كوميديا "أرض النفاق" سلاح ذو حدين

  • نقد
  • 05:51 مساءً - 7 يونيو 2018
  • 5 صور



قدرته على تلوين صوته حتى أصبح لصوته بصمة مميزة لدى المتلقي، واللغة الجسدية الخاصة التي يستخدمها إضافة إلى إفيهاته الحاضرة في آذهاننا جيل بعد آخر، حتى أصبحت جزء من كلامنا اليومي المعتاد، كل ذلك يذكرك بفنان كوميديان ارتبط اسمه بشخصيات كارتونية، تربى عليها أجيال وشخصيات سينمائية، ومسرحية ودرامية تعتبر أيقونات الآن، هو الفنان محمد هنيدي، الذي اشتقنا إليه كثيرا على الشاشة الصغيرة، حتى عاد إلى جمهوره بعد سنوات من الغياب ينتظره عشاقه وسط زخم من الأعمال الدرامية المتنوعة، لنراه في عمل فني يحمل عنوان "أرض النفاق" للكاتب يوسف السباعي، القصة التي قدمت كفيلم سينمائي في الستينات لفؤاد المهندس، وشويكار وهنا تبدأ حكايتنا.

يطل علينا الفنان محمد هنيدي، وهو يحمل في يده سلاح ذو حدين ويحيطه الخطر من كل جانب، فما معنى ذلك؟ قدم الكوميديان مع السيناريست أحمد عبدالله خلال حلقات المسلسل سلسلة من الإيفيهات المأخوذة من أفلامه أمثال "فول الصين العظيم"، و"يانا يا خالتي" ومسرحيات مثل "ألابندا" مع نفس اللغة الجسدية المعروفة لهنيدي، مما يعد كما ذكرت سلاح ذو حدين، فهي بصمته وأسلوبه في الكوميديا التي تميز به على مدار سنوات طويلة وعشقه جمهوره من خلالها، لكن تكرارها الآن مرة آخرى يمكن أن يستقبلها البعض بضحك، وبالأحرى ابتسامة، نوستالجيا يتذكر بها طفولته أو شبابه، أو ينفر منها البعض الآخر لأنه يعتبرها "فلس فني"، أي كأن الكوميديان المعشوق يرفع لافتة مكتوب عليها "ليس لدي جديد لأقدمه"، خاصة مع منافسته القوية لأعمال كوميدية آخرى، يعتبر من قدموها صنعوا طفرة في الكوميديا – اتفقنا معهم أو اختلفنا – ولكن تلك الطفرة تتحدث لغة العصر، وكوميديا الزمن الحالي، ومواقف الحياة اليومية ومثال على ذلك مسلسل الوصية لأكرم حسني، وأحمد أمين الذي لفت الأنظار، ولاقى استحسان كبير بسبب ذلك مما يؤكد أن الذوق الفني العام خاصة في الكوميديا اختلف تماما في الثلاث أو الأربع سنوات الآخيرة.

ما جعل الخطر يزيد حول مسلسل "أرض النفاق" هو تطابقه في كثير من المواقف والإفيهات، وأيضا المشاهد من فيلم "أرض النفاق" وهنا أعلن عدد كبير من المتلقين على مواقع التواصل الإجتماعي، تذمرهم من عدم تقديم أى جديد سواء من ناحية المواقف والإيفيهات أو من ناحية الفكرة، ولذلك أصابهم الإحباط بعد الحماس، والانتظار سنوات لمسلسل هنيدي، ففكرة حبوب النفاق والشجاعة التي تبدل حال الناس إن كانت مقبولة في ستينات القرن الماضي فلن يقبلها متلقي القرن الواحد والعشرين لأنه يراها سذاجة، وفانتازيا سطحية مبالغ فيها مثلها مثل فكرة "طاقية الإخفاء" فهى لا تناسب الزمن، والعصر الحالي بكل ما يتضمنه من تكنولوجيا أو حياة مجتمعية، ومشاكل مغايرة تماما لفترة الستينات، إلا أن فكرة حبوب النفاق، والشجاعة والبخل، والمروءة كان من الممكن أن تقدم بشكل آخر أكثر جذبا للمتلقي بحيث تناقش كل حلقتين أو ثلاث حلقات موضوع منهم بإيقاع سريع، وأحداث متتالية بعيدة عن الملل والرتابة والتكرار، مبتكرة المواقف والإيفيهات مع توصيل الرسالة المراد توصيلها وهى أن كل صفة منهم مقترنة بمسئولية على من يحملها، و بذلك يصل للهدف المرجو بشكل جديد يتحدث بلغة المتلقي، ويجسد حياته اليومية بكل ما فيها من مواقف ومشكلات وهنا يحقق العمل الفني المعادلة الصعبة، من تقديم محتوى هادف في شكل جذاب ومواكب للعصر الحالي، وبذلك يستطيع مخاطبة كل الأجيال خاصة عندما يقدم ذلك المحتوى من خلال فنان ذو قاعدة جماهيرية تقدر بالملايين سواء داخل مصر أو خارجها.

لا أستطيع أن أنكر براعة صناع المسلسل في تسكين الأدوار خاصة الفنانة هنا شيحه في دور "جميلة"، الذي قدمته بأسلوب كوميدى مليء بالسلاسة والتلقائية، وهو ما أبدعت فيه، وأيضا عين ورؤية المخرج الذي أختار الفنانة القديرة "سلوى محمد علي" لتقدم دور راقصة بتلك التفاصيل، التي ظهرت بها سواء من ناحية الشكل أو الأداء التمثيلي بالإضافة إلى الفنان محمد ثروت في دور حسن، والفنان محمود حافظ في دور زكريا، فقد قدم كل منهم لون كوميدي مميز يضاف إلى رصيده الفني، لكن عازفين موهوبين بدون مايسترو مبدع يعزف ما يحتاجه، ويطلبه الجمهور لا ينتج مقطوعة موسيقية تترك بصمة عند المتلقي خاصة بعد أن يغادر المسرح.


وصلات



تعليقات