هانى رمزى، أحدأبناء الجيل الذى أعاد الروح للسينما المصرية، وأحد القلائل الذين حاولوا البحث عنأحلامهم بين أحلام البسطاء من الناس، وسعى لتكون أفلامه الناطق الرسمى باسمالغلابة، واعتبر نفسه ضمن أنصار حزب لقمة العيش من البسطاء.. فقدم كل أفلامه علىحدود السياسة ومن قلب الشخصية المصرية، بداية من « صعيدى رايح جاى، و جواز بقرارجمهورى، و عايز حقى، و محامى خلع» وغيرها منأفلامه. هانى رمزى يواصل رحلة البحث عن أحلامه بين أدواره السينمائيةوالتليفزيونية، وينتظر عودته للمسرح ليكسر غربته التى يعيشها بعيدا عن خشبة المسرحالتى شهدت على بداياته الأولى. وما بين حنينه للمسرح، ومشروعاته الجديدة، وموقف فيلمه القادم «الرجلالغامض» دار بيننا هذا الحوار.
وأنت فى انتظار عرض فيلمك الجديد « الرجل الغامض».. كيف ترىهذه التجربة؟ ولماذا استغرق عاما ونصف العام حتى اكتمل؟
ــ علاقتى بفيلم «الرجل الغامض» بدأت مع فكرة طرحها علىَّ المؤلف بلالفضل من فترة طويلة وأعجبتنى، وطلبت منه أن يكتبها، واستغرق تقريبا عاما ونصف العامحتى انتهى منها ودخلت فى تصويره قبل الصيف الماضى، ولكن بسبب ارتباطى بمسلسل« عصابة بابا وماما» الذى قدمته فى رمضان الماضى اضطررت إلى الاعتذار للشركةالمنتجة عن عدم استكمال الفيلم، وتفرغت للمسلسل وبعد الانتهاء منه عدت إلى«الرجلالغامض».
ولماذا تحيط موعد عرض الفيلم بحالة من الغموض؟
ــ لست المسئول عن هذا الغموض، وبصراحة هذا الغموض يحيرنى، لأننى حتىهذه اللحظة لا أعرف موعد عرض الفيلم، فهو اسم على مسمى من ناحية الغموض، وحسب ماأخبرتنى به شركة ميلودى أن الفيلم سيعرض منتصف الشهر الجارى، وأتمنى ألا يتأخرعرضه أكثر من ذلك.
عرض فيلمك فى هذا التوقيت.. ومع هذا العدد من الأفلام..يمثل لك تحديات.. كيف ستتعامل معها؟
ــ أولا بالنسبة للأفلام الأخرى والكوميديانات الذين سيوجدون فىالصيف، فأنا لدى قناعه بأن الإيرادات هى رزق ولا دخل لأى شخص فى تحديدها أو التحكمفيها، وفى كل عام الأفلام تطرح معا للجمهور ومزاج وذوق الجمهور صعب التكهن به، وهوأمر فى علم الغيب. أما بالنسبة للموعد فلابد أن نعترف أن الموسم الصيفى إلى زوال، وأنهسيختفى وسيصبح هذا الموسم طوال 8 سنوات قادمة موسما تليفزيونيا أى للأعمالالتليفزيونية بسبب شهر رمضان، وسيكون المستفيد الوحيد من الصيف أصحاب المسلسلات،ولن يكون هناك بديل سوى أن يصبر الموزعون على الأفلام لتستمر مع العيد.والتحدى الأكبر هذا العام هو كأس العالم، والذى سيضرب الموسم فى مقتل،وسينافس السينما فى شهر كامل، وأعتقد أن الموسم الصيفى الحالى هو أصعب موسم فىتاريخ السينما المصرية.
«الرجل الغامض» قطع ثنائيةالتعاون مع المؤلف طارق عبدا لجليل.. لماذا؟
ــ ليس معنى أننى قدمت معظم أفلامى مع طارق عبدالجليل ألا أتعاون معمؤلفين آخرين، ومازالت لدينا مشروعات معا ولكن الفكرة وثقتى فى إمكانات بلال هى التىدفعتنى نحو الرجل الغامض الذى وفر لى فرصة تقديم نفسى للجمهور بشكل مختلف. أقصد لماذا التعاون مع بلال فضل تحديدا..
