كارول وروح هوليوود القديمة

في سكون تام، وهدوء لا مثيل له، وجو بعيد عن أي بصيص من الأمل، وصورة حياتية من صور الظلام والعتمة الشديدة، تبدأ أحداث فيلم (Carol) للمخرج (تود هاينز) حيث يتناول علاقة مثلية بين سيدة وفتاة هما (كارول، وتوريس) تتطور فيما بينهما إلى قصة حب، وشغف أبدي. قصة الفيلم مأخوذة عن رواية الكاتبة (باتريشا هايسمث) والتي تحمل عنوان (ثمن الملح) عام 1952، ويقوم ببطولة الفيلم الممثلة الأسترالية الأصل (كيت بلانشيت)، والأمريكية (روني مارا) حيث تلك السيدة وهذه الفتاة، ومجموعة من اللمحات البسيطة لحياة كل واحدة منهما كمعطي من المعطيات التي تفهمك لما آل الحال إليه، فتوريس (روني مارا) تلك الفتاة التي تعمل في محل لبيع لعب الأطفال، وتعيش في جو من الكآبة والوحدة بالرغم من ارتباطها بأحد الأشخاص، والسيدة الراقية كارول(بلانشيت) التي تسأم حياتها الزوجية، وتتمرد عليها بالرغم أيضا من محاولات زوجها المستميتة لإعادتها إليه. وبالرغم من أن هاينز بعد في تنفيذه لأحداث الفيلم عن أي تقنية تكنولوجية حديثة، واستلهم جميع المشاهد من روح هوليوود القديمة في خمسينات القرن الماضي؛ إلا أن الصور الجمالية التي قدمها كانت بمثابة روح جديدة غنية بمعاني فنية عدة، بالإضافة إلى تفاصيل عدة اتقن في إخراجها لما كانت عليه الحياة في تلك الحقبة الزمنية، وهنا يأتي الدور الأهم والأمثل وهو الأداء التمثيلي والبطولي والذي أجده يأخذ بالفيلم إلى حيث اللاوجودية وشخصية كارول التي برعت بلانشيت في تأديتها بشكل يجعلك تعجز عن تقييمها بأي طريقة أو تصفها بأي وصف؛ فقد استطاعت بلانشيت أن تسبح مع كارول الاستقراطية بكل سهولة، وتمكنت من إيصال تعبيرات ونظرات مختلفة من اضطراب وقلق وضجر، وافتراس،،، وفي بعض الأحيان رغبات عالقة لا تفهم إلى أي شيء تنتهي، ولا ماذا تريد. بل وصلت إلى تحويل كل مشاعر فريستها نحوها، ودفعت بها لأفكار وأفعال لم تكن في حسبانها أو مخيلتيها أن تؤديها؛ مستغلة طموحها البسيط فتجد نفسها وقد تحولت من فتاة مراهقة إلى سيدة بالغة بل مثلية. ولا يلبث الأمر أن تتحول كل مشاعر الضد التي كونتها حيال كارول في النصف ساعة الأولى من أحداث الفيلم إلى تعاطف معها، ومع سلوكها المنحرف عندما تكتشف حياتها الزوجية السقيمة، وكيف أنها تسعى مرارا وتكرار للحصول على الطلاق من زوجها ذلك الشخص السكير الذي يبدو أنه متمسك بزوجته وبحبه لها إلى أخر وقت؛ إلى أن تكتشف أنه ليس أكثر من حب تملك. ومن هنا تبدأ كارول وتوريس في الانغماس بقصة حب ممنوعة، يذوبا فيها شوقا وهياما وكأنها بالفعل قصة حب بين حبيبين بلغا ما بلغ من هواهما، ويأتي المشهد الختامي ليلعب على نفس ذات الأوتار والمشاعر بمدامع جلت في شغفٍ

الفيلم يستحق أن يشاهد، وأرى أنه من أفضل الأفلام الميلودرامية التي قدمت ذلك العام، وقد شارك في مهرجان كان من نفس العام ولاقى استحسان العديد من النقاد وحصل على تقييمات إيجابية تعدت الـ 70% في بعض المواقع الأجنبية.

نقد آخر لفيلم Carol

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
كارول وروح هوليوود القديمة دعاء أبو الضياء دعاء أبو الضياء 3/5 26 ديسمبر 2015