إياد نصار... عن "غول تمثيل" اتحدث

  • مقال
  • 03:08 مساءً - 13 يونيو 2019
  • 3 صور



عندما انضممت لورش التمثيل، من أول الدروس التي تعلمتها، أن الممثل لابد أن يعتمد اعتماد كامل على أدواته، وأن المعايشة شيء متعب ولا ينصح به، ولا مانع من دراسة أي مرجع للشخصية. ولكن إياد نصار شيء مختلف تماماً، عن جميع الفنانين الموجودين على الساحة الآن، ويرجع السبب في ذلك لموهبته الفارقة، وتميزه عن عدد كبير من الممثلين الحاليين، بميزة خاصة وهي "بيذاكر الورق"، فمنذ الجزء الأول من الجماعة، استطاع أن يثبت أنه "غول تمثيل".

فنراه في دور الضابط الإسرائيلي في فيلم الممر مفاجأة مدوية بكل المقاييس، لدرجة أن الشك قد يحتل تفكيرك، بأنه من الممكن أن يكون قد قام بمعايشة مع الضباط الإسرائيليين حتى ينجح في تقمص الدور بهذا الشكل، لكن بعد مشاهدة دور "رشيد الطيار" في فيلم كازابلانكا، تأكدت أن موهبة إياد نصار طاغية على أي دور في أي عمل بنسبة 100%، فالميزة التي لدى إياد ليست موجودة عند الكثير من نجوم الساحة، وهي كيفية الانتصار بالأداء في أي مشهد أمام أي نجم مهما كان حجمه.

إياد نصار في فيلم الممر:

كازابلانكا بالرغم من أنه "نقلة" في صناعة السينما المصرية، فكان لابد أن تكون جميع عناصر العمل كاملة، فبالنسبة لإياد نصار هو أفضل ممثل في الفيلم، بدايةً عن مشهد التعارف بين الجمهور وبين الضابط الإسرائيلي القائد، كم الحرمان وشهوة الانتصار في حرب غادرة ومليئة بالخيانة، كل هذه الأفعال وأكثر استطاع أن يطلقها من خلال تعبيرات وجهه، ونظرات عينيه، وأول جمل الشخصية كانت "لسه بدك ترمينا في البحر يا جمال؟!...ابتسم ابتسم"، هذه الجملة قالتها الشخصية لصورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إياد في هذا المشهد نقل الصورة الكاملة لاحساس الإسرائيليين في هذا الوقت، وهي الغل والحقد والكراهية التي تكمن بداخلهم تجاه المصريين.

سأتوقف أيضاً عن خطبة الشخصية في العساكر المصريين الأسرى، أي ممثل من الطبيعي أن يكتفي بأدائه الطبيعي المعروف عنه، ولكن المشهد كان بحاجة لشيء آخر لكي يكون علامة في مشوار إياد نصار، فأنا أرى أن إياد من مدرسة "ترك المشهد يسير كما يشاء.. وأنا أسير كيفما اشاء"، وفي مشهده مع أحمد فلوكس، كان من الممكن أن يبتسم في وجهه عندما هدده، ولكن اكتفى "بملامح لاعب البوكر"، التي جعلت الجمهور ينقسم بين أنه سيتركه يسير، وبين أنه سينتقم منه بسبب كلامه، ورد الفعل في هذا المشهد كان "ملعوب بحرفية"، فهو حمل الفعلين. في مشهد آخر وهو التحقيق مع فلوكس، كنا ننتظر أن يعذبه بأبشع الطرق، ولكن إياد أبدع في هذا المشهد بإدارته للحوار في المشهد، والتلوين بأكثر من لون.

إياد نجح بالفعل في رفض التعاطف مع هذه الشخصية وزيادة الغضب بشكل تصاعدي طول الفيلم، حتى في المشاهد الأخيرة أمام أحمد عز وباقي الممثلين، الخوف والرعب الذي كان بداخله، كان بالفعل يبدو أنه داخل أي إسرائيلي يتم أسره في هذه الحقبة الزمنية.

الكثير من النقاد وجهوا اللوم على صناع الفيلم بسبب سرعة الرتم في نهاية الفيلم، لكن السرعة هنا كانت في مصلحة إياد، تغيير الحالة في المشاهد بين الخوف والضعف وبين الشر والطغيان كان صحيح وفي مكانه، لذلك نكرر ونقول "الدخول في الحالة مطلوب"، فمهنة الممثل ليست أكشن وكات وفركش. بالنسبة لي إياد نصار أفضل ممثل في الفيلم ومن أحد عناصر نجاح الفيلم.

وقد استطاع إياد في الفترة الأخيرة أن ينتشر بشكل كبير في السينما، وأن يشارك في عدة أعمال تتميز بضخامة الإنتاج، حيث ينتظر جمهوره بشغف شديد فيلم الفيل الأزرق 2، وعرض فيلم رأس السنة، بالإضافة إلى عدة أعمال أخرى قادمة.




تعليقات