"جراند أوتيل".. وغُرَفه المتعددة

  • نقد
  • 12:32 صباحًا - 14 يوليو 2016
  • 8 صور



جراند أوتيل

منذ قرابة الثلاثين يومًا ومع إقبال الشهر الكريم، تدافعت إعلانات المسلسلات الرمضانية على الشاشة تستعرض لحظاتها المتباينة علّها تأسر بعض المشاهدين، وكان من بينها مسلسل "جراند أوتيل" لكاتبه "تامر حبيب" ومخرجه "محمد شاكر خضير".. وزفّ لنا الإعلان فريقًا عامرًا من النجوم مع لحظات بدت مفعمة بالإثارة والغموض وتلاحق الأنفاس، ولأني لم أشاهد مسلسل "طريقي" العام الماضي لنفس المؤلف والمخرج؛ لم يُشكِّل لي "جراند أوتيل" حالة خاصًة ولم يستثر فضولي للمتابعة، خاصًة بعد ما تردد عن اقتباسه من مسلسل إسباني أو أفلام أجنبية خاضت نفس الحبكة، وقدّرت أننا سنشهد مسلسل تدور حلقاته الثلاثون عن لغز مثير مستعصي الحلول، ندور وندندن حوله شهرًا كاملًا منتظرين تكشفُّه، مع احتمالية لا بأس بها في انكشاف اللغز مُبكرًا لو صدق ما شاع عن اقتباس المسلسل من أعمال أخرى قد شاهدناها من قبل؛ فوجدتني لا أعوِّل كثيرًا على مشاهدة المسلسل.

بدأ الشهر وتوالت حلقات المسلسل لتُدرّ معها أحاديث المشاهدين غير المنقطعة عن كمال المسلسل وتعدُد جمالياته، فالبعض تحدث عن روعة الديكورات وبداعة الألوان في سابقة لم نعهدها بالمسلسلات المصرية من قبل، وآخرون أكبر عددًا تكلموا عن رقة "أمينة خليل" ورُقيها ولُطفها البالغ منقطع النظير، أما الجميع وبلا استثناء فأخذوا يثرثرون عن "أمين" الطيّب وبراعة "محمد ممدوح" في تجسيده، وغابت تمامًا الأحاديث عن الاقتباس وشُبهة التقليد الأعمى للأعمال الغربية وغيرها من الروايات على هذه الشاكلة، والأدهى أن جذوة المسلسل لم تنطفئ مع مرور الحلقات الأولى، بل شرعت تتوهج أكثر فأكثر مستثيرة المزيد من ترقب المشاهدين وكلامهم المتواصل عن المسلسل؛ فوجدتني أحاول تخصيص بعض الوقت لخوض التجربة مع حلقات المسلسل الأولى لعلّ جديدُ تحت الشمس يطرأ على وجهة نظري المُسبَقة.

شاهدت الحلقة الأولى ولمست بنفسي ما تردد عن فخامة الديكورات وزُهُوّ الألوان، كما شعرت بحرفة الصنعة في عناصر أخرى عديدة، لكن زاحم هذا الشعور بعضُ من أنفاس فيلم "Gosford Park" للمخرج الكبير "روبرت ألتمان"، فعانقت كثيرًا من أجواء الفيلم وطريقة استعراض شخصياته في جنبات الأوتيل وأركانه بالحلقة الأولى من المسلسل، ليتراقص الشك بداخلي عمّا شاع عن اقتباسات المسلسل، لكن إعجابي بخاتمة الحلقة الأولى دفعني لاستطراد المشاهدة.

شاهدت الحلقة الثانية وشرعت ألمس بنفسي روعة المدعوّة نازلي وسحرها الآسر، كما تأكدت لي صحة إعجاب الجميع بأداء محمد ممدوح في تجسيده لأمين فلا يترك لك فرصة سوى أن تهيم عشقًا بهذا الجرسون طيّب القلب والملامح، لكن أجواء Gosford Park لا زالت مُخيمة وإن اختلفت تفاصيل الجريمة بين الفيلم والمسلسل.

