خالد صالح.. وداعًا تاجر السعادة

  • مقال
  • 04:32 مساءً - 25 سبتمبر 2014
  • 1 صورة



خالد صالح.. وداعًا تاجر السعادة

وكأنما عرف أن الزاد لن يكفي الرحلة الطويلة، فلم يقتصد بل كان سخائه في إبراز موهبته أهم ما ميزه خلال مشواره الفني، الذي لم يتجاوز 15 عامًا، ما بين مسرحيات ومسلسلات وأفلام أجمع فيها الجمهور على موهبته وحضوره الطاغي، عرفته في دور صغير في فيلم " جنة الشياطين" 1999 تأليف مصطفى ذكري وإخراج أسامة فوزي هو الباحث عن المتعة مع العاهرة "الشونة" شوقية "صفوة" في دور أصغر من حضوره وإمكانياته بكثير، وإن كان من الصعب نسيانه، ولكن المرة الأولي التي أدركت فيها أنني أشاهد ممثل يحترم موهبته ويقدسها ويعمل على صقلها وتطويرها بشكل سريع كان في فيلم " خلي الدماغ صاحي" 2001 تأليف منى الصاوي وإخراج محمد أبو سيف فهو المواطن المطحون المحب لزوجته والباحث عن أبسط حقوقه في شقة، ليكون له ولزوجته حجرة مستقلة بعيدًا عن "عفرته" العيال، والمنغمس في تغييب همومه بالمخدارت، وعلى الرغم من كل المأخذ على الفيلم لكن لا يمكن أن تخرج منه متناسيًا صوت خالد صالح وهو يغني "على قد الليل ما يطوّل" مع زوجته فوق السطوح.

أما تجربته الثانية في نفس العام فكانت داخل عالم رأفت الميهي الواسع والقادر على إحتواء موهبة بحجم خالد صالح، فجاء فيلم " شرم برم" 2001 تأليف وإخراج رأفت الميهي، ورغم أن الفيلم يعد مجهولًا للكثيرين، إلا أن خالد صالح يثبت مرة بعد أخرى أنه الممثل القادر على تطوير موهبته في كل عمل والقادر على التجديد والدخول للشخصية من حيث لا تتوقع.

أما عام 2002 فيعد نقطة الإنطلاق الحقيقة لخالد صالح، حيث عرفه الجمهور في فيلم " النعامة والطاووس" في التعاون الثاني مع محمد أبو سيف وفيلم " محامي خلع" إخراج محمد ياسين وتأليف وحيد حامد لتظهر كاريزما خالد صالح كوحش يلتهم من يظهر معه في الكادر، مشهد واحد فقط استطاع أن يحفر ملامح خالد صالح في أعين جمهور الفيلم، مشهد يعلن عن ميلاد ممثل من ذوات الكاريزما الطاغية والكوميديا الهادئة البسيطة البعيدة عن التكلف أو الافتعال.

يعاود صالح الظهور في أفلام الموجة الشبابية كما أطلق عليها وقتها، حيث شارك في فيلم ميدو مشاكل 2003 للمخرج محمد النجار وتأليف أحمد عبدالله بجوار النجم الصاعد وقتها أحمد حلمي، ليخرج كالعادة مكتسبًا مساحة أكبر من الانتشار لدي الجمهور، لتأتي محطة التألق والبزوغ بعيدًا عن الكوميديا ومتأخرة 5 سنوات كاملة منذ مشهده الأول في "جنة الشياطين"، حيث اشترك في فيلم " تيتو" 2004 إخراج طارق العريان وتأليف محمد حفظي وطارق العريان، ليعلن خالد صالح انتهاء مرحلة الانتشار والبدء في مرحلة تأكيد الوجود، ليدخل في سلسلة أفلام تظهر معدنه الفني النادر وموهبته المتفجرة، ليبدأ مشوار تأكيد وجوده كحالة إستثنائية بدأها من فيلم "أحلى الأوقات" 2004 مع المخرجة هالة خليل وتأليف وسام سليمان وهالة خليل، فلا يمكن أن تنسى شخصية "إبراهيم" زوج يسرية الذي يرى أن " الكباب أكثر رومانسية من الورد " ليعبر عن الزوج المصري العادي بكل تلقائية وبساطة وبعيدًا عن التكلف.

وتتوالى أعمال خالد صالح الساعي لتأكيد وجوده على الساحة وسط مرحلة شهدت صعود نجوم في عالم السينما، واختفاء أخرون وتغير في تقنيات العمل الفني في مصر، كما تغيرت الموضة السائدة للأفلام التي تجذب الجمهور، ففي 2005 يشارك خالد صالح في أربعة أفلام تنوعت فيها أدواره بين الضابط خفيف الظل في " خالي من الكوليسترول" مع المخرج محمد أبو سيف في اللقاء الثالث بينهما، والذي جاء من تأليف عثمان شكري سليم ومحمد أبو سيف، وفيلم " فتح عينيك" إخراج عثمان أبو لبن وتأليف محمد حفظي، وفيلم " ملاكي إسكندرية" إخراج ساندرا نشأت وتأليف محمد حفظي و وائل عبدالله، وفيلم " حرب أطاليا" إخراج أحمد صالح وتأليف حازم الحديدي.

