طريق العودة ام طريق الذهاب بلا عودة؟

تابعت على مدار شهر مضى إعادة عرض لمسلسل "ابو عمر المصرى" و لعل ما دفعنى للعودة إلى متابعة الاعمال الدرامية بعد إنقطاع لسنوات هى الاسماء البارزة المشاركة فى العمل و خاصة الكاتبة المتميزة "مريم نعوم". و جذبتنى الحلقات الاولى للأستمرار فى المتابعة و خاصة أن الاحداث كانت تدور فى زمن مضى وهذا النوع من الاعمال يثير فضولى نظرا لما تحتويه من تحدى للمخرج و كل طاقم العمل لنقل المشاهد إلى هذا الزمن بمهارة فى اختيار الديكور و الملابس و غيرهم. تدور الاحداث حول المحامى"فخر" والذى تربى يتيما فى بيت عمه ثم انتقل إلى بيت خالته للإلتحاق بالجامعة. و من المشاهد الاولى فى حياته نرى أنه قد تعرض لظلم من عنه بعد استيلاءه على إرثه من أبيه. وبسبب إحساسه الدائم بالظلم يقرر ان يجند حياته للدفاع عن المظلومين حتى لو اضطره هذا أن يضحى بحب عمره "شيرين". فبعد ان تسند له قضية لرجل أعمال مشهور"سمير العبد" يقرر "فخر" أن ينصر ضميره المهنى على مستقبله فيختار ان يقف بصف خصوم موكله مما يجعله يخسر قضيته فى المحكمة و يطرد من النقابة على أثر هذه المرافعة.. و من هنا يقرر "العبد" الإنتقام من "فخر" و تتوالى الأحداث.. و على الرغم من قوة نسيج المسلسل و روعة الحوار فى معظم المشاهد و خاصة الحوار بين "فخر" و اصدقائه او بينه و بين "العبد" و التى تكشف عن جوانب مهمة فى الشخصية الرئيسية بالمسلسل إلا أننى لم ارى طوال الحلقات و حتى المشهد الأخير بُعد نفسى واضح او دوافع قوية لدى "فخر" للانتقام. فلو فرضنا انه تعرض للظلم على يد عمه فلما لم يحاول و لم نرى حتى انه حاول ان يسترد حقه بالقانون؟ وإذا كانت حبيبته هى مبلغ آماله و طموحاته فلما لم يدخر وسعا للحفاظ عليها بل و الأحرى أنه تخلى عنها مرة بعد اخرى حتى فقدت الامل فى الحياة و أستسلمت للموت؟ إن شخصية "فخر" كما اراها ليست الا انه شخص ذو نفسية ضعيفة و مهزومة..يلجأ للهروب من مشاكله بإدعاء المثالية وإلقاء اللوم على الآخرين دوما و لكنه فى الحقيقة خسر معاركه الخاصة فى الحياة لذا قرر ان ينتقم من الجميع و اولهم نفسه. و ذاك النوع من الشخصيات الانهزامية هى بالفعل الاقرب للإستقطاب من جانب المجموعات المتطرفة لذا كنت اتوقع ان يتم التركيز على هذا الجانب بصورة اكبر. إن "فخر" من وجهة نظرى ليس شخصا ظلمته الحياة فقرر رفع الظلم عن غيره بل هو شخص جرفته نزعته الإنتقامية لهذا الطريق فكان مصيره هو المصير المحتوم لكل من يسلك هذا الطريق. إصراره على الخطأ رغم تحذيرات من حوله و اولهم صديقه "ناصر" ماهى إلا تأكيد على أنه لا يرى سوى نفسه ولا يستمع إلا لصوته مما جعله يخسر معاركه فى الحياة و على الرغم من تحفظى على بعض العبارات التى وردت فى الحوار بين "فخر" و "هند" و هى تبرر له القتل و كانه شئ عادى نمارسه يوميا دون ان يطرف لنا جفن إلا أن مشهد النهاية قد نفى كل ذلك و نصيحته لابنه بألا يسلك طريقه تدل على ندمه نوعا ما..و لكننى كنت اتمنى ان يكون المشهد اكثر تاثيرا و الحوار اشد وقعا فى الاذهان عما ظهر بالمسلسل. فالإنتقام عامة و القتل بشكل خاص مرفوضون كل الرفض فى كل الاديان و الأعراف و كما يقول الحكماء"إذا أردت الانتقام فاحفر مقبرتين...احدهما لك". و بالنسبة لنجوم هذا العمل الرائع فلنلقى الضوء عليهم فى إيجاز: أحمد عز:تطور واضح فى الاداء مقارنة باعماله التليفزيونية السابقة.تلقائيته فى بعض جمل الحوار جعلتنا نشك انها اصلا موجودة بالسيناريو. اروى جودة: وجه جميل و مريح على الشاشة. إنفعالاتها رائعة سواء فى الحزن او السعادة او الحب. نظرة الياس فى عينها بعد كلام زوجها أثناء الولادة تستحق عليها تصفيق حاد. محمد سلام: مفاجاة العمل. دور رائع كشف قدرات جديد لسلام بعيدا عن الكوميديا. منذرياحنة: دور ليس جديد عليه لا يضيف لرصيده ولكن لا ينقص منه أيضا. عارفة عبد الرسول : ابدعت فى تمثيل دور الام الثكلى المتماسكة رغم احزانها تجعلك تشعر و كأنها والدتك او جدتك. فتحى عبد الوهاب: لا يمكن وصفه إلا بكلمة واحدة...مبدع.. محمد جمعة: لا اعتقد انه يقوم بالتمثيل اصلا .. اداءه يمكن ان نطلق عليه السهل الممتنع. متألق كالعادة. و فى النهاية لا يمكن الا ان نشكر المخرج على هذا العمل الرائع بالرغم من بعض الاخطاء الواضحة و لكن جودة المشاهد فى الصحراء و خاصة التى كانت فى الظلام تغفر له اى شئ بالإضافة إلى مشاهد القتل و التى ظهرت بدون نقطة دم واحدة.. إجمالى التقييم (7/10)

نقد آخر لمسلسل أبو عمر المصري

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
أبو عمر المصري ما بين الحقيقة والأسطورة دعاء أبو الضياء دعاء أبو الضياء 3/4 17 يوليو 2019
طريق العودة ام طريق الذهاب بلا عودة؟ Mona Ali Salem Mona Ali Salem 1/1 5 يوليو 2020