الأقرب للفوز بالأوسكار.. الجزء الأول: السياسة والأبعاد الاجتماعية تسيطر

  • مقال
  • 01:38 مساءً - 12 فبراير 2019
  • 7 صور



تتجه أنظار متابعي السينما بالعالم كل عام في الرابع والعشرين من فبراير إلى مسرح دولبى بولاية كاليفورنيا لمتابعة حفل توزيع جوائز اكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الواحد والتسعون المعروفة باسمها الشائع "الأوسكار" والتي تعتبر من ارفع الجوائز السينمائية في العالم و يعتبر حفل توزيع جوائزها بمثابة عيد لعشاق الشاشة الفضية.

يعتبر حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام مُسيس بدرجة كبيرة كعادة السنوات الأخيرة بجانب مراعاة البُعد الاجتماعي بترشيح لصناعي الأفلام من الأقليات سواء الأمريكيين من الأصول الافريقية أو مكسيكية أو لاتينىية ولا نغفل المثليين جنسيًا.

فعلى سبيل المثال، يمكننا أن نطلق على حفل توزيع الأوسكار هذا العام “Oscar So Black” على غرار ما فعله بعض النشطاء عام 2015 بإطلاق هاشتاج #OscarSoWhite في إشارة لعدم ترشيح أصحاب البشرة السمراء من صانعي الأفلام فيما عدا فيلم “Selma” الذي رُشح لجائزتين فقط ولكن حدثت بعض التوازنات و المواءمات في الأعوام التالية، أبرزها هذا العام بترشيح ثلاثة أفلام دفعة واحدة لجائزة أفضل فيلم من أفلام تنتمي إلى الأمريكيين من أصل أفريقي.

ولا نغفل أيضًا البُعد السياسي بترشيح فيلم ”Vice” كأفضل فيلم، على الرغم من أن بعض النقاد أشادوا بالفيلم من ناحية التمثيل والسيناريو فقط ولم يصفوه بالفيلم الكامل، وفي الحقيقة ان هناك مشاكل كثيرة بالفيلم، ومع ذلك تم ترشيحه لجائزة أفضل فيلم لكونه يتهكم على الجمهوريين في فترة حكم جورج بوش الابن من خلال شخصية نائبه "ديك تشيني" الشخصية الرئيسية في الفيلم، ومن المعروف أن "دونالد ترامب" الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية ينتمي إلى الحزب الجمهوري. ولا ننسي أيضًا ترشيح فيلم “Bohemian Rhapsody” والذي لا يختلف اثنين على أداء "رامي مالك " به، إلا أن الكثيرين وبالأخص محبي فريق الروك "كوين" يرون أن الفيلم كان متحيز ضد "فريدي ميركيري" ولم ينقل الصورة الكاملة ناهيك على بعض سقطات السيناريو. ومع ذلك تم ترشيحه بالنهاية لجائزة أفضل فيلم لمرضاة المثليين جنسيًا كعادة كل عام. كان من المفترض أن يقدم حفل الأوسكار هذا العام النجم الكوميدي الأسمر "كيفن هارت" ولكن تم استبعاده على خلفية تغريدات قام بنشرها على موقع تويتر منذ عدة أعوام تسخر من المثليين جنسيًا ليتم اسناد المهمة لفريق الابطال الخارقين "Avengers" لتبدو تجربة جديدة، والجميع متحمس لمشاهدتها. ويقدم موقع السينما دوت كوم هذا العام تحليل وشرح لمن هم الأقرب لنيل الجائزة الأرقى سينمائيًا في العالم لعدد من الفئات المهمة على جزئين، في الجزء الأول سنسلط الضوء على جوائز أفضل فيلم، ممثل، ممثلة، ممثل مساعد وأفضل ممثلة مساعدة..

أفضل فيلم: هل يصنع روما التاريخ؟

على مدار تاريخ الأوسكار لم يستطع فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية أو أجنبي أن يحوز على جائزة أفضل فيلم بالرغم من ترشيح عدة أفلام من قبل ولكن ينالها أي فيلم من قبل. يبدو أننا سوف نكون على موعد مع التاريخ هذا العام.

