تأثير الـ «دوللي زووم»: 57 عامًا من حيلة هيتشكوك الشهيرة

  • مقال
  • 12:08 مساءً - 6 يناير 2015
  • 1 صورة



ألفريد هيتشكوك

«المؤثِّر البصري مُجرَّد أداة، وسيلة لحكي القصص. المؤثِّر البصري دون قصة هو شيء ممل للغاية.»

جورج لوكاس

موضوع آخر عن إحدى تقنيات صناعة السينما، اعذروني لأني أُصدِّع أدمغتكم بها، في الحقيقة أنا واقع في هواها تمامًا. هذه المرة نتكلم عن إحدى ألاعيب الكاميرا الشهيرة جدًا. الـ Dolly Zoom، واحدة من التقنيات العديدة التي يتم استخدامها في التصوير وندين للفضل بها للراوَّد الأوائل.

في التصوير السينمائي، الـ «دوللي زووم» هو تأثير كاميرا مُحيِّر ومُزَعزِع بصريًا بشكل كبير، يتم اللجوء إليه كي يُقوِّض الإدراك البصري الطبيعي لمشهد معين. بمعنى آخر هو تشويه حاد للمنظور والخلفيات يتم خلقه بطريقة معينه باستخدام الكاميرا كي يؤكد على معنى ما أو كي يخدم إحدى اللحظات الهامّة في السيناريو. يتم تنفيذ التأثير داخل الكاميرا نفسها فيما يندرج تحت فرع مؤثرات بصرية كامل يدعى In-camera effects، وهذا عن طريق ضبط عدسة الزووم في الكاميرا وتحريكها إلى الأمام Zoom In أو إلى الخلف Zoom out، بينما يتم تحريك جسم الكاميرا نفسه Dolly in أو Dolly out في الاتجاه المعاكس لحركة الزووم (الـ Dolly عربة صغيرة تتحرك على قضبان أو بدونها، وهي واحدة من أجهزة عديدة تستخدم لتحريك الكاميرا).

يتم استخدام التقنية بطريقة تجعل الشيء - أو الشخص غالبًا - الذي يكون في منتصف الكادر ثابتًا، بينما تنبعج وتتشوَّه الخلفيات من حوله بشكل صادم تمامًا، وعادةً ما يصاحب هذا التأثير البصري مؤثِّر صوتي كصوت تفريغ هواء أو ما شابه (إذا كان التنفيذ سريعًا).

طُوِّر هذا التأثير للمرة الأولى بواسطة إيرمين روبرتس - مصور الوحدة الثانية في ستديوهات بارامونت – وتم استخدامه في السينما لأول مرة على يد المخرج ألفريد هيتشكوك في فيلم Vertigo في مجموعة من اللقطات الشهيرة التي كان لها تأثير كاسح، ولذا نٌسب له التأثير. اخترت مصطلح «دوللي زووم» أثناء المقال نظرًا لأنه مألوف وشائع وأكثر سهولة في النطق على اللسان، لكن لهذا الأسلوب العديد من المصطلحات الأخرى مثل:

Contra-zoom | Triple Reverse Zoom | Telescoping | zolly | Push/pull | Trombone shot وغيرهم.

في هذه الطريقة الكلاسيكية، تُسحب الكاميرا للخلف بينما يقترب المصوِّر بالعدسة Zoom In بنفس سرعة الحركة المعاكسة ليخلق التأثير، وهو ما يؤدي إلى تشويه بصري شديد عند العرض. الشيء الأكثر ملاحظة في هذا التشويه هو أن الخلفيات يتغير حجمها بالنسبة إلى الجسم الذي يقع في منتصف الكادر، لذا معظم الناس الذين يشاهدون اللقطة تخر ج منهم ردود فعل مثل: «ما هذا الذي حدث الآن؟» أو «لقد كان هذا غريبًا!». هذه link توضِّح طريقة عمل التأثير وحركة الكاميرا أثناء استخدامه... لاحظ كيف تقترب الموجودات التي في الخلفية وكيف تنبعج وتتشوه تلك التي على الأطراف.

