بتوليفة سياسية واجتماعية حاول محمد أمين مؤلف ومخرج « بنتين من مصر» وضع يده على موطن داء يؤرق المجتمع المصرى ويعرقل تنميته هو العنوسة.
يطرح أمين فى الفيلم وجهة نظر مفادها أن التسعة ملايين عانس يعشن على أمل لم يتحقق وهذا يؤثر سلبا على إبداعاتهن وطاقاتهن وبالتالى يؤثر سلبا فى التنمية المجتمعية.
ورغم مرور أكثر من عامين على تاريخ بدء تصوير الفيلم إلا أنه رصد أحداثا تحاكى الواقع حاليا مثل التعذيب فى أقسام الشرطة وغرق الشباب أثناء سفرهم للخارج.
وتعد هذه ثالث تجربة تأليف وإخراج معا لمحمد أمين بعد « فيلم ثقافى» و« ليلة سقوط بغداد». «المصرى اليوم» حاورت أمين حول تجربته الجديدة ورسالته المباشرة، وجرأته فى رصد مظاهرات تنادى بالتغيير بالإضافة لمشاهد تتحدث عن غشاء البكارة والانتصاب وغيرها.
■ معظم أعمالك السابقة كوميديا سوداء تضحك الناس على همومهم السياسية، لكن التناول هذه المرة ليس كوميديا.. لماذا؟
- خفت أن تصبح القضية خفيفة وتفقد مضمونها ورسالتها، لذا اخترت الشكل الواقعى. أما فى «ليلة سقوط بغداد» فقد شعرت بأن الاحتلال يمكن تناوله بشكل كوميدى، وكذلك «فيلم ثقافى».
■ رسالة «بنتين من مصر» واضحة ومباشرة.. ألم تخش أن يصاب المشاهد بالملل؟
- هذه المخاوف كانت عندى قبل تنفيذ الفيلم لأن بعض الأفلام الجادة لا ينجح تجاريا ويقال «أفلام رخمة»، لذا راعيت أن يكون فيلمى مسليا وممتعا بصريا.
■ ألا ترى أن الفيلم أكثر قتامة من الواقع فى رصده لأزمة العنوسة والمهانة التى تتعرض لها الفتيات خلال رحلة البحث عن عريس؟
- فى الفن نعتمد على التكثيف وبعض المبالغة لتوضيح الرسالة، ولا أعتقد أن الفيلم أكثر قتامة من الواقع. اعتقد أننى لو ركزت على حياة البنتين فقط كنت سأسرد تفاصيل أكثر قتامة بكثير لأن حياتهما مملة وقد تميلان لعادات أو علاقات غير سوية، لكننى إلى جانب قصة البنتين ذكرت عدة قصص قصيرة لشباب فى سن الزواج، منهم من يكافح ويستصلح الصحراء ومنهم من يعانى أزمة نفسية فى علاقاته.
■ مشهد الغلاية التى توشك أن تنفجر شاهدناه أكثر من مرة منذ بداية الفيلم فتخيلنا أن يكون مشهد النهاية.. لكن بعد الانفجار استمر الفيلم؟
- هو يعتبر الختام الدرامى لأحداث الفيلم لكنه ليس آخر مشهد، وهذا يسمونه «ماستر سين»، ثم إن الفيلم انتهى بعد هذا الانفجار بحوالى ٧ دقائق وكان الهدف من الدقائق السبع الأخيرة تقفيل الخطوط الدرامية ووضع نهاية لكل قصة.
■ هناك مشاهد لمظاهرات تطالب بالتغيير ومشاهد جريئة فى عيادة الطبيبة التى تكشف عن عذرية حنان.. ألم تعترض الرقابة عليها؟
- إطلاقا.. الحقيقة أننى فوجئت برقابة مستنيرة، وهذه أول مرة أتعامل مع الدكتور سيد خطاب الرئيس الجديد للرقابة ولم يحذف أى مشهد أو حتى لفظ فى جملة حوارية. الكلمة الوحيدة التى طلبوا تغييرها كانت على لسان أحمد وفيق. كان يقول: «المجتمع كافر» فجعلناها «المجتمع فاجر»، واقتنعت بوجهة نظر الرقيب لأن كلمة «كافر» لها دلالات دينية سلبية لم أقصدها.
■ ألا ترى أن الحديث عن الدورة الشهرية وغشاء البكارة وانتصاب العضو الذكرى خادش للحياء؟
- لا.. لأن برامج الفضائيات تناقش تفاصيل العلاقات الزوجية وهتكت عرض المجتمع بالحديث فيما هو أدهى من ذلك بكثير وعلى الهواء. لكننى قلت هذا فى عيادة متخصصة، أى أنه لا يوجد ابتذال رغم أن موضوع الفيلم كان فرصة ذهبية للتدنى بالحديث عن علاقات مشبوهة أو عادات منحرفة.
■ هل كان غرق العبارة فى الفيلم والحديث عن أن الضحايا ١٣٠٠ إسقاط على عبارة ممدوح إسماعيل؟
- لم أقصد ذلك، بل قصدت توضيح مخاوف المصريين من ركوب البحر. كما أن عبارة ممدوح اسماعيل راح ضحيتها ١١٣٤ وليس ١٣٠٠ كما جاء فى الفيلم .
■ مشهد التعرف على ضحايا الغرق بدا مثيرا للاشمئزاز وطويلا.. هل تعمدت هذا؟
- نعم.. لكى أوضح للناس مدى تأثر أهالى الضحايا بمناظر الجثث، وأعتقد أن المشهد لم يكن طويلا لدرجة مملة، إنما إلى الحد الذى يوصل الرسالة.
■ أشرت بشكل سلبى أكثر من مرة إلى الجهات السيادية.. هل يعنى هذا عدم وجود جانب ايجابى فى عمل تلك الجهات؟
- لا طبعا، كل جهة لها إيجابياتها وسلبياتها، لكننى قدمت ما استلزمته دراما الفيلم وتعمدت تجهيل تلك الجهات حتى لا أصطدم معها، وكلمة «جهة سيادية» تعتبر «مبنيا للمجهول». فأى جهة لها سلطة على المواطن يمكن تسميتها جهة سيادية.. حتى رئيس الحى.
■ لماذا اخترت مهنة العانسين طبيبة وأمينة مكتبة؟
- العنوسة لا تقتصر على مهنة بعينها، لكننى تعمدت اختيار مهن راقية لأوضح أن هناك عنوسة رغم ارتفاع مستوى جمال البنت المصرية وتأدبها.