"روما" إنتاج مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، وكما أشرنا في بداية المقال، هناك أبعاد سياسية هذا العام لحفل توزيع جوائز الأوسكار مما يجعل فيلم "روما" المرشح الأول لجائزة أفضل فيلم، لأنه من المعروف عن الرئيس الامريكي الحالي "دونالد ترامب" أن لديه موقف متعنت بشكل قوي من المهاجرين المكسيكيين، بالأخص غير الشرعيين، مما أدى لقيامه بعمل مشروع جدار حدودي مع المكسيك لمنع المتسللين غير الشرعيين. مما يجعل فوز الفيلم بمثابة رسالة أن هناك الكثير من المكسيكيين الجيدين يعملون بالحقل السينمائي. أما السبب الثاني الذي يجعل الفيلم قريب من نيل الجائزة هو أن الفيلم من إنتاج شبكة “Netflix” الرقمية، ومن المعروف أن قواعد ولوائح الاكاديمية تمنع ترشح أي فيلم عرض مباشرة تلفزيونيًا أو على التطبيقات الرقمية مما جعل الشبكة تقوم بعرض أفلامها بدور العرض بشكل محدود حتى يتسنى لها الفرصة للترشح لجوائز الأكاديمية. فربما يفوز الفيلم بجائزة أفضل فيلم حتى لا تُتهم الأكاديمية بالتحيز لصالح الاستديوهات الكبيرة والمستقلة بهوليوود.

أما على الصعيد الفني، يعتبر الفيلم واحد من أفضل أفلام السنة وتعتبر تجربته البصرية بمثابة لوحة فنية كل مشهد منفصل عن الأخر. تدور أحداث الفيلم عن ذكريات مخرج الفيلم الرائع "ألفونسو كوارون" أثناء طفولته من خلال الشخصية الرئيسية "كليو" التي تعمل مربية وخادمة لعائلة من الطبقة المتوسطة العليا بحي روما بالمكسيك. وقد صرح "كوارون" من قبل أن اسم المربية الحقيقي هو "ليبو" والذي قام باهدائها الفيلم كما ظهر بتتر النهاية. وفي حالة عدم فوز "روما" سيكون الأقرب الثلاثة التي تنتمي لاصحاب البشرة السمراء وهي "Green Book" و "BlacKkKlansman" و "Black Panther". ويعد "Green Book" الأقرب لتميزه. تدور أحداث الفيلم عن قصة حقيقية حول العلاقة بين موسيقي أمريكي ذو أصول أفريقية وسائقه الإيطالي العنصري وتطور العلاقة بينهما لتصبح صداقة أبدية. أما بالنسبة لـ"BlacKkKlansman" يعتبر ترشيحه تكريم للمخرج الحقوقي الأسمر "سبايك لي". وأخيرا ترشيح "Black Panther" لم يكن لحساب التوازنات فحسب بل أيضًا لأنه ينتمي إلى نوعية أفلام الأبطال الخارقين التي اتهمت الاكاديمية مرارًا أنها لا تحبذ ترشيح هذه النوعية من الأفلام. وكان من المفترض أن تضيف الأكاديمية فئة جديدة للجوائز وهي أفضل فيلم تجاري، ولكن تم استبعاد الأمر هذا العام لتجد الاكاديمية ضالتها أخيرًا.

تبدو فرص الأفلام الأربعة الأخرى المرشحة لنيل الجائزة ضئيلة وهى "Bohemian Rhapsody" و "Vice" و "The Favorite" و "A Star Is Born" وفي حالة فوز اى منهم ستكون مفاجأة الحفل.

أفضل ممثل: منافسة محتدمة بين "رامي مالك" و "كريستيان بيل"

تبدو الفرص متساوية بشكل كبير بين الممثل الأمريكي ذو الأصول المصرية "رامي مالك" والممثل الأمريكي "كريستيان بيل" لنيل جائزة الأوسكار كأفضل ممثل لهذا العام .

"رامى مالك " استطاع أن يكون مفاجاة العام الماضي بدون منازع لأدائه شخصية نجم الروك وفريق "كوين" "فريدي ميركيوري" وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت له بمجرد علم محبي فريق الروك الشهير باختيار المخرج "برايان سينجر" لأن مالك لعب الدور على حساب "ساشا بارون كوهين". إلا أنه أثبت جدارته. ويعتبر هذا الترشيح الأول لمالك لجائزة الأوسكار.

أما عن الممثل الفذ "كريستيان بيل" لن يكون بالمنافس الهين بالنسبة لمالك هذا العام. ومن المعروف عن "بيل " أنه لديه مرونة جسدية في اكتساب وفقد الوزن بشكل كبير لتتناسب بنيته الجسدية طبيعة الدور.

"بيل" مرشح هذا العام كأفضل  ممثل عن فيلم “Vice “ والذي يقدم من خلاله شخصية "ديك تشيني" نائب الرئيس الأمريكي "جورج دبليو بوش" الذي اكتسب بسببه الوزن بشكل كبير، بل امتد الأمر لعمل تمارين وتدريبات خاصة لتكثيف رقبته ليصبح صورة طبق الأصل من "تشيني".