ثم جاءت الحلقة الثالثة لتقلب كل الموازين، وتجعل متابعة المسلسل أمرًا لا فِكاك منه بالنسبة لي، فأجدني أشاهد ما يقرب من سبع حلقات متتاليات بذات الليلة لأوازن مشاهدتي مع بقية متابعي المسلسل وأتلقى الحلقات الجديدة مثلي مثلهم، والعجيب أنني شاهدت الحلقات السبع دون ذرة كلل أو ملل، فكانت المتعة الخالصة سائدة واحتضرت تمامًا أنفاس Gosford Park في جنبات الجراند أوتيل، ووجدتني أبحث عن حلقة ثامنة – بعد السبعة المتواليات - أتابعها!

ويتحول ظني المسُبق بالمسلسل تمامًا؛ فبعدما ظننت أن جراند أوتيل سينحصر بأكمله في غرفة واحدة لا غير، هي غرفة التشويق والإثارة، وبصياغة لُغز مستعصي الحلول يدور حوله صُناع العمل جيئة وذهابًا طيلة الثلاثين حلقة في محاولة كشفه. يفاجئني صُناع العمل بحرفتهم في استضافة مشاهدينهم ويُذهلني جراند أوتيل بتعدد غُرفه وتكامل عناصره، فيطرق أبواب الدراما والكوميديا والرومانسية بعناية، دون أن يغفل الجودة في رسم شخصياته وصياغة أجوائه، ليختار أن يُصيب الإتقان في جُلّ عناصره مع حفاظه على تعدد غرفه وتنوعها لضمان المتعة لسائر المشاهدين.

والآن دعني أصحبك إلى الجراند أوتيل لنقطع سويًا ممراته ودهاليزه المتعددة، ونخوض جولة قصيرة بين غُرفه المتباينة فائقة الجودة، فإن لم تكن من زواره خلال الشهر الكريم، ستخبُر معنا ما خبرناه قبلك وأحببناه حد الثمالة، وإن كنت من زوراه فعلًا، ستلمس معنا مُجددًا محتوياته التي ألفتها وأركانه التي أمتعتك وافتقدت المُضيّ فيها.

الغرفة الأولى: الديكورات والألوان

تامر حبيب

سبق وتطرقنا للحديث عنها، ديكورات المسلسل كانت رائعة بالفعل وتستحق كل ما نالته من ثناء، وتضافرها مع الألوان الزاهية جعل للصورة وقعًا يستجلب انتباهك وحواسك دومًا مع راحة للعين وشعور بالهيّبة حين تجوب الكاميرا طرقات الأوتيل وزواياه أو ترصد جدرانه حتى من الخارج، فضلًا عن أننا لم نختبر مستوى الديكورات بهذا الشكل في مسلسلاتنا المصرية من قبل؛ كل هذا جعل من عنصر يغيب عن مشاهدين عِدة هو محط أنظار للجميع، ويمكننا بالنهاية أن نُجمِل الأمر في قولنا المعتاد بالدارجة "الديكورات والألوان كانت حاجة فخيمة".

الغرفة الثانية: الموسيقى التصويرية

غرق ورد

موسيقى التونسي "أمين بو حافة" بلغت الامتياز، وترجمت لحظات المسلسل بأسرها في سلاسة رائعة ودون لحظة نشاز عن أجوائه، فكانت حاضرة باللقطات الرومانسية بين "نازلي" و"علي" لتبعث الدفء في ربوع الشاشة ونفوس المشاهدين، كانت راكضة ولاهثة في المطاردات ولحظات الخطر أو نشوب المفاجآت، وكانت باعثة على الشجن في مواقف درامية عديدة ربما التحمت بأذهاننا لموسيقاها الآخاذة المؤثرة. موسيقى المسلسل كانت ممتازة ودعّمتها قيادة إخراجية مُوفقة، ففضلًا عن امتياز إيقاعها وإصابته غاياته، لم نشعر بأي لحن دخيل أو أي نغمة لا طائل منها أو مقطوعة فرضت نفسها على الأمور.

