اللي بيحب ربنا يرفع إيده لفوق.. واللي يحب النبي يصفق

  • مقال
  • 02:48 مساءً - 7 مايو 2015
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
ملصق الفيلم
صورة 2 / 2:
مخرجة الفيلم سلمى الطرزي

هناك عشرات الأسباب التي تتدافع في ذهني وتعبر عن حماسي الشديد للفيلم الوثائقي ( اللي بيحب ربنا يرفع إيده لفوق) للمخرجة سلمى الطرزي، ربما لأني بطبيعتي من عشاق الأفلام الوثائقية الموسيقية بشدة على غرار أفلام مثل Anvil: The Story of Anvil أو Tupac: Resurrection، أو لأني اهتممت بما تقدمه سلمى منذ فيلمها الوثائقي القصير ( إنت عارف ليه؟) الذي شاهدته منذ سنوات في مكتبة الإسكندرية، كما كنت أحمل بداخلي الكثير من الثقة بأنها ستتعامل مع موضوعها الذي اختارته لفيلمها، وهو موسيقى المهرجانات، بالكثير من التفهم والاستكشاف وليس بالرصد المتعالي، وقد كان ظني في محله.

بصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف في الرأي حول المهرجانات، إلا أنها قد صارت من أكثر الأشكال الفنية التي أثارت نقاشات مطولة منذ بروزها على يد مؤسسوها الأوائل أوكا و أورتيجا بفضل الخليط الفريد الذي يمتزج فيها بين الراب والموسيقى الإلكترونية بشكل لم تألفه الآذان على هذا النحو من قبل، وهو ما سمح لهذه الموسيقى بأن تخلق لنفسها اتجاهًا فنيًا موازيًا، لكنه اتجاه يبتعد تمامًا عن الانتماء نحو المؤسسات الإعلامية الرسمية، أو حتى نحو المؤسسات الثقافية ذات الطابع النخبوي، بل هو اتجاه يعاكس تمامًا الاتجاهين السابقين وينتصر أكثر للبسطاء والكادحين دائمي البحث عمن ينقل صوتهم الخاص.

إنه أمر يشبه كثيرًا ما حدث بعد ظهور المطرب الرائع أحمد عدوية على ساحة الغناء المصري ليقلب كل الموائد، وليعلن تمرده على موروث الغناء الشعبي السابق عليه ليقدم لونًا غنائيًا شعبيًا ثوريًا وخارج كل الحسابات، لينال بعدها هجوم شرس من المؤسسات الرسمية ومن غالبية المثقفين، ولم ينصفه وقتها إلا قليلون للغاية ممن آمنوا بما يقدم.

على مدار دقائق عرض الفيلم، أنت تعيش فقط داخل نفس العالم الذي يعيش به كافة أعضاء فريق (8 في المائة): أوكا وأورتيجا ووزة و شحتة كاريكا وسوستة وشعوذة وشولا، سترى كل ما يرونه هم فقط، ستشتبك مع حواراتهم اليومية، سترافقهم في كافة حفلاتهم ومناسباتهم، وكل ذلك بدون أدني تدخل من أي شيء ومن أي شخص خارج عالمهم المعهود، وبالتأكيد بدون أي أحكام فوقية أو أي أحكام تتدخل لتفرض منظورها الأوحد عن الفن.

هذه المعايشة التي تقوم بها سلمى مع أبطال فيلمها، قد مارستها من قبل مع ميادة بطلة فيلمها القصير (إنت عارف ليه؟)، بل يبدو على سلمى في عدة مواضع من العمل أنها تقدر للغاية أعضاء الفريق وتقدر ما يقدمونه، ولذلك فهى تمنحهم المساحة كاملة عن طيب خاطر، لن تراها في حيز الصورة، ولن تسمعها وهى تسألهم حتى إلا فيما ندر، وفيما عدا ذلك، فالمساحة بأكملها لهم.

كما لا تحرمنا سلمى أيضًا من مرافقة أعضاء الفيلم وهم يعملون على تسجيل أغانيهم، ستندهش من الوهلة الأولى أن كل هذا الكم من المهرجانات المسجلة التي ذاع صيتها قد سجلت بإمكانيات بالغة الانخفاض، فيمكنك أن تشاهد أوكا وهو يعمل مع وزة على تسجيل إحدى المهرجانات بلاب توب وسماعة فقط، أو حتى قد يقومون بالتسجيل في المحل الذي يملكه وزة، وهو الأمر الذي يؤكد بساطة الفكرة الكامنة وراء موسيقاهم بما يتسق مع طبيعة الشريحة المجتمعية التي تقبل على الاستماع إلى المهرجانات.

وعلى الرغم من كون استخدام الكاميرات المحمولة في الأفلام الوثائقية أمر شائع لأبعد حد، إلا أنه في هذا الفيلم بالذات يضفي رونقًا خاصًا يتماشى طرديًا مع خشونة عالم حي المطرية الذي خرج منه فريق (8 في المائة) ومع نمط الموسيقى الذي يقدموه، فتصير الكاميرا هنا هى الآخرى خشنة في صورتها النهائية، لكنها هنا ليست الخشونة بمعناها السلبي بالتأكيد، بل بالمعنى الإيجابي.



تعليقات