مخرجا أول مسلسل هندي من إنتاج نتفليكس: "ألعاب محرمة" حررنا من كل القيود

  • حوار‎
  • 12:41 مساءً - 3 يوليو 2018
  • 7 صور



في السادس من شهر يوليو الحالي، تبدأ شبكة نتفليكس بث مسلسل "Sacred Games " أو "ألعاب محرّمة"، أول عمل تقوم الشبكة الأكبر في العالم بإنتاجه في الهند. وهو مأخوذ عن رواية الأكثر مبيعًا بنفس العنوان للكاتب فيكرام تشاندرا، عن محقق شرطة يتعقب مسيرة رجل العصابات الأخطر في مدينة مومباي، والذي تروي حكايته قصة المدينة خلال الأربعين عام الأخيرة.

المسلسل من إخراج الثنائي فيكراماديتيا موتواني وأنوراج كاشياب، ويلعب بطولته فريق من النجوم يتصدرهم نجم بوليوود سيف علي خان، ومعه نواز الدين صدّيقي، وراديكا أبتى. قابلنا مخرجي المسلسل في جلسة جمعتهما بعدد محدود من الصحفيين العرب، لنحاورهما حول المسلسل المرتقب.

ما التغييرات التي قمتما بها في المسلسل مقارنة بالأصل الروائي؟

فيكراماديتيا موتواني: احتجنا للتعديل بالتأكيد في ظل الاختلاف بين الوسيط الروائي والدرامي، تمسكنا بشخصيات الكتاب وحكايته لكن غيرنا بعض التفاصيل لجعل الأحداث مفهومة ودرامية ومعاصرة.

أنوراج كاشياب: التغيير الأكبر كان تعديل زمن الحكاية؛ أحداث الرواية تدور عام 2004، في الوقت الذي كان لدينا نفس الحكومة التي تحكم الدولة الآن، لذلك فلا يوجد فارق كبير في أحداث الزمن الحاضر بما يجعل من المنطقي أكثر أن تدور أحداث المسلسل في الوقت الحالي. ناهيك عن الحسابات الإنتاجية؛ تصوير أحداث تدور في السبعينيات والثمانينيات أسهل بكثير من تصوير مشاهد حدثت قبل 15 سنة. سنكون في الحالة الثانية بحاجة لسيارات وهواتف محمولة واكسسوارات عديدة ليست الصعوبة فقط في العثور عليها، ولكن في أن نجدها في حالة تسمح باستخدامها باعتبارنا لا نزال في زمن صدورها، لذلك اخترنا الانتقال للحاضر.

المسلسل يمتلك خطوطًا عديدة تتعلق بالدراما والتاريخ والسياسة والثقافة العامة، بناء معقد جدًا بالتأكيد كان التعامل معه مربكًا، كيف تعاملتما مع النص؟

أ.ك.: هو مربك بالفعل، لكنه أيضًا ممتع أكثر، أن تدخل في التفاصيل وترسم بناءً تاريخيًا وسياسيًا للحكاية، هذا أمر مدهش لأنك عندما تفعله تقوم في نفس اللحظة بتحليل الحاضر الذي تعيشه. اعتدت أن أجمع المعلومات والتفاصيل ليكون فيكراماديتيا بصياغتها معًا في الدراما.

ف.م.: هناك من أطلق كذبة كبيرة بأن عليك أن تكون بسيطًا لتقدم عملًا ناجحًا، والحقيقة أن بعض التعقيد يفيد الدراما لأن المشاهد يريد أن يتفاعل مع الشخصيات ويقضي معها وقتًا طويلًا على الشاشة، التبسيط في هذه الحالة يأتي بنتائج عكسية.

أ.ك.: أعتقد أن وجود نتفليكس سيساعد على أخذ هذا الطريق، نحن نعيش في منطقة من العالم مليئة بالحكايات المعقدة، وصناع الأفلام يتمنون إيجاد فرصة لعرض هذا الواقع، لكن تواجهنا دائمًا قوى تريد التبسيط والاعتماد على النجوم، لذلك فقد كان العمل مع نتفليكس بمثابة شعور بالحرية على هذا الصدد.

- كيف قمتما بتقسيم العمل بينكما؟ أن يكون هناك مخرجان لنفس المسلسل لكل منهما أعماله وأسلوبه هذا أمر محير بعض الشيء؟

أ.ك.: منذ أن بدأنا العمل معًا كان اتفقانا واضحًا بأن على كل منا أن يحافظ على نفسه وهويته. في "العاب محرّمة" قسمنا الأدوار بشكل بسيط وواضح، فيكراماديتيا هو مدير المسلسل show runner، أنا أقوم بالتصوير وأضع أفكاري لكن كل شيء يذهب له في النهاية والكلمة الأخيرة له في الشكل النهائي للحلقات.

ف.م.: أعتقد أن هذا المسلسل بالتحديد كان في حاجة أيضًا لوجود صوتين متمايزين وطريقتين مختلفتين لرؤية الأمور، طبيعة العمل وكثافته ترفض الرؤية الأحادية.

