System Crasher.. عن ماهية العنف وطبيعته

  • نقد
  • 12:36 مساءً - 18 نوفمبر 2019
  • 1 صورة



العنف لم يكن في يوم من الأيام غريزة بشرية، بل هو سلوك مكتسب في النفس البشرية، فلم يكن الإنسان عنيفًا من يوم ولادته، بل هناك عدة أنواع من العنف، ومنها عنف الطبيعة أو عنف أبوي وهو النوع الذي يغرس في العنف في خلايا الدماغ عند الأطفال، وأحيانًا يكون بسبب خلايا وراثية، والعنف في تعريفه هو صورة من صور القصور الذهني، وذلك هو الفيروس الحامل للقسوة والعنف، وهو دليل من دلائل النفس غير المطمئنة، وهناك نوعان من العنف: الأول هو العنف الأسري وهو النوع المكتسب نتيجة لسلوكيات الآباء الخاطئة، فالمعاملة القاسية تنغرس في عقل الطفل بأن هذه التصرفات طبيعية ومعتادة بين الناس وأنها الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل. وأما النوع الثاني وهو العنف المرضي نتيجة لاضرابات نفسية معينة والتي تدفعه للتعبير عن رغباته بوسائل غير طبيعية وهذا النوع من العنف يظهر في صورة سلوكيات غريبة، منها فرط الحركة بشدة أو استخدام الضجيج والصوت المرتفع أو إقدامه علي ارتكاب أعمال عنيفة يتعمد على أثرها إيذاء كل من حوله سواء من يسخر منه أو عند تعرضه للتنمر مثلما حدث في الفيلم الألماني System crasher أو مخترقي النظام، وهو مصطلح يتم استخدامه للأشخاص الذين يرفضون الانصياع لأي تعليمات أو أوامر. جاءت فكرة الفيلم للمخرجة نورا فينشيدت وهو أول فيلم روائي لها عندما كانت تقوم بتصوير فيلم وثائقي، والتقت بطفل عمره 11 عامًا تنقل بين 52 مؤسسة مختلفة في محاولة منها للتوعية ولفت النظر لهذه النوعية من القضايا الهامة التي لم تتطرق لها السينما بشكل كبير نظرًا ﻷن الاتجاه دائمًا كان للأطفال سواء من ذوي الاحتياجات الخاصة أو من مرضي التوحد، وهى الأطفال مثل بيني والتي هى محور أحداث الفيلم وهى فتاة تبلغ من العمر 9 سنوات مصابة بحالة مرضية وهى عدم القدرة على التحكم في النفس حيث تصاب بنوبات غضب متفجرة تصل إلى حد شديد الخطورة لكل من حولها، الأمر الذي أدى إلى انتقالها بين عدة منازل ومؤسسات، وقوبلت برفض شديد من عدة مؤسسات، وينتهي الأمر بهروبها في كل مكان تنتقل إليه. والسؤال الذي يفرض نفسه طوال الفيلم، والذي يعد صرخة استغاثة لكيف نحتوي هذه النوعية من الأطفال الذي ينفر منهم الجميع حتي أسرتهم وأقرب الناس إليهم وهل نقابلهم بالرفض أم نحاول استيعاب أزمتهم ونعاملهم كحالات مرضية أو نحاول إخراج الطاقات العنيفة بداخلهم وتحويلها إلى طاقة ايجابية، وهذا ما حاوله أحد المشرفين في المؤسسة المقيمة بها بييني والذي يدعي ميشا، وهو الوحيد الذي شعرت معه بالثقة والأمان والذي سافر بها إلى مكان منعزل، وفي محاولة منه لاخراج طاقتها في أعمال بدنية عنيفة ولم يكتفي بهذا، بل استضافها في منزله ليشعرها بنوع من الألفة والدفء الأسري فبدأت تستجيب نوعًا ما. وعلى الرغم من جودة الفيلم وسرعة إيقاعه وانتقاله من حالة إلى حالة خاصة لأنها أول تجربة للمخرجة، إلا أنها وقعت في فخ التكرار في كثير من المشاهد العنيفة، فالفيلم أصبح يتضمن حالة من الصراخ المتواصل والذي لا يكاد يختفي حتى يعود مرة أخرى تي، بعد ما بدأت البنت تستجيب لبعض المؤثرات الخارجية وبدأت في إظهار طاقتها الإيجابية إلا أنها سرعان ما كانت تتحول وتعود إلى حالتها، وتدمر جميع من حولها. ساعد على ذلك الموسيقى الصاخبة والنبرة المرتفعة للعمل بالاضافة إلى أن المخرجة لم تهتم بتوضيح الجانب النفسي أو الإشارة لاسم المرض المصابة به بيني أو عن أي أسباب تخص طفولتها وما تعرضت إليه بل كانت تعيش في أسرة هادئة مع أشقاءها مما يعكس رغبة الكاتبة في معايشة الحالة دون التعاطف معها ودون اللجوء إلى مخرج حقيقي لهذه المشكلة، خاصة مع نهاية الفيلم وهروب بيني للمرة العاشرة، فهل كان هذا الأمر مقصودًا؟ وأما بالنسبة لأداء الطفلة بطلة الفيلم الممثلة هيلينا زنجل فلم يختلف عليه النقاد، فهى أجادت الحالتين بشكل ممتاز ما بين ضجيج وصوت مرتفع مصحوب بفرط شديد في الحركة وعشوائية في أسلوب الأكل والحديث حتى في لحظات الفرح والهيستريا التي أصابتها عندما علمت أنها سوف تعود لوالدتها واعتلاءها الطاولة لترقص، إلا أنه سرعان ما يتحول إلى لحظات سكون.



تعليقات