فيلم "خلطبيطة".. استمتع ولا تحاول أن تفهم

  • نقد
  • 11:48 مساءً - 20 ابريل 2021
  • 4 صور



ملحوظة: هذا المقال يُعبر عن رأي كاتبه فقط. كان من الصعب في عام 1994 أن يتم تقديم عملًا فنيًا (فيلم أو مسلسل أو مسرحية) يُهاجم أو ينتقد النظام الحاكم وأجهزة الدولة، وإن حدث ذلك فيكون استثناءً لبعض الفنانين أمثال النجم عادل إمام الذي قدم أعمالًا تبدو جريئة وتعبر عن وجهة نظر معارضة، مثل فيلم "طيور الظلام" الذي شوَّه صورة جماعات الإسلام السياسي أكثر مما شوَّه صورة الحكومة.

وإذا كانت أبواب المعارضة مغلقة في وجه الفنانين، فربما يكون اللجوء إلى "الفانتازيا" هو الحل الأنسب، فأفلام "الفانتازيا" تتميز بأنها غير مفهومة لكثيرًا من الجمهور.

ومثلما قدم الفنان الكبير محمود عبدالعزيز فيلم "سمك لبن تمر هندي" عام 1988، مع زعيم الفانتازيا المصرية، رأفت الميهي، قدم عام 1994 فيلم "خلطبيطة" الذي كتبه وأخرجه مدحت السباعي، والذي يحكي عن حسان ضرغام النمر (محمود عبدالعزيز) الذي يعمل أمين مكتبة ويجد نفسه فجأة في قبضة رجال يزعمون تبعيتهم لجهة أمنية تسمى (الإدارة المركزية العامة لحماية الأمن القومي الداخلي) دون أن يعرف التهمة الموجهة إليه، ويظل حسان مطاردًا من قِبل تلك الجهة، وعندما يُبلغ وزارة الداخلية يخبره المسئولون بها عن عدم وجود جهة أمنية تسمى (الإدارة المركزية العامة لحماية الأمن القومي الداخلي) ويؤكد عليه المسئولون بالوزارة أنهم سيخضعونه للمراقبة لكي يستطيعوا القبض على أعضاء تلك الجهة الوهمية. وتتطور الأحداث ويُقبض على حسان ويتم إيداعه بمستشفى الأمراض العقلية التي يخرج منها بعد فترة قصيرة ليجد نفسه يخضع لمحاكمة بنفس التهمة التي لا يعرفها، ويُحكم عليه بالإعدام رميًا بالرصاص، فيحاول الهروب ويتورط في تهمة قتل واحد من الباشاوات أصدقاء السرايا وعميل للإنجليز. ويتطور الأمر ويصبح حسان مثار اهتمام الحكومة وأحد الجرائد المعارضة للنظام حتى تتفق الجهتين في النهاية على التخلص منه بعد أن ورطهما في أزمة مصداقية أمام الرأي العام.

تمر ساعة ونصف من الفيلم حتى يُفاجأ المُشاهد بمشهد المحكمة الذي ظهر به علم مصر القديم (بلونه الأخضر والهلال والثلاث نجوم) ليعرف أن الأحداث تدور في فترة الحكم الملكي، ما قبل أحداث 23 يوليو 1952، وهو ما يتنافى مع الأحداث التي ظهر فيها حسان قبل هذا المشهد، حيث كان يرتدي ملابس تعبر عن فترة إنتاج الفيلم (التسعينيات) وقال في أحد المشاهد: " كل الحكومات من أيام محمد علي باشا لحد النهارده ما قولتش في حق ولا حكومة منها كلمة وحشة.. والحُكام بتوعنا دايمًا بذكرهم بالخير.. عمري ما قلت كلمة غلط في حق أي سلطان أو خديوي أو ملك أو رئيس جمهورية". وهو ما يعني أنه عاصر الجمهورية.

يعتقد البعض أنه تم الزج بالفترة الملكية في الأحداث هروبًا من الرقابة التي قد ترفض فيلمًا يظهر فيه المواطن المصري في عصر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك مقهورًا مطاردًا دون ذنب. وهو اعتقاد يمكن أن يؤخذ في الحسبان.

وإذا تجاهلنا نقطة الفترة الملكية تلك وحاولنا أن نفهم الفيلم بأحداثه غير المنطقية، فسنجد أن الأمر برمته يخضع لكلمة (ربما).. فربما يُقصد بشخصية حسان ذلك المواطن المصري البسيط الذي تم تسميته فيما بعد (مواطن حزب الكنبة). وربما يُقصد بحسان المواطن المصري على مر التاريخ والذي لم يستسلم للظلم والقهر والاستعمار وكل ما مر به من أزمات. وربما يُقصد بحسان مصر التي تتصارع مختلف القوى (الحكومة والمعارضة) للسيطرة عليها وتحقيق أكبر قدر من المكاسب.

ورغم أن الفيلم غير واضح المغزى منه إلا إنه لم يفتقد لجانب الإمتاع، خصوصًا مع أداء الفنان الكبير محمود عبدالعزيز الذي استطاع تقديم دوره باحترافية كانت أكبر من مستوى إخراج الفيلم الذي اتسم بتكوينات غير جيدة تبدو واضحة في الكثير من اللقطات التي كانت فيها مسافة الـheadroom أكبر من المتعارف عليه.

وإلى جانب ضعف إخراج الفيلم، يمكن أن نتحدث أيضًا عن عيب آخر متعلق بالسيناريو، وهو مدة الفيلم التي تجاوزت الساعتين لتصل إلى نحو 137 دقيقة، وهي مدة كبيرة جدًا أعتقد أنها لا تتماشى مع فيلم من نوعية "الفانتازيا" التي يشاهدها الجمهور وهو لا يستوعب كل تفاصيلها، فجلوس المشاهد أمام الشاشة لمدة تزيد عن الساعتين وهو لا يفهم أمر مرهق جدًا وربما كان مستفزًا أيضًا.

في النهاية لا يجب أن نغفل أهمية الفيلم الذي كان من الممكن أن يفتح الباب أمام نوعية غير مألوفة في السينما المصرية التي تفتقر إلى التنوع ويحاول الكثير من صناعها "اللعب في المضمون".

ع الهامش

أنا بتراقب ليه؟ هتحاكم ليه؟ ده أنا عمري ما زعلت حد.. ولا غلطت في حد.. ولا كان ليا أي دعوة بأي حاجة.. وعمري في حياتي ما مشيت في مظاهرات.. ولا دخلت في أحزاب.. ولا جيبت سيرة الحكومة بالوحش.. كل الحكومات من أيام محمد علي باشا لحد النهارده ماقولتش في حق ولا حكومة منها كلمة وحشة.. والحكام بتوعنا دايما بذكرهم بالخير.. عمري ما قلت كلمة غلط في حق أي سلطان أو خديوي أو ملك أو رئيس جمهورية.. ده غير إني دايمًا بقول الحال عال العال والعيشة فل الفل.. يكونش افتكروني بتريق وأنا بقول كده؟! طب ما أنا ما أقدرش أقول غير كده..




تعليقات