استطاع المسلسل الإذاعى " حقيقة الأوهام" أن يعبر الحدود المحلية و العربية ليصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية و ذلك خلال الأسبوع الأول من إذاعته فقط، و ذلك عندما استمعت إليه الإعلامية د/ليلى الحسينى بالجالية العربية-الأمريكية بولاية ميتشيجن الأمريكية.و وجدت د/الحسينى أن العمل، الذى يطرح فى زمرة ما يطرح من قضايا قضية علاقة الشعب الأمريكى بالشعوب العربية عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر، يتواصل مع هموم المغترب العربى و ذو علاقة وطيدة بحياة الجالية العربية-الأمريكية، و عليه فلقد استضافت على الهواء مباشرة و عبر أثير الهاتف على محطة دبليو إن زد كاى الأمريكية ببرنامجها "صباح الخير ميتشيجن" (ساعة صفا) و الذى يشاركها فى تقديمه الإعلامى سامح وهبى يوم الإثنين الماضى، الموافق 16/8/2010، مؤلفة العمل، نهى إبراهيم، و الفنان سامح الصريطى، أحد نجوم العمل، ليدور بينهم حوار حول العمل.
تحدثت مؤلفة العمل نهى محمد إبراهيم عن سياق أحداث العمل قائلة أن هدفها الرئيسى من كتابته كان تناول العلاقة العربية-الأمريكية من منظور جديد، ألا و هو منظور الشعوب، فكفى حديثا عن السياسة التى أوصلتنا إلى ما نحن فيه من نزاع و حروب. أضافت إبراهيم أن السلام رغبة كل البشر بغض النظر عن اختلافاتهم الثقافية و الحضارية، أو انتماءاتهم الدينية و السياسية، و أيا كانت هذه الاختلافات فعلينا جميعا أن نحتضنها و نتعلم منها و نعلم الآخر بدلا من أن نعتبرها سببا للخلاف و إشعال فتيل الحروب التى لا تبقى و لا تذر.
أضافت إبراهيم أن العمل يتناول علاقة عائلتين إحداهما عربية و هى عائلة أكرم، و هى مكونة من أب سورى الجنسية و يؤدى دوره الفنان عباس النورى، و أم مصرية و تؤدى دورها الفنانة بوسى، كنوع من الإسقاط على التمازج العربى-العربى قبل العربى-الأمريكى، و إسقاط كذلك على زمن الوحدة التى نتمنى أن تعود مجددا ليس فقط بين سوريا و مصر بل بين جميع الدول العربية، و الأبناء هيثم محمد و هدى هانى، و أخرى أمريكية و هى عائلة كيفن، و التى يلعب فيها الفنان سامح الصريطى دور الأب، و الفنانة رغدة دور الأم، و الأبناء أحمد سلامة و منى هلا، بالإضافة إلى جون، الابن الأكبر الذى يروح ضحية أحداث الحادى عشر من سبتمبر، و عليه فإنه يتم ذكره فى الأحداث إلا أنه لا يظهر بها. بين العائلتين تاريخ طويل معا، فقد جمعتهما الصداقة و الجيرة لمدة ما يقرب من العشرين عام، و تربى أبناؤهما معا فى حالة فريدة من حالات الامتزاج و التناغم الثقافى - إذ يخرج العمل عن القالب النمطى للعربى الذى يسافر للخارج بحثا عن لقمة العيش، فيجد نفسه لقمة سائغة لكل من يريدون اضطهاده لمجرد أنه عربى، فالعائلتين إلى حد ما على قدم المساواة من الناحية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، إلا أن هذا كله يتغير بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر فتنقسم العائلة الأمريكية إلى فريقين، فريق مازال حريصا على أواصر الصداقة مع العائلة العربية، و آخر يكن لهم العداء و البغضاء، و كذلك العائلة العربية تنقسم إلى فريقين، فريق يصر على الحفاظ على العلاقة المميزة التى تربطهم بالعائلة الأمريكية، و آخر يحبذ أن تبقى علاقتهم بهم على الحياد.