يعد هذا الترشيح الرابع لـ"بيل" فقد كان سبق و فاز بها عام 2011 عن فيلم “The Fighter” كأفضل ممثل مساعد ورشح لها مرتين أعوام 2013 و2015 كأفضل ممثل مساعد عن فيلم “American Hustle “ و “The Big Short”.

أما عن المرشحين الثلاثة الآخرين رغم ثقل أسمائهم وثقل أدوارهم، ولكن تبدو فرصهم بالفوز صعبة هذا العام ويبدو حظهم العاثر أوقع بهم هذا العام في التنافس مع "مالك" و"بيل".

أفضل ممثلة: "كلوز" الأقرب و لكن تظل جميع الخيارات متاحة

تعد الممثلة الأقرب لنيل جائزة أوسكار أفضل ممثلة هذا العام هي الممثلة الكبيرة والمخضرمة "جلين كلوز" البالغة من العمر 71 عامًا، والتي رشحت من قبل لجائزة الأوسكار ستة مرات، ثلاث منها كأفضل ممثلة مساعدة و ثلاث كأفضل ممثلة.

"جلين" قدمت هذا العام فيلم “The Wife” المقتبس عن رواية لـ"ميج ووليتزر" وتدور أحداثه عن زوجة أديب شهير مرشح لجائزة نوبل للفنون ولكن العلاقة بينهما بها الكثير من التوتر، واتسم أداء "كلوز" بالتعبير اكثر بلغة الجسد والتعبيرات والانفعالات الهادئة طوال الفيلم على الرغم من الصراع النفسي بينها وبين زوجها.

أحد أهم الأسباب التي تقرب جلين من الجائزة هى أن الفيلم عرض في وقت مبكر من العام الماضي، ومع ذلك ظل أداءها عالق بأذهان النقاد وأعضاء الاكاديمية، ومن المتعارف عليه دائمًا أن ترشيحات الأوسكار تميل إلى الأفلام التي عرضت في الربع الأخير من العام. ولكن في حالة عدم فوز "جلين"، فهناك ثلاثة مرشحات أخريات تعتبر فرصهن بالفوز متساوية وهن: مغنية البوب "ليدي جاجا" عن فيلم “A Star Is Born”  الذي يعتبر واحد من أجمل الأفلام الرومانسية البسيطة التي قدمت في السنوات الأخيرة. ويعتبر أداء "جاجا" بمثابة مفاجأة للنقاد رغم كونها مطربة بوب طالما نالتها الانتقادات، وعلى رغم من انفعالاتها الزائدة في بعض مشاهد الفيلم، إلا أنها نالت إشادات واسعة من النقاد، ويعتبر هذا الترشيح الثالث لـ"ليدي جاجا" فسبق ورشحت لعام 2015 كأفضل أغنية ومرشحة أيضًا هذا العام كأفضل أغنية.

أما عن البريطانية "أوليفيا كولمن" التي أدت هذا العام دور الملكة البريطانية "آن" في التحفة الفنية "The Favourite" وكان من المعروف عن إصابة الملكة بالسمنة والعرج، مما زاد صعوبة الدور على "أوليفيا" التي أتقنت تفاصيل الشخصية بشكل كبير إلى جانب غرابة أطوار الشخصية التي أكسبت "كولمن" ثقل في الأداء التمثيلي مما يجعلها إحدى المقربات للجائزة، ويعتبر هذا الترشيح الأول لـ"أوليفيا" لجائزة الأوسكار. أما آخر المرشحات القريبة للجائزة فهي المكسيكية "ياليتزا ابارسيو" عن فيلم "روما" والتي يعد ترشيحها واحدة من مفاجآت هذا العام. "ياليتزا" البالغة من العمر 25 عامًا لم يسبق لها التمثيل من قبل وترشيحها جاء على حساب أسماء قوية بعالم التمثيل مثل "إيميلي بلانت". "ياليتزا" قدمت دور المربية والخادمة الفقيرة "كليو" والتي تعمل لدى عائلة من الطبقة المتوسطة العليا في بداية السبعينيات من القرن الماضي وكانت ملامحها وطبيعتها الجسدية مناسبة جدًا للشخصية التي قامت بأدائها لدرجة أنك تشعر في مشاهد كثيرة أثناء مشاهدة العمل أنها لا تمثل وتتصرف بتلقائية متناهية. أما عن المرشحة الخامسة والأخيرة فهى الممثلة الكوميدية المميزة "ميليسا مكارثي" عن فيلم “Can You Ever Forgive Me“ فتعد فرصها ضئيلة إلى حد ما، على رغم من أدائها المميز بالفيلم وترشيحها عنه كأفضل ممثلة في جميع المناسبات السينمائية مثل جوائز الكرة الذهبية، جوائز رابطة الممثلين الأمريكيين وغيرهم من المناسبات. ويعد هذا الترشيح الثانى لـ"ميليسا"، فالترشيح الأول كان عام 2012 كأفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "Bridesmaids".

