فيلم ليه مذاق قصصي/سردي غير مٌعتاد..

أنا مش متعمق أوي في سينما (أليخاندرو غونزاليز إيناريتو) للأسف.. بس أقدر أقول من تاني فيلم أشوفه ليه ان الراجل عنده لغة إخراجية فريدة وقدرة عجيبة على حكي القصص .. من المرات القليلة اللي يعجبني فيلم وأحس فيه بأهمية لغة السينما انها تنقلنا الحالات الشعورية وتعرفنا بالثقافات حول العالم.. وده ضمن إطار (حكي القصة) اللي هيا مهمتها الأولى والأخيرة.

القصة هنا مختلفة جداً لأنها بتعتمد على شكل سردي غير تقليدي بالمرّة.. وهوا القصص المستقلة نظرياً/المربوطة ببعض حقيقياً.. ثلاث قصص (أساسية) متباعدة زمنياً ومكانياً بتدور في أماكن زي (العراق/بابل) (المكسيك) (أمريكا) (اليابان/طوكيو).. اللي كان واضح فيها دور إيناريتو في نقل الروح المكسيكية أكتر من أي دولة/ثقافة تانية .. وشيئاً فشيئاً الخيوط بتتجمع وبيتضح خيط كل حدوتة ومركزها في القصة الكبيرة.. ده في رأيي -بعيد عن نوع الحكاية ذاتها- أعطى عُمق درامي زائد للقصة.. ومنظور قصصي مختلف وغير معهود على مُشاهد السينما.

المميز الحقيقي هنا ان انتا بتشوف ثلاث قصص قصيرة ممكن تعتبرهم بشكل كبير مستقلين بذاتهم.. بحيث ان كل قصة ليها مُبرراتها، ماضيها، ثقافتها، دوافعها.. . وليها تُقلها وكيانها الخاص.. بس إرتباطهم جميعاً في تيمة يمكن: (المُعاناة الحياتية) أو (الظروف/المُفاجآت الحياتية الصعبة) .. واللي عاجبني في الموضوع ان إيناريتو مكانش قاصر إهتمامه بجزئية تداخل القصص وان كل قصة ليها الأثر والبُعد على القصة الأساسية .. لأ كل قصة هي قصة مكتملة وفي قالب خاص تقدر تقول عليها مُنتهية .. وإن كان في تباين بين درجة إكتمالهم من ناحية وبين قوتهم وتُقلهم الدرامي من التانية .. يعني قصة البنت اليابانية في تقديري كانت الأغني قصصياً والأكمل ضمن بنية الفيلم وإن كانت الأقل تأثيراً على القصة الكبيرة.

لكن صميم الفيلم الحقيقي جيه من تعامل إيناريتو على القصة بؤرة الحدث لـ(كايت بلانشيت/براد بيت) -اللي الأخير كان عامل أداء عاطفي هايل بالمُناسبة- انها تكون شاربة كتير أوي من ثقافة الدولة اللي فيها (بابل).. وان كنت إكتشفت بعد المُشاهدة إنها مكانتش في الحقيقة العراق وكانت المغرب.. .. خينياريتو اتعامل بحرص شديد على نقل الصورة الصريحة لسُكان مدينة فقيرة من دول العالم الثالث زي العراق (ضمنياً في الفيلم) من منظور إنسان الدولة المُتقدمة المُكتفية ذاتياً وإقتصادياً .. كفاية حالة العجز اللي كانوا فيه لإستدعاء حاجة عادية جداً زي سيارة إسعاف في القصة مركز الحدث.. وإندهاشهم الشديد برؤيتهم لباص سياحي فاخر ماشي في قرية فقيرة.. كانوا هنا أشبه بإنسان العصر الحجري اللي أول مرة يكتشف النار من شدة الذهول الغريب اللي بيَشُع من عينيهم.. موقف حياتي واحد بيعكس قد ايه جَهلهم وإنحدار مستوى معيشيتهم وعدم وجود أي نوع من الإنفتاح الثقافي في قاموسهم.. في مُفارقة بين طبقتين مُجتمعيتين الفرق بينهم شاسـع جداً في الشكل والمضمون.

إجمالاً فيلم فوق المُمتاز وليه مذاق قصصي/حميمي خاص.. وده في رأيي عشان الموود العام لروح الحكاية اللي حطنا فيها إيناريتو قبل ما يكون عشان طبيعة القصص الإنسانية اللي بتضُمهم.. واللي بتخترق الوجدان وتأثر عميقاً في المُشاهد أمامها.

نقد آخر لفيلم Babel

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
فيلم ليه مذاق قصصي/سردي غير مٌعتاد.. Hossam Waleed Hossam Waleed 1/1 27 يوليو 2017
فقدت الثقه في البشر Ahmed Hesham Ahmed Hesham 1/3 22 سبتمبر 2019