هل نجاح بلال معكوميديانات آخرين كان وراء عملك معه؟
ـ لا أعرف لماذا اتفقت مع بلال فى هذه اللحظة ولكن لا شك أن الفكرةالتى قدمها لى بلال وتركيبة الشخصية التى رسمها على الورق كانت السبب الأساسى لتعاونىمعه.
شوقتنا للتعرف أكثر على تفاصيل فكرة الفيلم؟
ــ الفيلم تدور أحداثه حول شاب كداب وما أعجبنى فيه أنه شاب عادى جداولكن أزمته إنه كذب كذبة كبرت منه حاول التخلص منها ففشل، واستمرت الكذبة فى التضخمحتى وصلت به إلى حبل المشنقة، الطريف أنه عندما أحب فتاة كانت هى الأخرى تحب الكذبمثله، وداخل الفيلم هناك خط رومانسى قوى جدا أعتقد أننى كنت فى حاجة إلى تقديمه،وهناك أيضا خط سياسى يتعرض لقضية مصنع أجريوم التى شغلت الرأى العام لفترة طويلة،ويكشف تفاصيل ويطرح تساؤلات حول هذه القضية.
تصر على الكوميديا السياسية.. لماذا؟
ــ السياسة موجودة فى كل أفلامى ولكن هذا لا يعنى أننى أصنع أفلاما منأجل السياسة، هى خط يعبر عن واقعنا وما يشغل الناس من قضايا وموضوعات، فمثلا قضيةأجريوم التى نتناولها فى الرجل الغامض نتناولها لأنها قضية سياسية لها بعد إنسانى،حيث نناقش الآثار السلبية لإنشاء هذا المصنع على صحة الناس وعلى الأجيال القادمةوندخل من خلال ذلك لطرح تساؤلات عن الاستثمار وكيفية تخطيط الحكومة للمشروعاتالاستثمارية وهل ترضخ لشروط المستثمرين..هل يهم الحكومة مصلحة المستثمر أم مصلحة الناس العاديين.. من هذاالمنطلق نتحدث عن السياسة!
بالرغم من أفلامك السياسية.. إلا أنك لا تقدم نفسك كفنانمسيَّس؟
ــ لأننى ببساطة لا أهتم بكل أمور السياسة أنا يشغلنى أن أعرض لبعضصفات الحكومة والتعرض للقرارات التى تتخذها، ولو الحكومة قامت بعمل جيد سأصفق لهاولو غير ذلك سنعريها ونكشف سيئاتها، وبالتالى السياسة التى تستهوينى هى السياسةالتى تهم الرجل العادى، فأنا لست عضوا فى حزب ولا أناصر تيارا سياسيا معينا وأصنعأفلامى للناس الغلابة أعضاء حزب لقمة العيش، فأنا مثلا لا يهمنى أن أصنع فيلما عنانتخابات مجلس الشورى أو الشعب أو التزوير فى الانتخابات، لأنها أمور استهلكت ولمتعد تشغل الناس، رجل الشارع العادى لو تحدثت معه عن الحزب الوطنى والناصرى والتجمعستجده يضحك لأنه ليس له علاقة بهذا الكلام، وسيقول لك إنه يسمع عن هذه الأحزاب فىالتليفزيون فقط.
ما رأيك فى إعلان بعض الفنانين عن انتماءاتهم السياسيةومواقفهم؟
ــ ليس هناك ما يمنع الفنان من إعلان انتمائه السياسى ومواقفه، وهذاأمر إيجابى وإن كنت لا أنتمى لحزب أو تيار فهذا حقى، فأنا على الحياد تماما، لأننىلا أطمح إلى منصب أو موقع سياسى ولا يشغلنى فى السياسة إلا أن لها تأثيرات علىالناس البسيطة، فأنا لست معارضا على طول الخط ولا مؤيدا على طول الخط «فلو سمعتكلمة حلوة من الحكومة وعملت لى حاجة حلوة هصقف لها ولو أخدت على قفايا مش هسكت لها».أنا مثل أى مواطن عادى شايف نفسه ضعيف أمام الحكومة والحكومة شيفاناغلابة وتتعامل معنا على أننا مساكين معها ولا نرغب سوى فى أن نشعر بأن الحكومةتهتم بنا وتسعى لمصلحتنا.
