الأعياد والأضاحي في ذاكرة السينما المصرية

  • مقال
  • 04:41 مساءً - 3 اكتوبر 2014
  • 1 صورة



بوحة

احتفلت السينما المصرية بالأعياد في العديد من الأفلام على طول تاريخها، وأعطت لها مساحة كبيرة في بعض الأحيان، وفي أحيانٍ أخرى ظهرت بشكلٍ هامشي، ولكنها أضافت للعمل الفني مذاقه الخاص الذي نذكره دائمًا... ومشاهدة تلك الأفلام بشكلٍ مستمر تعد أحد طقوس احتفالنا بالعيد ارتبطت معنا منذ نعومة أظافرنا.

وقد نال عيد الأضحى نصيب الأسد في السينما المصرية، وتنوعت الأفلام التي تناولت خروف العيد ما بين الديني والكوميدي والتراجيدي وغيرها، حتى أصبح مشهد ذبح الخروف من المشاهد الراسخة في عقل المشاهد المصري والعربي. فمثلا فيلم ( دنانير) عام 1939، والذي قامت ببطولته أم كلثوم وشاركها فيه يحيى شاهين وأخرجه أحمد بدرخان، يعتبر من أهم تلك اﻷفلام التي تناولت مناسبة العيد بصفة عامة.

قدمت أم كلثوم في أغنية (يا ليلة العيد أنستينا) والتي مازالت تذاع إلى الآن في كل ليلة عيد لتثار معها مشاعر دفينة ببهجة تلك الأيام وبفرحة العيد، وتبدأ قصة الأغنية عندما قامت دنانير بغناء الأغنية أمام الخليفة هارون الرشيد ورئيس وزرائه جعفر البرامكي الذي تحبه البطلة فيما بعد. فيما بعد، تم حذف الأغنية من أحداث الفيلم بناءً على إصرار أم كلثوم نفسها، لتصبح مرتبطة أكثر بليلة العيد، وخاصة عيد الفطر أكثر من عيد الأضحى.

ومع فكرة تقديم العيد في الأفلام العربية جاء أول ظهور لخروف العيد من خلال فيلم ( أبو حلموس) عام 1947، عندما يكتشف شحاتة أفندي ( نجيب الريحاني) والذي يعمل محاسبًا في ديرة الباشا، التزوير والتلاعب في الحسابات نتيجة مصاريف طعام الخروف وتربيته. الفيلم كان من بطولة نجيب الريحاني و زوز شكيب و عباس فارس.

وجاء فيلم شادية، و إسماعيل يس، و شكوكو ( ليلة العيد) والذي قدمه المخرج حلمي رفلة عام 1949 أيضًا من ضمن الأفلام الشهيرة التي احتفلت بهذه المناسبة، وبدأ تتر الفيلم بأغنية (الليلة عيد) مع عرض للموالد الشعبية.

ثم قدم أنور وجدي فيلمه ( بنت الأكابر) عام 1953 بطولة ليلى مراد، و زكي رستم الذي يعد من أهم الأفلام العربية المصرية التي تناولت تلك المناسبة بأغنية جميلة هي (يا رايحين للنبي الغالي)، والتي كتبها حسين السيد ضمن أغاني الفيلم، وارتبطت في ذهن العديد من المشاهدين بهذه الأيام، واستغلها أنور وجدي ضمن حبكاته الدرامية التي بنيت عليها الأحداث؛ حيث اعتبر سفر شوكت باشا ( زكي رستم) لأداء فريضة الحج وتغيبه عن الفيلا المدخل الرئيسي لتعرف عامل التليفونات أنور (أنور وجدي) على حفيدته ليلى (ليلى مراد)، والوقوع في حبها وتقربه منها طول تلك الفترة؛ لتبدأ الأحداث في التوالي من هنا.

أما فيلم ( حياة أو موت) عام 1954 بطولة عماد حمدي، و مديحة يسري، فقد اعتمد مخرجه كمال الشيخ ومؤلفه علي الزرقاني على العيد اعتمادًا كبيرًا في البناء الدرامي لأحداث الفيلم؛ حيث اتخذ من مشكلة خروف العيد والاهتمام بقضاء هذه الأيام في بيت أهل الزوجة أساس لاستكمال أحداثه المثيرة والشيقة، والتي تفرعت بعد ذلك لعدة مشاكل، تداخلت فيها أحداث بوليسية واجتماعية عديدة.