توغلت إبراهيم فى الحديث عن العلاقة بين أكرم (الفنان عباس النورى) و كيفن (الفنان سامح الصريطى) قائلة أن العلاقة بينهما بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر علاقة "أعدقاء"، بمعنى، أنهما يتأرجحان بين العداوة و الصداقة، فلقد خبر كل منهما الآخر فيما مضى و تعرف على أفكاره و أحلامه و طموحاته و همومه التى يتشابهان فيها كثيرا، فكلاهما إنسان قبل كل شئ، و يظهر ذلك من خلال "الفلاش باك" الذى يبين مدى وطادة الصلة بينهما، إلا أن إصرار كيفن على نسيان كل ذلك و تعمد اختلاق أسباب غير منطقية لكراهية أكرم و عائلته فقط لكونه مفجوعا بفقده ابنه الأكبر الذى كان شديد التعلق به و بسبب الأفكار السلبية التى روجت لها وسائل الإعلام الغربية عن العرب و المسلمين يجعل أكرم بدوره، و هو أستاذ الفلسفة العربية، يصدم عندما يتبين له أن كل الأفكار "اليوتوبية" التى كان يتصور أن علاقته بكيفن هى التجسيد الحى لها مجرد أوهام لا أكثر، و عليه يتخذ موقف الصلابة و الاعتداد بالنفس، إلا أن كليهما من الصعب عليه نسيان كل تلك السنوات التى جمعتهما مهما تظاهر بذلك أمام الآخر.
و لدى سؤالها عن مدى إمكانية توظيف الدراما فى خدمة قضايا الشارع العربى، أجابت إبراهيم أن على هذه الدراما أولا أن تعنى بثقافتنا و تراثنا و لغتنا و تحترمها قبل أن تطالب الآخر باحترامها، و من ثم تخاطب الآخر عن طريقها، كما أن مسؤولية ذلك تقع على المثلث الدرامى، ألا و هو: المبدعين، و الجمهور، و الرقابة، كما أشارت إلى ضرورة الخروج إلى الغرب بمثل هذه الأفكار و إلا سيكون حوارنا مع الآخر أحداى الجانب، و نوهت عن الدور الذى يجب أن تلعبه وسائل الإعلام و شركات الإنتاج العربية فى سبيل ذلك.
و لدى سؤالها عما إذا كانت و هى تكتب شخصية كيفن يتراءى لها الفنان سامح الصريطى مجسدا لهذا الدور، أجابت إبراهيم أنها لا تكتب شخصياتها بتصور مسبق عمن سيؤدى هذه الشخصيات، فهذا ليس بأمر احترافى من وجهة نظرها، و هناك الكثير من الفنانين القديرين الذين يمكنهم تجسيد الشخصية بمنتهى المصداقية ما دامت خيوط الشخصية بين أيديهم كاملة، و هذه هى المهمة الحقيقية لها كمؤلفة، أما شخصية كيفن، فكان التساؤل الذى يدور برأسها هو كيف يمكن لفنان أن يجسد المشاعر الغربية مع النطق باللغة العربية الفصحى - إذ أن الفصحى بديلة لترجمة اللغة الإنجليزية فى الحوارات بين العائلة العربية و العائلة الأمريكية و بين أفراد العائلة الأمريكية بعضهم البعض، بينما يتحدث أفراد العائلة العربية بين بعضهم البعض بالعامية السورية و المصرية، إلا أن أداء الفنان سامح الصريطى لهذا الدور جاء ليفوق جميع التوقعات، فلقد استطاع أن يدخل إلى عمق شخصية كيفن و يتفهم مأساته و يعبر عنها بمنتهى الصدق بلسان الفصحى و بنبرة غربية و بطريقة أثرت العمل كثيرا.
فى بداية الحوار معه، هنأ الفنان سامح الصريطى مؤلفة العمل نهى محمد إبراهيم على باكورة أعمالها "حقيقة الأوهام"، و الذى على الرغم من كونه أول عمل من كتابتها، إلا إنه يتمتع بدرجة كبيرة من الوعى، و يطرح الكثير من القضايا التى تهمنا جميعا فى الوقت الراهن.
