لعبة النسيان.. مخافة تذكر ما نسيناه

  • نقد
  • 03:00 مساءً - 2 يونيو 2020
  • 4 صور



فقدان الذاكرة كانت التيمة السائدة في دراما رمضان هذا العام، وفقدان الذاكرة أنواع والأقرب للحدوث هو فقدان الذاكرة الجزئي، وفيه المريض يجد صعوبة في تذكر المعلومات والخبرات الجديدة وهو يحدث نتيجة اصطدام الرأس بشدة إثر حادث أو سقوط من مكان مرتفع مما يؤدي إلى ارتجاج في المخ وهو ما شاهدناه في مسلسل لعبة النسيان والمأخوذ عن الفورمات الإيطالي Mentre ero via والذي تدور أحداثه حول فتاة تستيقظ من غيبوبة بعد 4 أشهر غير متذكرة لأخر 6 سنوات في حياتها لتكتشف أنها تسببت في مقتل زوجها وعشيقها، ولكن فقدان الذاكرة في هذا العمل كان البوابة أو النافذة التي تري من أمامها البطلة مرأة لحياتها، والتي تصطدم بها كلما اقتربت منها لتضعنا أمام سؤال هام: هل أحيانًا النسيان يكون نعمة أو فرصة للانسان ليولد من جديد خاصة إذا اكتشف أن ماضيه ليس مشرفًا؟ فيصبح أمام فرصة ثانية لتصحيح مساره وهى التيمة الأقرب لمسلسل الرجل الأخر للفنان نور الشريف والذي تم عرضه عام 1999 والذي قرر من خلال العمل أن يكون الرجل الأخر المحب لله والخير والعطاء وأن يتوب عن جميع ذنوبه. على هذا الوتر يلعب الكاتب تامر حبيب والذي أثبت أنه الأجدر على اقتباس الفورمات الأجنبي وتمصيره بشكل جيد يليق بمجتمعنا بعيدًا عن أي شكل من أشكال العنف، خاصة أنه مع اقتباس أي عمل أجنبي، يكون أمام تحدي كبير لأن عدد حلقات العمل الإيطالي لم تتجاوز 6 حلقات فيصبح عليه أن يصنع قماشة درامية تملأ فراغ 30 حلقة، واستطاع إلى حد ما الفوز بالرهان، بينما شهدت عدة حلقات بعض البطء في سير الأحداث، ولكن لم يكن هذا في صناعة البناء الدرامي وتسلسل الأحداث الذي جاء جيدًا ومتشابكًا.

علي وزن الفرصة الثانية، يحاول جميع أبطال العمل تصحيح مسارهم بداية من الأب محمود قابيل الذي بدأ استعادة علاقاته مع أبناؤه مرة أخرى، والذي اكتشف أنه كان يفرق بينهما في المعاملة بالإضافة أنه كان زوجًا خائنًا، والذي قرر بعد وفاة زوجته إنشاء دار أيتام باسمها مرورًا بابنته هديل حسن والتي قررت أن تتمرد على أبيها وتحقق أمنيتها في تصنيع الإكسسوارات بعيدًا عن محاولة أبيها إدخالها في عالم المال والبزنس لإدارة أملاكه، وأما إنجي المقدم الطبيبة النفسية والتي خالفت أخلاقيات مهنتها وأصبحت لا تستطيع النظر إلى نفسها في المرآة والتي قررت هى الأخرى العودة إلى صوابها ورفضت رشوة علي قاسم للتلاعب بدينا الشربيني.

وأما عن البطلة رقية (دينا الشربيني فاستطاع تامر حبيب مع المخرج أحمد شفيق خلق جو من التشويق والإثارة على مدار 30 حلقة، فتارة يتم توجيهك بأنها شخصية مستهترة وزوجة خائنة ضاربة بعرض الحائط كل من حولها حتى ابنها، وأخرى تشعر بأنها مظلومة والقضية تم تلفيقها والصراع النفسي الذي مرت به أجادته دينا كممثلة من العيار الثقيل، فكانت تنتقل من حالة إلى حالة و من مزاج الى مزاج بتعبيرات ومشاعر مختلفة حتى في مشاهد الفلاش باك عندما تتذكر الجانب الشرير بداخلها فكان تعاملها للشر بأسلوب بسيط وهو السهل الممتنع بدون أي مبالغة في الأداء، ساعد على ذلك الموسيقي التصويرية البديعة والتي كانت المايسترو والمحرك الأساسي لأحداث للعمل بمزيج من الصخب في المشاهد التشويقية مع الشجن في المشاهد الحزينة.

لم يكتفي تامر حبيب بهذا بل سلط الضوء علي بعض القضايا الهامة ومنها الفساد الطبي، خاصة في صناعة الأدوية المغشوشة وتحديدًا أدوية السرطان والتي يتم التلاعب بها كثيرًا على حساب آلام المرضى وكذلك أموال التبرعات التي تستغلها مؤسسات كثيرة لتحقيق مكاسب شخصية بالاضافة إلى بعض الاضطرابات النفسية الأخرى مثل اضطرابات الأكل فنجد شخصية تامارا راقصة الباليه، والتي تعاني من مرض الأنوركسيا أو فقدان الشهية العصبي، وأيضا مازن ابن أحمد داود والذي يجد في تناول السكريات والأطعمة الدسمة وسيلة للهروب من معاناته النفسية والاجتماعية الي أن يلجأ الاثنان للعلاج الجماعي في إحدى مراكز التأهيل. وأما بالنسبة للحلقة الأخيرة، فتحتاج الى توقف، فالنهاية جاءت هادئة وتدعو للتسامح والغفران والنظر إلى الأمام فربما تكون إيجابية بخلاف أغلب أعمال رمضان هذا العام التي اتسمت بكم من العنف والقتل ومشاهد الانتقام، وعلى الجانب الأخر جاءت ضعيفة بعض الشيء نظرًا لأن جميع صناع العمل أكدوا أن الحلقة الأخيرة ستشهد مفاجأة غير متوقعة، مما ينذر أن الحلقة كانت تحتاج إلى المزيد من السخونة في صياغة الأحداث خاصة في مشهد مواجهة علي قاسم لوالده بجميع أخطاؤه، والذي أخفق أداؤه بعض الشيء بالنسبة لمشهد محوري في العمل. وبالنسبة لأداء النجوم فجاء في المقدمة الفنان محمود قابيل والذي مثل العمل عودة حقيقية تليق بتاريخه، يليه الفنان أحمد داود الذي لم يخذلنا مثل العادة فهو نجم يتمتع بامكانيات تؤهله للعب على أي شخصية وبالنسبة لإنجي المقدم والتي تحرص علي التنوع دائمًا فكان الدور بحاجة للهدوء الشديد والسيطرة على العواطف وهى الصفات المطلوبة في العلاج النفسي.




تعليقات