أفضل ممثل مساعد: جائزة محسومة

تعتبر جائزة أفضل ممثل مساعد هذا العام محسومة بشكل كبير للنجم الأسمر "ماهرشالا علي" والذي يعد الآن في مصاف النجوم الكبار."ماهرشالا" نال من قبل جائزة الأوسكار عام 2017 عن فيلم "”Moonlight كأفضل ممثل مساعد أيضًا. وما يميز "على" أنه كلما ترى عمل جديد له، تشعر أنك تشاهد ممثل آخر. وفي العام الماضي قدم في فيلم "Green Book" الذي قدم من خلاله دور مغاير تمامًا عن فيلم “Moonlight”، فنحن أمام قصة حقيقية لموسيقار أمريكي من أصول أفريقية ارستقراطي يعاني من داء الوسواس القهري للنظافة يقرر أن يقوم بجولة موسيقية في ولايات الجنوب المعروفة بعدائها الشديد لأصحاب البشرة السمراء في الستينيات من القرن الماضي وعلى النقيض يقرر أن يرافقه في هذه الرحلة سائق من أصول إيطالية فوضوي ومهمل وفوق كل هذا عنصري، لتتحول هذه العلاقة المتوترة إلى صداقة بنهاية الرحلة. بالنسبة إلى المرشحين الأربعة الآخرين، فتبدو فرصهم أمام "ماهرشالا على" ضعيفة للغاية.

أفضل ممثلة مساعدة: هل ستكون الاستبعادات لصالح "ريجينا كينج

مع إعلان ترشيحات الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة، تم استبعاد بعض الأسماء التي كان من المتوقع أن تدخل قائمة الخمسة ترشيحات النهائية وهم البريطانية "إيملي بلانت" عن فيلم “A Quiet Place”، "مارجوت روبي" عن فيلم “Mary Queen Of Scots” في حين تم ترشيح المكسيكية "مارينا دى تافيرا" عن فيلم “Roma” في واحدة من مفاجآت العيار الثقيل. لكن تبدو جميع الطرق ممهدة الآن الى الممثلة السمراء "ريجينا كينج" لنيل جائزة الأوسكار عن فيلم “If Beale Street Could Talk”. ولم يكن ظهور "ريجينا" كبير بالفيلم، ولكن المشاهد التي ظهرت بها كانت مؤثرة للغاية. يعد هذا الترشيح الأول لها لجائزة الأوسكار. ربما تكون هناك منافسة قوية بين الثنائي "إيما ستون" و"راشيل وايز"عن دورهما في فيلم "The Favourite" وكان يعتبر أدائهما بالفيلم مباراة في التمثيل وسجال بينهما، ويعتبر هذا الترشيح الثالث لـ"إيمي" والتي رشحت لها من قبل لعام 2015 كأفضل ممثلة مساعدة عن فيلم “Birdman” وفازت بها عام 2017 كأفضل ممثلة عن فيلم “La La Land”, بينما يعد هذا الترشيح الثاني لـ"راشيل" بعدما فازت بها كأفضل ممثلة مساعدة عام 2006 عن فيلم “The Constant Gardener” .

ولا نغفل أيضًا المرشحة بقوة هذا العام "إيمي آدمز" عن دورها في فيلم “Vice”. إيمي قدمت هذا العام دور "ليني تشيني" زوجة النائب الأميركي "ديك تشيني" التي كانت انفعالاتها وأدائها قريب للغاية من الشخصية الحقيقية بشكل مذهل، ويعد هذا الترشيح السادس لـ"ايمي" لجائزة الأوسكار، فسبق ورشحت لها خمسة مرات، منها أربعة كأفضل ممثلة مساعدة ومرة وحيدة كأفضل ممثلة، فهل يبتسم لها الحظ هذا العام. أما بالنسبة للمكسيكية "مارينا دي تافيرا" تعتبر فرصتها ضئيلة جدًا للفوز.




تعليقات