و لدى سؤاله عن دور الدراما فى التعبير عن المواطن العربى و مشاكله و التواصل مع العرب المغتربين فى الخارج و عبور الحدود المصطنعة، أجاب الصريطى بأن كُلٌ يقدم على قدر ما يستطيع، و أن الدراما ليست سوى جزءا من منظومة متكاملة يجب أن تتحقق بكاملها لكى تحدث تاثيرا إيجابيا، فهناك الجانب الإعلامى و الثقافى و الاقتصادى و السياسى لكى يتحقق مثل هذا التواصل. تحاول الدراما الاضطلاع بمهامها فى هذا الصدد للتواصل مع أهلنا خارج القطر العربى، و لكى تظهر كذلك الصورة الحضارية للعرب عموما أمام المجمتع الغربى و الأمريكى، و عليه فهو فى غاية السعادة لما حققه المسلسل الإذاعى "حقيقة الأوهام" من تواصل مع الجالية العربية بميتشيجن، و إن كان الهدف الأساسى منه كان توعية الشارع العربى بأن يفرق بين الإدارة الأمريكية و ما تمارسه فى العالم أجمع و بين الشعب الأمريكى، و أننا كقوة بشرية و اقتصادية عربية موجودة بالخارج و قادرة على التأثير تعتبر جزء من المجمتعات الأمريكية و الأوروبية، لذا فكون المسلسل يحقق هذا القدر من التواصل فى الأسبوع الأول من إذاعته لأمر يثلج صدور كل من شاركوا فى هذا العمل.
أضاف الصريطى أن هذا المسلسل ما هو إلا خطوة أولى على طريق التواصل مع الغرب، فمصر و الأمة العربية حدودها تمتد خارج المحيط و الخليج لتصل إلى العالم أجمع، فأى مواطن عربى موجود على أية بقعة من بقاع العالم هو مسؤولية الوطن العربى أجمعه، و فى الوقت نفسه هو أداة العرب للتواصل مع الغرب، بما يعود بالخير على العرب جميعا، إذ يجب أن يعى الغرب أن الحضارة العربية لطالما كانت حضارة تخدم الإنسانية و لا تدمرها، فالحضارات التى نشأت على الأرض العربية هى حضارات أفاد منها العالم أجمع.
و لدى سؤاله عن دور الدراما العربية فى كشف حقيقة الإسلام و الحد من "الإسلاموفوبيا" التى ساهم الإعلام الغربى فى نشرها، أجاب الصريطى أنه بالإضافة إلى الدور الهام الذى يجب أن يلعبه الإعلام العربى و تلعبه الدراما العربية فى هذا الصدد، فإن للجاليات العربية دور كبير فى هذا، و لا يقصد بها المسلمون فقط، بل و المسيحيون و اليهود كذلك، فالإسلام يحتضن بداخله جميع الديانات السماوية و يؤمن بكافة الأنبياء و الرسل، و بالتالى على الجالية العربية بالخارج أن تكون قدوة و مثلا يحتذى به فى هذا الصدد، و أضاف أن التكاتف ضرورى جدا فى هذا المرحلة سواء فى الداخل أو فى الخارج للوقوف فى وجه الصهيونية العالمية التى دائما ما تحاول تشويه صورة الإسلام و المسلمين، و من المفارقات أن عدد المسلمين فى أمريكا قد زاد بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر إذ أراد الكثيرين أن يتعرفوا على الإسلام عن كثب بعد كل تلك الدعاية السلبية التى كانت تطاله، و عندما تبينوا حقيقته السمحة و إنه دين السلام دخلوا فيه.
جدير بالذكر أن المسلسل الإذاعى "حقيقة الأوهام" هو المسلسل الرئيسى لإذاعة صوت العرب لرمضان 2010، و هو بطولة بوسى، و عباس النورى، و رغدة، و سامح الصريطى، و أحمد سلامة، و منى هلا، و هيثم محمد، و هدى هانى، و تأليف نهى محمد إبراهيم، و إخراج يسرية على، و يذاع حاليا حصريا على موجات إذاعة صوت العرب من القاهرة على مائدة الإفطار فى تمام الساعة السابعة مساءا، و تعاد إذاعته فى تمام الساعة العاشرة و الربع صباحا بتوقيت القاهرة.