ويستمر خالد صالح في مرحلة الانتشار وتأكيد التواجد على الساحة في العام التالي 2006 بأربع أفلام أيضا يبرز خلالها وجوه أخرى للممثل متعدد الأوجه وجوانب جديدة من موهبة تثري نفسها كلما أخذ منها، حيث جاء دوره في فيلم " عن العشق و الهوى" إخراج كاملة أبو ذكري وتأليف تامر حبيب ليثبت للجميع أنه لا يمكن حصر موهبة هذا الفنان في قالب واحد أو نمط معين من الأدوار، ليصدمك بعدها بدور "بوبو" في فيلم 1/8 دستة أشرار مع المخرج رامي إمام وتأليف وائل عبدالله و خالد جلال، ثم فيلم " أحلام حقيقية" مع المخرج محمد جمعة وتأليف محمد دياب، وفيلم " عمارة يعقوبيان" المأخوذ عن رواية علاء الأسواني وإخراج مروان حامد وسيناريو وحوار وحيد حامد، ليدخل بعدها خالد صالح مرحلة أخري غاية في الأهمية وهي مدرسة "جو".

يعود يوسف شاهين للسينما بعد توقف دام ثلاث سنوات بعد فيلمه " إسكندرية نيويورك" ليجد أن الساحة الفنية مليئة بالنجوم فلا تخطئ عينه الفاحصة الباحثة عن الموهبة المميزة والمختلفة، رؤية هذا الفنان ذو الأوجه المتعددة "خالد صالح" فجاء به إلى فيلمه الجديد " هي فوضى" لتكون أول بطولة مطلقة لخالد صالح مع يوسف شاهين، وليكون خالد صالح أحد الفنانين القلائل الذين لم يتأثروا بطريقة "جو" في الحديث، ليمثل خالد صالح، دور أمين الشرطة "حاتم" دون أن يتأثر بشاهين على الإطلاق، لينضم خالد صالح لنجوم بقامة توفيق الدقن و محمود المليجي و حسين رياض و زكي رستم و فريد شوقي الذين عملوا مع شاهين ولم يتأثروا به مثلما تأثر الأخرون، ليثبت خالد صالح مرة أخرى أنه استثناء خاص في السينما المصرية.

خرج صالح من مدرسة شاهين نجم وممثل قادر على أداء الأدوار الصعبة والمعقدة، ليتجلي بعدها في دور "عمر حرب" في فيلم الريس عمر حرب 2008 إخراج خالد يوسف وتأليف هاني فوزي، ومن محطة لأخري يؤكد خالد صالح استثنائيته كممثل قادر على تطوير موهبته في كل شخصية يلعبها، ليقدم " ابن القنصل" 2010 و" كف القمر" 2011 و" المصلحة" 2012 و" الحرامي والعبيط" 2013 و" فبراير الأسود" 2013، والذي يعد أخر فيلم له شاهد عرضه ورد فعل الجمهور عليه، ليتبقى له في السينما فيلمه الأخير " الجزيرة 2" مع المخرج شريف عرفة وتأليف محمد دياب وخالد دياب والذي من المقرر عرضه يوم الأربعاء القادم 1 أكتوبر ضمن أفلام موسم عيد الأضحى 2014.

وعلى الرغم من تألقه السينمائي وتأخر النجومية بعض الشئ في السينما كان لخالد صالح حظ أفضل مع الدراما التلفزيونية، حيث شارك في العديد من المسلسلات مثل دور "فرج خنزيرة" في مسلسل " أحلام عادية" مع النجمة يسرا، قبل أن يحصل على أول بطولة مطلقة له في 2007 في مسلسل " سلطان الغرام" ليتبعها بعدد من الأعمال الدرامية المتميزة كمسلسل " بعد الفراق" 2008 و مسلسل " تاجر السعادة" 2009 و" موعد مع الوحوش" 2010 و" الريان" 2011 و" 9 جامعة الدول" 2012 و" فرعون" 2013، وأخيرًا " حلاوة الروح" 2014.

ودعنا خالد صالح اليوم 25 سبتمبر 2014 بعد مسيرة فنية دامت حوال 15 عامًا كان فيها ممثلًا استثنائيًا بكافة المقاييس، وموهبة غير عادية جعلته واحدًا من نجوم الصف الأول في زمن اختلت فيه موازين النجومية، وتغيرت فيه التركيبة السينمائية كثيرًا.

وصلات



تعليقات