رأفت الميهي: الطائر من شجرة إلى شجرة

  • مقال
  • 08:24 مساءً - 25 يوليو 2015
  • 1 صورة



رأفت الميهي

مخرجون كثر يعشقون منطقة الآمان الفنية، حيث الاطمئنان في رحاب أسلوب فني اختاروه لأعمالهم، وأنماط معينة من المواضيع والتيمات التي تمسهم على نحو مباشر، لكن في المقابل هناك من المخرجون من يرى في منطقة الآمان قفصًا منيعًا لا يرغب في القبوع به، ويحب أن يقوم بالعديد من المجازفات والتجارب الفنية التي قد تكون غير محسوبة العواقب، لكنها ستمنح المبدع مساحة أرحب من التجريب، ومن بين هؤلاء كان المخرج والكاتب والمنتج رأفت الميهي الذي رحل عن عالمنا مساء أمس.

حتى مطلع الثمانينات، كان رأفت الميهي مشغولًا بكتابة السيناريو منذ بدايته في العمل الفني، سواء أكانت سيناريوهات أصلية، أو سيناريوهات مقتبسة عن أعمال أدبية، ومن المزايا التي تمتع بها الميهي هو إطلاعه الواسع على الأدب كما يتضح من اختياراته للأعمال الأدبية، وهو الأمر الذي لم يتوقف عنه بعد خوضه لتجربة الإخراج، فقد اقتبس لـ إحسان عبدالقدوس عدة أعمال هى ( شيء في صدري، الرصاصة لا تزال في جيبي، أين عقلي) ولـ نجيب محفوظ قصته القصيرة (صورة) ضمن الفيلم السينمائي ( صور ممنوعة)، كما اقتبس لـ فتحي غانم روايته ( قليل من الحب كثير من العنف).

ومع حلول الثمانينات، شرع الميهي في القيام بإخراج ما يكتبه من سيناريوهات وما يقتبسه بنفسه، متأثرًا في البداية بسطوة تيار الواقعية الجديدة الذي وجد له أرضية عريضة في السينما المصرية، ويقدم في البداية أعمالًا على شاكلتها، ثم سرعان ما يتخلى عن هذه الواقعية المبكرة لينطلق في رحاب السريالية، بادئًا بفيلمه الشهير ( الأفوكاتو) الذي أثار إبان عرضه عدد لا حصر له من المشاكل القضائية، لكنه سرعان ما يتحول لواحد من التجارب السينمائية الطموحة وقتئذ.

ومع نجاحه في توصيل صوته الفني الخاص بعيدًا عن الواقعية في المرة الأولى، استمر الميهي في صناعة أفلامه التالية على نفس النهج ليصادف أغلبها الكثير من التقدير الفني، وقد صار بعضها من الأفلام المفضلة للجمهور المصري مع إعادة عرضها على شاشات التلفاز، مثل ( السادة الرجال، سيداتي آنساتي، تفاحة، ميت فل).

وحتى مع ابتعاده عن العمل السينمائي في السنوات الأخيرة، كان لدى الميهي ما يشبع به شغفه الفني دومًا، سواء من خلال تدريس السينما عن طريق ستوديو 13، أو من خلال تجربة الكتابة الأدبية بروايات (هورجادا: سحر العشق، الجميلة حتمًا توافق) أو حتى بتجربته الوحيدة مع التليفزيون من خلال مسلسل ( وكالة عطية) عن الرواية الحاملة لذات الاسم للروائي الراحل خيري شلبي.



تعليقات