قلت إن بطل فيلمك الجديد يتناول الكذب لماذا؟
ــ لأننا كلنا بنكذب لا يوجد شخص لا يكذب وحتى من يخشى الكذب والشخصيةالمرسومة فى الفيلم لا تكذب لمجرد أن تعطى نفسها والآخرين شعورا زائفا بالقوة والإيهامبأنه صاحب وضع اجتماعى وهذا أمر يقوم به الكثيرون، الرجل الغامض شخص عادى يمكن أنيشبه أى شاب مصرى، الفرق أن كذبته خرجت عن السيطرة وورطته فى مشاكل مع الحكومةوأضرت بمن حوله.
قيل إن الفيلم تعرض لمشاكل مع الرقابة؟
ــ ليست مشاكل بالمعنى المعروف، هم طلبوا أن نحذف مشهدين من الفيلموتم حذفهما بدون أى تأثير على فكرة الفيلم أو اعتراض من أسرة الفيلم.
هل بعض الأفلام تلجأ إلى استخدام مشاكل الرقابة كنوع منالدعاية؟
ــ هناك بعض الأفلام تستغل مشاكلها الرقابيه وأنا من بين من اتهمواباستغلال مشاكل الرقابة واعتراضاتها لكسب شعبية أو دعاية لأفلامى ولكن بعد عرض هذهالأفلام الناس رأت ما فيها وشعرت بأن هذه المشاكل كانت حقيقية وأننا لم نضحك علىالجمهور.
هل مازالت علاقتك متوترة بالرقابة؟
ــ علاقتى بالرقابة والرقيب ليس بها أى توتر ولكن من الواضح أننىأصبحت ماركة مسجلة فى الرقابة أو صنفونى على أننى مشاغب.
ما حقيقة تصويرك لمسلسل رمضانى بعنوان « أمين الانتقام»؟
ــ بصراحة علمت من الجرائد أننى أصور هذا المسلسل وشاهدت فى برنامجعلى إحدى القنوات أننى فى معسكر مغلق لتصوير هذا المسلسل للانتهاء منه قبل شهر رمضان،وحقيقة الأمر أننى لم أتعاقد عليه من الأساس، وهذا لا يعنى أنه مشروع قائم بينىوبين المؤلف حمدى يوسف والمخرج أشرف سالم، ولكنه مجرد مشروع لم نجد الوقت الكافىلتنفيذه وسنؤجله إلى العام القادم.
هل خرج المسرح من حساباتك؟
ــ المسرح هو كل حساباتى وبعدى عن المسرح سبب لى أزمه وجعلنى أشعربغربة، ولكن المسرح يعيش أزمة كبيرة ولابد أن نعترف أنه لم يعد ملائما أن نقدم مسرحياتبنفس الطريقة التى كنا نقدم بها مسرحيتنا من عشر سنوات لابد من تغيير خشبة المسرحلنواكب التطور الحادث فى الحركة المسرحية فى العالم، الآن نشاهد عروضا مسرحيةكاملة فى أمريكا بدون ممثلين، العرض كامل مكون من ليزر وإضاءة ومياه وتكويناتغريبة ومبهرة.
وهل تعتقد أن السينما لا تحتاج لنفس التطور؟
ــ طبعا السينما تحتاج لتطور أكثر وخصوصا مع انتشار أفلام ثلاثيةالأبعاد وأعتقد أن أول من سيقدم فيلما مصريا ثلاثى الأبعاد سيحقق مكاسب خرافية حتىوإن لم يكن من بطولة نجوم، أعتقد أن وجوها جديدة وتكنولوجيا ثلاثية الأبعاد يمكنأن تغير وجه السينما المصرية، وخصوصا أن العالم الآن يتحدث عن أفلام رباعيةالأبعاد، وقد شاهدتها فى أمريكا والبعد الرابع هو الحس، بمعنى أن الكرسى الذى تجلسعليه فى السينما به إمكانات تشعرك بما يحدث فى الفيلم، فمثلا كنت أشاهد فيلم باتمان ووجدته يجر سيارة إلى أعلى، فإذا بالكرسى يرتفع مع السيارة، وسيدة تضع عطرافيخرج من الكرسى الذى أمامى نفس رائحة العطر الذى تضعه، وفى حريق فتشعر بلهب يمرمن أمام عينيك.