- عادةً يكون من الصعب الدخول بنظام إنتاجي جديد على صناعة راسخة لديها تقاليدها وأساليب العمل فيها مثل الهند، هل واجهتما مشكلات من هذا النوع تتعلق باختلاف الشكل الإنتاجي الذي اعتاد عليه طاقم العمل عما تريده نتفليكس؟

أ.ك: في رأيي أن الجميع يريد الهرب من توقعات الصناعة السائدة، بما في ذلك كبار النجوم، لكن لا أحد يسمح لهم بذلك، الجمهور لا يسمح ولا الموزعين، والنظام بشكل عام يعارض التجريب. حتى نجم بحجم شاروخان عندما يقوم بالتجريب لا تنجح أعماله ويضطره الجمهور للعودة للشكل التقليدي. "ألعاب محرّمة" كان فرصة للخروج من سجن التوقعات، بما لا يعني الابتعاد عن الجماهيرية. الأرقام تقول أن أنجح فيلم في تاريخ الهند شاهده 3% فقط من تعداد السكان. هذه النسبة هي الديكتاتور الذي يحكم أفكارنا ويوجه أعمالنا. دخول نتفليكس غير القواعد، وجعل مسلسلات مثل "دارك" وهو تجريبي ومعقد مقارنة بالصناعة السائدة يلاقي نجاحًا كبيرًا بين جمهور مختلف، وهو ما نحاول الوصول له بعملنا.

ف.م.: هناك أيضًا احترام للقواعد والتقاليد والثقافة بشكل عام، لم تأت نتفليكس بطريقة وألزمت الجميع بتطبيقها، بل كان هناك شد وجذب وتفاوض. الصناعة في الهند عانت من وجود مبالغ تنفق في مراحل وسيطة بلا داعٍ فيما يسمى fixer fees، قبل عدة أعوام بدأت تجارب الإنتاج المشترك تغير هذا، وجاءت نتفليكس لتواصل طريق التغيير.

- المسلسل يتعامل في أكثر من منطقة مع مفهوم الإله، بل أن زعيم العصابة جايتوندي يصف نفسه في الحلقة الأولة بأنه إله، كيف كان العمل على نص بهذا الشكل داخل المجتمع الهندي؟ وما يمكن قوله عن هذا المحتوى؟

أ.ك.: ما يجب علينا كفنانين هو أن ننحاز للحقيقة، وما جعل الرواية تنال صداها كان تعرضها للحقيقة، وهذا ما تعلمته منذ صنعت فيلمي "الجمعة السوداء" الذي كنت أقوم ببحثي عنه وقتما كان الكاتب فيكرام تشاندرا يقوم ببحثه من أجل رواية "ألعاب محرّمة"، موضوعات ونتائج بحثنا كانت تقريبًا واحدة، لذلك أقول أن المسلسل هو نسخة خيالية من الحقيقة. تعلمنا الحذر بالخبرة، فقد تعرضت لمشكلات مع الرقابة وقت "الجمعة السوداء" وأفلامي التالية، مشكلات تجعلك تفقد برائتك وتفكر طوال الوقت في طريقة تقول بها ما تريد بشكل لا يعرضك لأزمة. الأهداف كانت موجود إذن في أعمالنا السابقة، لكن العمل مع نتفليكس يأتي بحرية أن تعرض ما تؤمن به دون قيود، بما في ذلك وجه نظر كل منّا عن الأديان وكيف يتم إساءة استخدامها في المجتمعات.

- معظم شخصيات المسلسل لديها أكثر من حكاية في خطوط زمنية مختلفة، الشخصية في الماضي تكون إجرامية عنيفة وتصير في زمن لاحق هادئة مسالمة، النشط يصبح قعيدًا وغيرها من التغييرات، كيف أمكنكما توضيح الأمر للممثلين؟

ف.م.: كان الأمر مربكًا لهم بالطبع. معظم الممثلين لم نجعلهم يقرأون الحلقات بالكامل وكنا نعطيهم أجزاءً فقط لنضمن تركيزهم، أحدهم فوجئ بأنه في بعض المشاهد سيجلس على كرسي متحرك بعدما كان سليمًا في مشاهد قام بتصويرها، بهذا حافظنا قدر الإمكان على أداءهم طوال الوقت وفي مختلف الخطوط الزمنية.

