البدلة يقدم الـ "Happy Meal"

  • نقد
  • 12:58 مساءً - 30 اغسطس 2018
  • 2 صورتين



وسط مشقة العمل وساعاته الطويلة وزحام المرور ومسئوليات الحياة والمشاكل التي لا تخلو حياة أى شخص منها، باختصار تشعر أنك – كما يقال – تدور في ساقية - تتمنى ولو ساعة راحة، وليس أى راحة بل تلك الساعة التي تفصلك عن واقعك وتجعلك في عالم آخر، تلك الحالة التي يشعرك بها أى فيلم جيد ومبهر، فيأخذك لعالمه وكأنك واحد من أبطاله حيث حالة المعايشة، فتشعر بالألم والحزن والكآبة في حالة أفلام الدراما والتراجيديا أو ينتابك الضحك والفرحة في حالة أفلام الكوميديا، خاصة عندما يأتي الضحك من القلب حرفيا، تلك البصمة والحالة التي تشبه جلسة يوجا أو جلسة من جلسات التأمل وتصفية الذهن فتأتي نتيجتها الفورية على النفس، ذلك بالظبط ما يتركه فيلم "البدلة" على نفوس المتلقين الذين تنوعت أعمارهم من الطفل للكبير للعجوز خاصة مع براعة المؤلف أيمن بهجت قمر في اختيار المواقف التي يجسدها الفيلم وتنبع من خلالها الكوميديا، فالفيلم يعتمد على كوميديا الموقف، فقد اختار المؤلف عدد من المواقف والأحداث القريبة من نسبة كبيرة جدا من الشعب المصرى مثل مباريات كرة القدم، فمشهد مباراة كرة القدم يستخدمه نجوم وصناع الكوميديا ككارت رابح ومدخل مضمون للمتلقين بما يتضمنه من دور الحَكَم داخل الملعب من إنجاح أو إفشال المباراة وكونهم "الشمّاعة" التي يعلق عليها الجمهور فشل الفريق الذي يشجعه سواء كان هو السبب فعلا أو لا، كما استخدم المؤلف المواقف التي تحدث في كمائن شرطة المرور وتعاملهم مع المارة والسائقين، فقد عرض ذلك بشكل كوميدي ساخر يجمع عدد من المواقف التي تحدث بالفعل بإيقاع سريع وجمل مقتضبة أشبه بالإسكتش الكوميدي، فإذا لمسنا تشابه كبير بين عدد من مشاهد الفيلم وبين كونها إسكتشات كوميدية فذلك لا يضعف من العمل شيئا لأن مخرج العمل محمد العدل أبدع في تضفير ونسج تلك المشاهد أو الإسكتشات مع بعضها البعض بحيث نرى ونفهم الربط بينهم ولا يجعلك كمتلقى تتساءل "ما علاقة هذا بذاك؟".

الملفت في فيلم "البدلة " هو الإفيهات الجديدة غير المستهلكة التي –من وجهة نظري – سوف تعيش ويرددها الكثيرون وتضاف للغة جيل الشباب –اختلفنا معها أو اتفقنا – لكن من فترة ليست بقصيرة لم نشاهد عملا كوميديا يقدم إفيهات يرددها المتلقون فور خروجهم من قاعة العرض كما حدث مع هذا العمل الفني، وبالطبع كما يقولون "القالب غالب" أي الأهم هو من يقول الإفيه ويرسم الابتسامة والضحك على وجوه المتلقين خاصة عندما يكون فنان محبوب صاحب جماهيرية كبيرة سينمائيا بعيدا عن كونه مطرب ناجح، تلك الجماهيرية التي تصنف بثلاثية الأبعاد أى جمهور وعشاق من جميع الطبقات والأعمار وذلك كان واضحا من حجم ونوعية الجمهور الذي ملأ قاعة العرض وظهر عليه الاندماج الكبير مع كل حركة جسد أو إفيه أو رد فعل كوميدي من الفنان تامر حسني، وأيضا من الكوميديان الذي استطاع أن يستحوذ على حب أعداد هائلة بموهبته الكوميدية التي ظهرت مع شخصية سيد أبو حفيظة ومنها انتقل لشخصية "إبو" فى مسلسل الوصية ثم شخصية "حمادة" في فيلم البدلة، فنستطيع أن نقول أن الفنان أكرم حسني يتدرج سلم النجاح بخطى ثابتة، فقد ظهرت الكيمياء بين هذين الفنانين على الشاشة أو بمعنى أصح "يفرشون الإفيه" لبعضهم البعض، كما تأكد ذكاء المخرج في اختيار الفنانة دلال عبدالعزيز في دور "نجاة" حتى تكمل مثلث الكوميديا ببساطتها وأدائها التمثيلي التلقائي الذي خلق لها جمهورا كبيرا من الأجيال الجديدة أيضا.

بعيدا عن تكلف الأعمال الفنية سواء دراميا أو إنتاجيا أو التركيز على مشاهد الراقصات والمحتوى الهابط أو الاعتماد على الأكشن لمجرد الأكشن اللامعنى له ولا مهنية به، يأتي فيلم البدلة الذي يتركز على تلك البدلة بدلة الظابط التي يرتديها أحد الأبطال بشكل غير رسمي فهو ليس ظابطا وذلك لينال اعجاب حبيبته فيدخل في عدة مشاكل هو وخاله بسبب انتحال صفة ظابط وتتوالى الأحداث التي يتجرد بها العمل من أي تكلف أو إسفاف ويخرج كعملا فنيا بسيطا كوميديا مناسبا لكل أفراد الأسرة المصرية ويكفيه أنه يرسم الابتسامة والضحك على وجوه المتلقين من بدايته وحتى ينتهى، كما يكفي صُنّاعه أيضا الاعتراف قبل بدىء أحداث الفيلم أنه مستوحي من فيلم أجنبي فهنا يريدون أن يقولوا "هذا الفيلم للمتعة والضحك فقط دون أى تعقيدات أو انتقادات".


وصلات



تعليقات