الحرامي: خليك في البيت ولكن احذر

  • نقد
  • 05:25 مساءً - 12 اغسطس 2020
  • 3 صور



في تلك الأجواء التي نعيشها حاليًا، أصبح البيت وقضاء ساعات طويلة فيه هو الاختيار الأكثر أمانًا لنا. لذلك ستجد أن كثير منا يحاول خلق المزيد من الألفة والراحة المضاعفة تجاهه وذلك سواء من خلال ممارسة الرياضة اليومية داخل البيت أو نقل وسائل المتعة والأنشطة المفضلة إليه تجنبًا لزيارة أماكن كثيرة قد لا نتمكن من التواجد بها في الوقت الحالي. ومنا أيضًا من أصبح يفكر في الأخرين بصورة أعمق وبقدرة أكبر على فعل خير؛ وأخرون قرروا أخذ تلك الفترة على نحو إيجابي وذلك من خلال تنمية لمواهب أخرى أو اكتشاف الذات والبحث عن عمل أخر ولكن الكثير منا لا ينكر أن المنزل ونظافته وتفاصيل الإصابات اليومية لذلك الوباء هو وسواس جديد لديه. وأحد هؤلاء هو طارق (بيومي فؤاد) الذي أصبح مهووسًا بالنظافة والتعقيم كذلك زوجته رانيا (رانيا يوسف) ولكنها أيضًا تهتم بشكل خاص بجلسات التأمل واليوجا وبينهما علاقة زوجية ليست الأفضل والتي يقابل فيها طارق آراء رانيا بالسخرية الدائمة، أما هى فتراه مصدرًا للطاقة السلبية. وفي ذلك الهوس واللجوء للمنزل كملجأ للأمان ترجع العائلة في يوم ما من السفر ويقومون بشراء كافة المواد التي قد تلزمهم أثناء فترة تواجدهم في المنزل. ولكن تلك العائلة ليست وحدها؛ فهناك الحرامي كمال (أحمد داش) ولكنه ليس حرامي بالمعنى المعتاد فهو بريء وطيب القلب ولكنه تورط بشكل ما لسرقتهم. ما أن يدخل كمال المنزل ويدقق في تفاصيله حتى يقول بعفوية ما شاء الله؛ وعيناه تدور بفرح طفولي. فهو ليس لديه الخبرة في السرقة حيث أنه لا يتمتع بالبنية القوية أو التخطيط الذكي الذي يمكنه من الهرب. وما أن يلوذ بالفرار ببعض المسروقات؛ حتى تعطله محاولته إنقاذ سالي (رانا رئيس) وهي إحدى بنات طارق ومن هنا يمكث معهم في المنزل؛ محاولًا الهروب في أي لحظة. بينما طارق يظل متشككًا بوجود شيء ما غريب في المنزل ولكنه يجمع أدلته دون أن يفكر بالاستعانة بالشرطة بشكل حقيقي فلديه حالة من البرود والكسل والتي قد يكون أصاب بها كذلك بواب العمارة (أحمد فتحي) الذي يتعامل بحالة من اللامبالاة بشكل مضحك. أما طفلته الصغيرة نور (بيرلا) بأدائها العفوي الخفيف تقول أن هناك ملاكًا يرتدي ملابس سوداء مع أنه من المفترض أن الملاك يرتدي الأبيض ولكنها تصادقه على أي حال.

تأتي تلك الأحداث في حبكة بسيطة لها إطار تشويقي وقد أضافت لها موسيقى تامر كروان أيضًا إيقاع مليء بالحيوية داخل الحلقات والتي سارت في جو من الحميمية حيث استخدمت كثيرًا الكادرات الضيقة القريبة من الشاشة.

العمل في مجمله استطاع أن يكون جيدًا لأسباب كثيرة فما تعيشه تلك الأسرة يشبهنا وقد يحدث تمامًا ما يحدث معهم فتلك المرحلة نعيشها كلنا حاليًا كذلك معرفة مدى قربنا من الأخرين وقوة علاقتنا بهم فرصة مرغوبة لدينا جميعًا. فالحياة بشكل عام قد لا تمنحنا تلك الأوقات كثيرًا والتي ندقق في تصرفاتنا وعلاقتنا بالاخرين هكذا ولكننا ربما نكتشف في ذلك ما قد يؤذينا أو يصدمنا. فمع وجود بعض المفارقات الكوميدية والكوميديا التي أتت بشكل خاص من اسلوب بيومي فؤاد والذي يسرق انتباهنا دومًا؛ من خلال مزيج الجدية وخفة الظل التي يتمتع بها كان مؤثرًا ومتمكنًا هنا. حيث أنه أمام مثاليته والوساوس التي لديه يقابل أخطاء من بناته فكيف يمكنه أن يتقبلها ويتعايش معها. فابنته فريدة (كارولين عزمي) تقع في مشكلة كبيرة ويصدم فيها طارق ويكشفها كمال الحرامي الذي كان يحاول من الاساس مساعدتها مما وقعت فيه.