الغرفة الثالثة: تطور الأحداث/إيقاع الحلقات

خضير يوجه أبطال المسلسل أثناء التصوير

عُنصر آخر يُميّز جراند أوتيل عن المسلسلات العربية الأخرى، وهو إيقاع تطور أحداثه بين حلقة وأخرى، والذي أخذ يتصاعد على نحو عجيب من حلقة لمتتاليتها دون أن يتئد أو يظفر براحة قصيرة، كل حلقة تدفع الإيقاع لأعلى وتُلهب سيرورة الأحداث أكثر فأكثر، مع العناية التامة بالحبكة والتفاصيل اللازمة لصياغة متتابعة الألغاز التي شاهدناها بالمسلسل، لينكشف لغز وراء آخر بمنتهى الأريحية ودون إثارة أي لغط وفي وقته الأنسب على الإطلاق، مثل لغز الجواب الذي حِرنا فيه منذ الحلقات الأولى وأرّقنا تساؤلنا عن محتوى الجواب الذي قد يودي بحياة "ضحى" وغيرها، لينكشف لنا اللغز قرابة منتصف المسلسل، وفي اللحظة المُثلى وعلى يد الشخصية المُثلى لإثارة ترقب يُدير رؤوس الجميع، تامر حبيب كان أستاذًا في حفاظه على رتم مسلسله دون شائبات المط والتطويل أو استسهال الحبكة وإهدار التفاصيل، فاستطاع أن يركض بنا عبر الحلقات دون ذرة كلل، بل تطلع تام لِما هو آتٍ، وإن كانت اختلت هذه المعادلة في آخر حلقتين من المسلسل، إلا أنها تظل نقطة تُحسَب لتامر حبيب وخضير والمسلسل بأسره، فلا أتذكر مسلسل عربي استطاع أن يًصيب هذا التصاعد المُطرد في رتم حلقاته مثلما فعل جراند أوتيل.

الغرفة الرابعة: التصوير والمؤثرات البصرية

أنوشكا

كانت في أبهى حُلة، هناك تكوينات بصرية ببعض مشاهد المسلسل آسرة؛ مشهد نهاية "ورد" على سبيل المثال كان بديعًا وذو وقع ثقيل على النفس، بدءًا من عراك ورد مع قاتلها على القارب وحتى تسقط في الماء فتغوص صوب القاع مُحَملّة بالثقل الذي رُبطً في ساقيها.. تتابع لحظات المشهد يجعله مؤثرًا بشدة وتكوينه البصري يجعل وقعه لا يفارقك، فلقطة مثل التي ركزت على ساقيّ ورد الموثقتيّن وهي تغوص في القاع وقد كبّلهما الحبل السميك دون هوادة، تترجم لك كل مشاعر قلة الحيلة وانعدام الحول والقوة لهذه الفتاة التي أغشى عينيها الذهول لمآلها ومصيرها المشئوم، وهذه في رأيي أعلى درجات الإجادة التي قد يبلغها التصوير والمؤثرات البصرية.