لماذا لا يستوعب العقل جيدًا ما يراه عند مشاهدته لتأثير الدولي زووم الغير معتاد؟ لأن عين الإنسان تعتمد في حُكمها على الموجودات في أي إطار من خلال الإشارات القادمه من كلٍ من الحجم والمنظور. تغيُّر المنظور دائمًا ما يصحبه تغيُّر في الحجم، لكن هذا لا يحدث عند استخدام الدوللي زووم. لذا عندما تُشاهد العين البشرية المنظور يتغير أمامها بينما الحجم لا يقتفي أثره، يصبح الأمر محيِّرًا للغاية بالنسبة للعقل ولا يتمكَّن من استيعابه بسهولة.

مثلًا، إذا كنت تسير بسيارتك على طريق مفتوح وتراقب سياره أخرى مسرعة وهي تبتعد عنك، فأنت ترى حجمها يصغر تدريجيًا. الآن، ما بالك لو أن هذه السيارة المبتعِده ظلَّت بنفس حجمها مع تحرُّكها بعيداً عنك! سيسبب هذا رؤية غير مألوفة تمامًا لعينك ولن يتمكَّن عقلك من تفسير الأمر... ستكون تجربة مثيرة حقًا... هذا هو تمامًا ما يفعله تأثير الـ «دوللي زووم» بك. إن مُشاهدة الخلفيات تكبر فجأة وتهيمن على المشهد، أو أن تشاهد مقدمة المشهد تطغى وتتضخم لتأخذ أضعاف المساحة التي كانت تحتلها، ناتج عن كيفية استخدام تقنية الـ «دوللي زووم»، التي يمكن أن تُنفَّذ بأكثر من طريقة.

حسنًا، بعد أن عرفنا كل شيء عن كيفية تنفيذ التأثير، يجب أن نعرف شيئًا أو شيئان عن معناه أو لماذا يتم استخدامه؟ غالبًا ما يستخدم الـ «دوللي زووم» كي يعطى الإحساس بالدوار أو الغثيان أو السقوط لأسفل أو الإحساس بعدم الواقعية أو التوهان أو التشتت، أو لمحاولة جعل المُشاهد يشعر بإحساس الشخصية التي رأت شيئًا صادمًا أو تلقَّت خبرًا صاعقًا ومروِّعًأ، أو أن شيئًا ما رأته الشخصية أو فهمته سيجعلها تعيد التفكير في كل ما آمنت به مسبقًا خلال أحداث الفيلم.

بعد أن شَهَر هيتشكوك هذا التأثير عن طريق استخدامه فى فيلمه الشهير Vertigo، أعاد استخدامه مرةً اخرى في الذروة الموحية لفيلم Marine عام 1964. العديد من صناع الأفلام بعد ذلك استخدموا التأثير في العديد من الأفلام. أكثر هذه اللقطات شهرة هو استخدم ستيفن سبيلبرج له في فيلمه الشهير Jaws، وهذا في اللقطة الأيقونية التي يشاهد فيها رئيس الشرطة برودي افتراس القرش الهائج لأحد الأطفال بالقرب من الشاطئ... استخدم سبيلبرج التأثير مرة أخرى فى فيلمي E.T. the Extra-Terrestrial و Indiana Jones and the Last Crusade، كما استخدم المخرج توب هوبر التأثير في مشهد لا يُنسى للممر الذي يزداد طولًا وتشوُّهًا في فيلم الرعب الشهير Poltergeist. أيضًا تم استخدام التأثير في لقطه شهيرة جدًا من فيلم مارتين سكورسيزي Goodfellas. وعلى الرغم من أن الـ «دوللي زووم» تم استخدامه من قبل كبار المخرجين في صناعة السينما، إلا أن نقاد وسينمائيون عديدون لايزالوا يعتبرونه شيء سخيف إلى حدٍ ما، ورخيص نسبيًا، وبعضهم يطلق عليه «التأثير المبتذل».

في النهاية أترككم مع هذا المونتاج البارع لأهم لقطات الـ «دوللي زووم» التي ظهرت في تاريخ الأفلام، منها ما ذكرته هنا، ومنها الكثير مما لم أذكره (بعضها من أفلامك المفضَّلة). بالنسبة لي تقويض الخلفية شديد الشذوذ من فيلم Marine هو الأفضل من ناحية التنفيذ، أما دراميًا فلا يُمكن مُضاهاة لقطات Vertigo، والفيلمان من صنع أستاذ التشويق ألفريد هيتشكوك، أول من استخدم التكنيك وأفضل من روَّضه من وجهة نظري... تُرى ما هي لقطتك المفضَّلة؟

link



تعليقات