداً لما خططناه في مشروعنا، ورغم أننا، أنا وهو، أشخاصاً مختلفين بشكل كامل، ولكنه، لسبب ما، يحب أعمالي، ووقف وراء Russian Arl حتى النهاية".

ذات الحماس والتقدير الذي جعله ينتج فيلم Clockers للمخرج سبايك لي لأنه يؤمن بموهبته منذ شاهد Do the Right Thing ولأنه يعتبر Malcolm X أحد أفلامه المفضلة لعقد التسعينات، ليمنحه فرصة إخراج Clockers دون أي ضغوطات هوليوودية، وهو أيضاً ما جعله يؤمن في موهبة المخرج كينيث لورجان في فيلمه الأول You Can Count on Me عام 2000 ويقرر إنتاجه –فقط- لأن الحكاية التي كتبها "لورجان" كانت عاطفية جداً، وبها الكثير من التماس مع فيلم مفضل بالنسبة لـ"سكورسيزي" كـ On the Waterfront، فأقنع لورا ليني و مارك رافالوببطولة الفيلم، وصار في النهاية واحداً من أهم الأفلام المستقلة خلال الألفية.

أما آخر الأسباب التي قد تدفع "سكورسيزي" نحو أن يقوم بدور المنتج، دون أن تتعلق بالشغف هذه المرة، فهو صداقته بالممثل الكبير " روبرت دي نيرو"، حيث أنتج له فيلمين، الأول هو Mad Dog and Glory عام 1993، والثاني هو The Family عام 2013.



تعليقات