ليست بتلك السذاجة

على الرغم من أن دافع كمال في ذلك كان حبه لسالي (رانا رئيس) فهو وعدها أن يساعد فريدة لأجلها حيث أصبح يخاف عليها من الأذى. فسالي التي اكتشفت أمره بالصدفة فتاة طيبة ورقيقة تحاول مساعدة الأخرين؛ لذلك ما أن تكتشف أن ذلك اللص قد أنقذها من الموت حتى يكون رد فعلها أن تتعاطف معه وتبحث عن نواياه وتفكر في ظروفه دون أن تحاول الإمساك به. ولكن يحدث انجذاب بينهما وهو ما تم تقديمه نوعا ما بشكل افتعالي قليلًا. ربما لو كان الامر وقف عند حدود الصداقة أو التعاطف كان مبررًا. وخاصة مع اغفال المسلسل لجانب كبير من خلفيات تلك الشخصيات ودوافعها.

فحتى وإن كانت سالي تحتاج إلى الحب والاهتمام وتشكو لصديقتها أن العالم سينتهي دون أن يكون لها حبيب يعتني بها وتحاول أن تتساءل عن علاقة أمها وأبيها. ولكن لماذا تفتقد الحب في وجود تلك العائلة حتى وإن عرض المسلسل حالة عدم التفهم بين الأبوين بشكل ساخر فهى ليست مشاكل قوية تستدعي رغبتها في الهرب وخاصة أنه هناك مشاهد تعرض الاهتمام بها والخوف عليها لذلك فكانت حالة التوتر التي تظهر على سالي وتعبيراتها غير مقنعة وبعض المشاهد بدت طفولية وساذجة وخاصة أنها أتت بشكل مفاجئ. وربما يكون ذلك بسبب مدة الحلقات التي تتراوح بين 10-13 دقيقة والتي جعلت منه مسلسل غير ممل بالمرة كما أنه في مجمله عمل جيد يلبي رغبة الجمهور في ذلك النوع ذو المحتوى الجيد السريع ولكنها أتت على حساب بعض المبررات الدرامية للأحداث.

أيضًا ما يربطنا بالمسلسل أنه قصة حقيقية وتساؤلنا هل حدث ذلك خلال تلك الشهور، هل من الممكن أن يكون لدينا داخل بيوتنا لص لطيف طيب القلب هكذا. فالسيناريست أحمد صالح قد صرح أنه أخذ فكرة العمل الأساسية من مقالة ضمن حكايات القاهرة لوائل عبدالفتاح بعنوان "لص يبحث عن عائلة" حيث وقعت احداثها في عام 2002. فاللص الحقيقي كان يبحث عن عائلة ولكن في ذلك العمل هل وجد لديهم ما كان يبحث عنه؟ فإننا سنتعاطف مع كمال ومع طيبته ومحاولته أن يحلم بالاسرة ودفئها وخاصة في مثل عمره لكننا لن نحب بعض الرسائل التي أتت في الحوار بشكل مباشر جدًا "إنه ما بيتولدش حرامي" وغيرها من الكلمات المكررة والتي جعلت الحوار ضعيف في تأثيره. ولكن المسلسل يحاول أن يقدم فكرته بانسانية وقدرة على تقبل أخطاءنا و في أخبار الكورونا جاء ليأخذ منحى أخر ويتناول بعض مشاهد تلك الفترة في بيوتنا حتى وإن كان أبسطها ما يحدث من إلقاء البعض لحيواناتهم الأليفة في الشارع. وأيضًا محاولته للاقتراب من بعض القضايا التي شغلتنا كثيرًا في الفترة الحالية من تهديد الفتيات وابتزازهم. وبالتأكيد فكرته الاساسية والتي صرح مخرج العمل محمد سلامة أنه سيكون هناك جزء ثان له ولكنه حاليًا يقوم باخراج مسلسل موسى والذي سيعرض في رمضان 2021. ولكننا نتساءل هل المشاهد الاخيرة تسمح بوجود جزء أخر من الممكن أن يكون لكمال دور في تلك الأسرة؟


وصلات



تعليقات