صرح كبير للدراما الاجتماعية والأخلاقية

وثيقة سينمائية متفننة وجديدة حاول مخرجها أن يلمس ويصور معاناة السود الأمريكان وأن يتحاوز بها كل الحدود، حدود العرق والجنس والدين، والعنصرية التي يعيشون فيها في بلاد تتوهم معاداة تلك الثقافات، في بلاد بعيدة كل البعد عن معنى الحرية والمساواة، وأن يغوص في خبايا العبودية مقدما توليفة لأقصى معاني اﻹنسانية من أجل البقاء والحرية.

فبالرغم من أن الإيرادات التي تحققها تلك النوعية من الأفلام تعوق مخرجيها وصناعيها في تقديم الكثير منها إلا أن المخرج الأسود ستيف ماكوين قرر أن يخوض تلك التجربة بكل قوة وإصرار لبناء وعي جاد ومحترم ﻷفلام السود والأفارقة، ومن المعروف دائما أن المخرجين والممثلين السود يجدون مشكلة كبيرة وصعبة في تقديم أعمالهم خاصة التي تتحدث وتروي مأساة العبيد والأفارقة الأمريكان، ولكن هذا الفيلم استند بقوة على مخرجه وعلى أبطاله، لعله يحقق ما حققه فيلم ( The Help) عام 2011 الذي يتحدث عن معاناة الخادمات السود في عهد جيم كرو وحقق وقتها أرباحا عالية قاربت 200 مليون دولار أمريكي. فاستطاع ماكوين بمشاركة المؤلف (جون ريدلي) أن يقدما سردا قويا للسيرة الذاتية التي كتبها (سولمان نورثوب) عام 1853 عن سيرته الذاتية ونشرها بنفسه باسطا فيها معاناة رجل أسود حر قبل الحرب الأهلية الأمريكية تم اختطافه وبيعه من قبل عصابات الرقيق ليتحول لعبد لمدة 12 سنة ذق فيها نيران العبودية مرة أخرى، وكيف استطاع أن يعود إلى وطنه ويحرر نفسه. ونجح ماكوين ببراعة فائقة أن يصور معاناة ذلك الرجل الأسود ويجعلك تتعاطف مع العبيد ليس فقط مع ماحدث لهم قبل الحرب الأهلية الأمريكية من تعذيب وقسوة، بل إلى الأن وما يلاقيه كل رجل وامرأة وطفل أسود من اضهطاد وعنصرية في بلاد البيض (كما يطلق عليهم).

مجموعة من المشاهد الإنسانية الاجتماعية التي فاقت كل تصور سلط فيها ماكوين الضوء على انتهاك الحقوق الإنسانية لهؤلاء العبيد، وصور بلغة سينمائية تعبيرية لحالة تثار معها العواطف من اغتصاب وتعذيب وقهر وحالات التعسف والظلم، خاصة المشهد الذي دفع فيه ماكوين ببطلته التي قدمت دور الزنجية (باتس) لمدة 10 دقائق تقريبا قيدت في شجرت وعذبت بعنف ودون رحمة لمجرد تطلعها إلى نظافة جسمها. وامتدت المشاهد لتشمل المواضيع الأخلاقية فصور التمسك بالدين والإيمان بالله صورة وهمية مع استعباد البيض للسود.

وجاءت أعين ونظرات الممثل (شيوتيل إيجيوفور) لترى بها كل ذلك، مصورا بتعبيرات وجهه أبلغ ما حدث للعبد سولمان، وكيف انتهكت حريته ولذلك ركز ماكوين في أغلب مشاهده على أعين ونظرات شيوتيل لينقل بشاعة ما حدث، ويأتي في نفس الإشادة دور الممثل المحترف (مايكل فاسبيندر) مقدما دور الإقطاعي اﻷمريكي الذي يتلذذ بتعيذيب العبيد. ويعتبر فيلم (12 years a slave) الفيلم الثالث الذي يشارك فيه مايكل مع المخرج ماكوين، وأخيرا وليس أخيرا النجم (براد بيت) الذي شارك في إنتاج الفيلم واستطاع أن يضيف الكثير والكثير بالرغم من مساحة دوره الصغيرة. وقد استطاع المخرج ستيف ماكوين في وقت قصير أن يعبر إلى النجومية ويخطو خطوة سريعة لتحقيق ما حققه زملائه في وقت طويل فبعد أن اشتهر بتقديم الأفلام القصيرة تمكن من تقديم ثلاث أعمال روائية طويلة وضعت بصمته بين عظماء اﻹخراج فقدم فيلمه (Hunger) عام 2008 وفاز بجائزة الكاميرا الذهبية من مهرجان كان السينمائي، وفيلم(Shame) الذي رشح للبافتا عام ٢٠١١. ثم فيلمه هذا.

عرض الفيلم في مهرجان (تيلورايد السينمائي 2013) وقد لاقى استحسان العديد من النقاد والجمهور وقتها، وأشادوا بأداء أبطال العمل خاصة الممثل (شيوتيل إيجيوفور) وقد فاز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان تورنتو السينمائي، وأيضا فاز بجائزة أفضل فيلم درامي بالجولدن جلوب ليشق طريقه بذلك إلى الأوسكار، وحصل على تقييم 96% بموقع الطماطم الفاسدة وعلى 8.6 على موقع IMDB، وقد بلغت ميزانية الفيلم 20 مليون تقريبا، وحقق في أول إسبوع عرض له بالولايات المتحدة اﻷمريكية مليون دولار أمريكي. وإذا فاز هذا الفيلم بجائزة الأوسكار فيعتبر أول فيلم لمخرج أسود يفوز بها

نقد آخر لفيلم 12 Years a Slave

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
افضل افلام العام Marwan Abueitah Marwan Abueitah 1/1 17 فبراير 2014
صرح كبير للدراما الاجتماعية والأخلاقية دعاء أبو الضياء دعاء أبو الضياء 2/2 13 يناير 2014
كنت مستنى أسطورة 12 Years a slave و لكن Islam Salah Islam Salah 0/0 23 فبراير 2014