وجاء فيلم ( مال ونساء) عام 1960 للمخرج حسن الإمام وبطولة سعاد حسني و صلاح ذو الفقار متناولًا العيد بشكل ومساحة أقل من خلال الزج بالعيد وجعل فرحة العروسين "نعمة" و"حسين" تتم بالتزمان مع قدوم العيد.

ولم تتوقف الدراما المصرية عند هذا الحد من الأفلام القديمة، والاكتفاء بما قدمه المخرجين والمؤلفين من تراث كبير، بل تناول العديد من مخرجي ومؤلفي الجيل الجديد الجديدة مشاهد الاحتفال بالعيد ضمن أفلامهم وأعمالهم الدرامية المختلفة، فكان فيلم ( ناصر 56) عام 1996 بطولة النجم أحمد زكي، ونخبة من الممثلين والذي تناول قصة حياة الزعيم العربي جمال عبدالناصر من ضمن تلك الأعمال، حيث زج المخرج بمشهد الرئيس الراحل بمنزله وهو يحتفل مع أسرته بالعيد ويوزع العيدية على أبنائه ويهنئ زوجته، فيما بدأ المخرج سعيد حامد أولى مشاهد فيلم ( همام في أمستردام) بطولة محمد هنيدي و أحمد السقا والممثلة موناليزا، بالاحتفال بمظاهر العيد السعيدة، وركز في أول ربع ساعة من أحداث الفيلم تقريبًا على طقوس الأسرة المصرية في تلك المناسبة، بدءً من صلاة العيد وتجمع العديد من المسلمين في الشوارع لتأديتها، وارتداء الزي المناسب لذلك، ومرورًا بوجبة اﻹفطار الأساسية في تلك المناسبة، وحتى تجمع الأسرة كلها في المنزل وتذكُر أهم الأحداث التي مرت عليهم وتقديم التهنئة.

وعام 2005 جاء فيلم محمد سعد ( بوحة) والذي يدور حول شاب بسيط يرث مبلغ كبير من المال، ولكن عليه أن يبحث عن الرجل المنوط به تسليمه الميراث والذي يعمل في المدبح بالقاهرة، ومن هنا تظهر مشاهد الذبح والسلخ والإفيه الشهير له (تصدق سلخت قبل ما أدبح)، ليقدم من خلاله أيضا تحية كبيرة لعيد الأضحى وطقوسه، حيث تناول ذبح الأضاحي في تلك الأيام في شكل كوميدي خفيف.

وأيضًا فيلم ( ألوان السما السبعة) عام 2007 بطولة فاروق الفيشاوي و ليلى علوي فقد اشتملت بعض مشاهده احتفال البطلين بالعيد وقضاء الوقت في المتنزهات العامة، والموالد الشعبية، وظهور الأطفال وهو يحتفلون به بالبلالين التي تشعر الجميع بفرحة تلك الأيام المنتظرة.

وعلى نفس الوتيرة كان فيلم ( حين ميسرة) لـ عمرو سعد و سمية الخشاب، حيث تناول المخرج خالد يوسف تلك المناسبة الاجتماعية من خلال مشهد ذبح الأضاحي بعد صلاة عيد الأضحى، وبعد خروج "عادل حشيشة" من السجن ثم مشهد تجمع الأسرة وتناولهم أشهر وجبة تقدم في العيد وهي طبق (الفتة).

وبالرغم من أن فيلم ( عسل أسود) تناول تلك المناسبة بصفة خاصة من خلال عيد الفطر، إلا أن المخرج خالد مرعي استطاع أن يزج بمشاهد التهنئة وتوزيع العيدية على الأطفال ومن ضمنهم الشخصية الرئيسية بالعمل مصري ( أحمد حلمي) ليشاع معها الحنين بفرحة العيد وبهجته بصفة عامة، ثم فيلم ( تيمور وشفيقة) حيث عرض العديد من الطقوس الاجتماعية المعتادة في مثل هذه المناسبات لتستمر في الأذهان على مدى السنين.



تعليقات