الغرفة الخامسة: السيناريو والحوار /الحبكة

محمد شاكر خضير

وهي المنشأ الذي انطلق منه كل شيء، فقد عهدنا تامر حبيب مؤلفًا بارعًا منذ باكورة أعماله "سهر الليالي"، وألفنا تميّزه في صياغة الحوار، لكنه هذه المرة يتفوق على نفسه بدرجات ويُصيب مستويات جديدة من الكتابة تستوجب تصفيقك إن لم تهلل لها إعجابًا.. تامر يُحكم خيوطه في جراند أوتيل ببراعة، ويرسم شخصياته بتأنٍ مُغذيًا إياها بلوازم لا يُخطئها متلقيها، ويُصقل حبكته بتفاصيل دقيقة وملائِمة تتيح له أن يبني لغزًا فوق لغز دون أن يتعثر قلمه؛ فيُدير منظومة الجراند أوتيل بثبات يُحسَد عليه وإمتاع يقتلع له الإعجاب من الجميع، نص تامر حبيب كان ممتازًا ومحُكمًا بعناية، حتى مع زلة تعجله في آخر حلقتيّن يظّل يستحق التصفيق على صياغته مثل هذا النص.. أما عن الحوار، فأستاذيته هنا لا يُشَق لها غبار، حوارات سلسة وممتعة اقترنت بشخصياتها وميّزتهم فجعلتك كمُشاهد تذوب عِشقًا بها، تامر تمكن من الحفاظ على لهجة الخمسينات الحوارية وألفاظها ببراعة فائقة، بل وزادها بتفاصيل زمنية تجعل الأمور تصرخ بتناسقها الزمني وتوائمها في شتى العناصر، مثل تغني "صديق" بأغنية "عاشق الروح" لـ"محمد عبد الوهاب" في واحدة من الحلقات.. ويتخطى تامر ذلك بنقله الحوارات الرومانسية إلى مستوى جديد لم نعهده من قبل، فيصوغ محادثات رومانسية بكلمات لا تمت للرومانسية بصلة ولكنها تحمل من أرواح شخوصها وتفاصيلهم ما يصرخ بالعشق والغرام، مثلما شهدنا في كثير من حوارات "نازلي" و"علي" أو "سكينة" و"صديق".. فضلًا عن حوارات اقترنت بمواقف بعينها لينقل على ألسنة شخصياته كلمات تفيض بقراءة مُحكمة للشخصيات ووجهات نظرهم المتباينة فتجعل منهم شخوصًا من لحم ودم فعلًا، مثل رأي صديق في "فخر هانم" بأنها تثرثر كثيرًا لأنها وحيدة، رأيه قد يُغيّر تمامًا من نظرتك إليها دون أن تشعر، أو حديث صديق مع سكينة بعد موت "ماهر" عن أن الحياة قد لا تمهل صاحبها ما يترك به ذكرى جيدة للناس، كان حوارًا بديعًا ويُلخِّص مواقف وشخصيات بالكامل في حروفه.. تامر حبيب كان رائعًا في صياغة نصه وإحكامه، حتى مع ما تردد عن اقتباسات المسلسل من أعمال أخرى فهو استطاع أن يجعل نصه وحواره ينضحان بالأصالة المصرية وعمق تفاصيلنا التي تميّزنا عن العالم أسره، ودون أن ينفصل عن زمن الأحداث لحظة.

الغرفة السادسة: الأداءات التمثيلية

جراند أوتيل

قطعًا هي أكثر غرف الأوتيل اتساعًا، وسيطول عنها الحديث شئنا أم أبينا، ففريق عمل المسلسل أذهلنا بأداءات تمثيلية مُبهرة.. بالبداية دعونا نتفق أن أمين نقطة فارقة في حياة محمد ممدوح المهنية، وأن هذا الدور سيُتيح له فرص عظيمة هو جديرُ بها دون جدال؛ محمد ممدوح في تجسيده لأمين، لم يلجأ لمجرد مجهودات حركية ترسمها ملامحه فيفوز باهتمامك، أو طريقة معينة في الحديث تسترعى تعاطفك، إطلاقًا، محمد ممدوح يستحضر روح أمين لتفعم كل تفاصيله بدايةً من مشيته وحتى لحظات تأمله حين يجلس وحيدًا، فيتألق ممدوح ويتعملق مُلتهمًا الشاشة خلال لحظات ظهوره، لتجد نفسك مشدوهًا بتفاصيله ومغرومًا بروحه الفاتنة، يبكي فينخلع قلبك، يبتسم فتتهلل أساريرك، يذوب عِشقًا بورد فتعشق عشقه لها، يغضب فتلمس طيبة قلبه حتى بذروة غضبه! كل هذا يحتاج لمجهود خرافي من ممدوح واعتناق تام لشخصية أمين بأدق تفاصيلها، واستطاع ممدوح أن يُتقن كل هذا بسلاسة تامة وتلقائية عجيبة تتنافى مع البُعد البالغ لشخصيته الواقعية عن أمين، وهذا أمر لا يُحققه سوى ممثل بارع يعرف كيف يُمسك بأدواته وكيف يتقمص شخصيته التي يلعبها فلا تتجزأ عنه؛ ليخرج لنا بأمين الذي سيقترن اسم المسلسل به دومًا.

أمينة خليل وعيناها الساحرتان التي تترجم كل شيء، هذه الفتاة ساحرة وتملك نظرات لا تحتاج لكلمات معها، هي قادرة بعينيها أن تنقل لك حزنها وضيقها أو سعادتها وغبطتها، أداء جميل مع كاريزما خاطفة وكأنها صُكَت لمثل هذه العصور، فتراها من برنسيسات هذا الزمن حتى في أدق تفاصيلها، فضلًا عن ملامحها الآخاذة بطبيعتها و"الكيوتنس" الرائعة في كل ما يصدر عنها.