- ما الفارق بين "ألعاب محرّمة" وبين كل ما قدمه كلًا منكما من قبل؟ وكيف كان التحضير لعمل سيُعرض في اللحظة نفسها للعالم كله؟

ف.م.: ما كان مختلفًا هو لعب دور مدير المسلسل فهي وظيفة لا نعرفها في الهند. درسنا كيفية تنفيذ المسلسلات بمساعدة نتفليكس وعرفنا عن نظام العمل. أما الإخراج فقد قمت به كما أفعل مع أي فيلم قمت بتصويره. المخرج في الدراما لا بد وأن يأخذ خطوة خلف المؤلف والممثلين، ويكون هدفه هو أن يحكي الحكاية بأكثر شكل مؤثر؛ لهذا لم أشغل نفسي بتصوير عدد ضخم من اللقطات أو خلق مشهد معقد. هكذا استمتعت بالعمل وفهمت خلاله معنى أن تخرج مسلسلًا تلفزيونيًا والفارق بين الوسيطين. أخذ مني هذا بعض الوقت، خاصة وأنني لا أمتلك أي تجربة سابقة في الدراما التلفزيونية، لكن اعتقادي أن نتفليكس كانوا يبحثون عن هذا، عن مخرجين ذوي طابع سينمائي، وأثناء العمل عثرت على التوازن المناسب.

أ.ك.: بالنسبة لي كان الأمر أبسط وأوضح. ما حدث لي خلال السنوات الماضية هو صراع مستمر مع الرقابة حتى تم إسكاتي، الصراعات من هذا النوع تخلق رقابة ذاتية تجعل العمل أصعب وتجعلك تأخذ خطوات للوراء، لذلك أقول أن إخراج "ألعاب محرّمة" كان من أسهل الأعمال التي قمت بها.

- بعد خبرة من العمل بميزانيات صغيرة وأفلام مستقلة قدمتما مسلسل بميزانية ضخمة، ما الذي تعلمتماه من خبرة الميزانيات المحدودة وكان مفيدًا في صناعة المسلسل؟

أ.ك.: الميزانيات والموضوعات ذات الطابع السياسي علمتني ألا أخبر الجميع عما أقوم به، أمنح فريقي تعليمات في اللحظة الأخيرة قبل أن يتسبب الأمر في مشكلة لا سيما إذا ما كان التصوير وسط حشود أو مجاميع. في أحد مشاهد المسلسل هناك رجل هندوسي يستفز المسلمين خارج أحد المساجد بالبصق على طعامهم. كان علينا إخفاء الممثل خلال الفعل حتى لا يراه أحدهم فيتسبب في كارثة، خاصةً وأننا نخفي الكاميرا لضمان تصرف الناس بشكل طبيعي مما يعني أن الفعل سيتم أخذه باعتباره واقعًا وليس مشهدًا تمثيليًا. كنا نصور ونختفي خاصة وأن هناك أشخاص يتواجدون في هذه الأماكن خصيصًا للبحث عن مشكلة.

التصوير وسط الحشود عمومًا صعب، في الهند الصناعة السائدة لديها ثقافة التصوير داخل الستوديو باستخدام مجاميع ضخمة، بينما نقوم نحن بالتصوير في الأماكن الواقعية. في بلد هائل الازدحام مثل بلدنا من المستحيل أن تخلي شارعًا أو توقف طريقًا من أجل مسلسل، عليك فقط أن تتصرف وتصوّر مشاهدك دون أن ينتبه لك أحد وإلا ستجد الجميع يعبرون أمام الكاميرا وينظرون في عدستها، لدرجة أننا كنا نصوّر أحيانا دون أن نخبر الممثلين بمكان الكاميرا. في هذه الحالات أنت لا تقوم بخلق أو إبداع شيء، بل تصور على طريقة الأفلام التسجيلية وتراهن على قوة الصورة الواقعية.

ف.م.: الطريف إنه برغم كون سيف علي خان هو النجم الأشهر، إلا أن لحيته وشكل ملابسه لم يجعل الناس يتعرفون عليه بسهولة في مواقع التصوير، بينما كانوا يتعرفون أكثر على نواز الدين صديقي صاحب الشهرة الأقل لأن شكله كان واضحًا.

الممثلون في المسلسل هم مزيج من نجوم هوليوود الكبار مثل سيف علي خان، ممثلين من السينما المستقلة والمغايرة مثل نواز الدين صديقي، وعدد من الوجوه الجديدة، كيف قمتما ببناء هذا الكاست المثير؟

ف.م.: اعتمدنا علي فريق رائع لإنجاز اختيار الممثلين أو الكاستنج. ساعدنا في ذلك أمرين أولهما الرواية التي تمتلك العديد من الشخصيات المثيرة بما يسمح باختيار عدد كبير من الممثلين الجيدين، وعندما تكون الشخصية مكتوبة بعناية وواضحة المعالم يسهل اختيار من يقوم بها مثلما كنا نعلم من البداية أن سيف علي خان هو المناسب لدور البطولة. الأمر الآخر هو الحرية الممنوحة لنا لاختيار ما نحب من الممثلين، دون اشتراطات للاستعانة بنجوم أو قيود تجبرنا على اللجوء للهواة، لذلك كان محركنا الوحيد هو البحث عن أفضل ممثل لأداء كل دور.

يمكن مشاهدة حلقات مسلسل "ألعاب محرّمة" كاملة على شبكة نتفليكس بدءً من 6 يوليو الحالي


وصلات



تعليقات