"أنوشكا" العظيمة وجبروت "قسمت"، لتقدم أداءً هو عماد من أعمدة المسلسل بلا أدنى شك، نظراتها النافذة وملامحها الحادة مع ثباتها الصارم وثقتها التي لا تتزعزع ودمها البارد في اقتراف فظائعها، أداء ظفر بالعظمة وفاق الامتياز من أنوشكا.

"سوسن بدر" القديرة و"سكينة" الحازمة العاشقة بذات الآن! القاسية الطيبة بذات الآن! الرقيقة الفظّة بذات الآن!.. محمود البزاوي و"صِديق" المُحب الحكيم، الذي أوقعنا في غرامه منذ لحظة ظهوره على الشاشة، ودور يثبت أن البزاوي ممثلًا من العيار الثقيل، بإمكانه أن يرفرف بك في أي منطقة يرغبها مهما كانت مساحة الدور.. "عمرو يوسف" ونضجه الواضح في الأداء، "محمد حاتم" وتطور شخصية "إحسان" بتناوب المواقف المختلفة عليها.. الرائعة "شيرين" في دور فخر هانم التي آسرتنا بثرثرتها خفيفة الظل، ودور يبرهن أن شيرين ممثلة بارعة قادرة على التأثير مهما كانت طبيعة الدور.. الجميلة "رجاء الجداوي" وبراعتها المعهودة.. "دينا الشربيني" وورد التي ظفرت بكراهية الجميع.. "ندا موسى" في دور "آمال" وأداؤها المميز فتجعلك لا تحتمل ظهورها على الشاشة في مشاهد بينما ينفطر قلبك لها في مشاهد أخرى، حتى "خالد كمال" و"أمير صلاح الدين"، و"مي الغيطي" في أدوارهم الصغيرة أجادوا للغاية.. ربما واجهتني فقط مشكلة في أداء "أحمد داوّد"، الذي لم يقنعني بالشكل الكافي، وإن راقني أدائه في الحلقتين الأخيرتين.. الأداءات التمثيلية كانت رائعة ومتقنة لأبعد الحدود.

الغرفة السابعة: الإخراج

أمين بوحافة

محمد شاكر خُضير والذي لن يحتاج للحديث بعد ما عددناه من عناصر عمله المميزة وما رصدناه من كفاءات تخرج من عباءة توجيهه، خُضير كان قائدًا ممتازًا لفريق عمله ومترجمًا حالمًا وبديعًا لنص تامر حبيب، يعرف كيف يصوغ صورته وكيف يُسخِّر أدواته ويوجِّه ممثليه، ليخرج لنا بواحد من أفضل الأعمال الرمضانية لهذا العام، وربما واحدًا من أفضل المسلسلات المصرية في السنوات الأخيرة؛ فيتركني وقد اعتزمت انتظار عمله المُقبِل بفارغ الصبر وربما أشاهد عمله الذي فاتني - مسلسل "طريقي" - بحثًا عن المتعة التي مدّني بها في جراند أوتيل.

وبعد جولتنا تلك، لا مجال للشك بأن جراند أوتيل عمل متميز متكامل العناصر، فرض جودته وأبهر بها الجميع، حافظ على منظومته وإحكام حبكته طيلة حلقاته، ربما كان صُناعه بحاجة للتأني قليلًا في حلقتيه الأخيرتين، لأن لملمة الخيوط فيهما لم تكن بذات المستوى الرائع الذي عهدناه في بقية المسلسل وخَفضّت من أسهمه بطريقة كان من السهل جدًا تلافيها، لكنه في النهاية يبقى عملًا متميزًا يحترم مشاهده ويضمن له المتعة؛ فلو سألني أحدهم عن عمل يتابعه مما فاته في رمضان، سيكون جراند أوتيل هو الترشيح الأول الذي يرِد لذهني، بمتعته الخالصة وتكامل عناصره وتنوع تفاصيله.. فإن لم تكن من زائري جراند أوتيل، عليك بزيارته ودخول غرفه المتعددة للتمتع بضيافة صُناعه الكريمة.




تعليقات