تضم المسابقة الرسمية لمهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي اربعة عشر فيلماً من اربعة عشر دولة , منها الجزائر التي تشارك هذا العام بفيلم حراقي للمخرج مرزوق علواش وفرنسا التي تشارك بفيلم مرحبا للمخرج فيليب ليورية والمغرب التي تشارك ايضا بفيلم المنسيون للمخرج حسن بنجليون , والغريب ان موضوعات الأفلام الثلاثة تكاد تقترب في مضمونها حيث انهم يتعرضون لموضوع حلم الشباب في الهجرة الغير شرعية من بلاد المغرب العربي الي اوربا للبحث عن حياة أفضل وأرقي والبحث عن عمل يمنحهم حياة اكثر رخاء في مدة قصيرة , وقد تكون مصادفة ان تشمل المسابقة الرسمية لمهرجان الاسكندرية هذا العام عرض هذه الأعمال معاً وخصوصا انها تكاد تتماثل مع موضوع هجرة الشباب المصري الي ايطاليا التي دائما تنتهي بأحد الكوارث .
المنسيون هو التجربة السادسة لمخرجه حسن بنجليون بعد عدة أعمال روائية طويلة وقصيؤرة حصد بها بعض الجوائز في المهرجانات السينمائية المختلفة , منها فيلم المنسيون الذي حصل علي جائزة أفضل سيناريو وأفضل ممثل في مهرجان طنجة عام 2010 وجائزة الجماهير في مهرجان تطوان 2010 وجائزة أفضل ممثل في مهرجان روتردام 2010 .
يروي الفيلم قصة الشاب عزوز الذي يهرب الي بلجيكا عبر البحر في مركب صغيرة مع كثير من الشباب الذين نجهل بعد ذلك مصير كل منهم , يترك عزوز خطيبتة يمني في المغرب علي امل العودة بمال وفير ليتزوجا ويعيشون حياة كريمة , ويبدأ عزوز رحلتة في الفرار من ايدي الشرطة , ويحاول البحث عن عمل ومأوي فلم يجد سوي صديق له من المغرب يساعده في الحصول علي عمل في احد المحلات التجارية التي تستغل عدم شريعة الاقامة عند هؤلاء الشباب فيبدأ بإستنزاف طاقاتهم في مقابل نصف الراتب , ولم يجد عزوز سبيل سوي قبول هذا الوضع املا في تحقيق غايته , ويذهب للسكن مع هذا الصديق الذي يحاول التخفيف عنه بإصطحابة الي احد حانات الرقص في شوارع بروكسيل والتي تأوي أيضا فتيات مغربيات يعملن كساقطات , في الجهة الاخري يسعي أهل يمني لتزويجها من رجل أخر غير عزوز لكنها تهرب بعد ان يكتشف العريس انها غير عذراء نتيجة علاقتها بعزوز , فتهرب يمني الي مدينة قاس خوفا من ان يقتلها والدها , لكنها تقع في يد احد القوادين اللذين يغروها بالسفر الي بروكسيل للحاق بحبيبها , وبالفعل تشحن الي بلجيكا مع أخريات للعمل في احد حانات الدعارة دون ان يستطعن الافلات من يد هذه المافيا التي تحتجزهن مثل القطط داخل مكان يشبه السجن , ويصادف عزوز يمني داخل هذا البار التي تعمل فيه دون رغبتها , وبعد ان يصحو من صدمة المفاجأة يسعي ليخلصها من هذا الوضع لكنه يفشل ويقدم احد افراد الحانة علي قتله لكن صديقة المغربي يحاول ابلاغ الشرطة لانقاذة وبالفعل ينتهي كل شيء وتقبض الشرطة علي زعيم العصابة وتحرر الفتيات .
رغم ان السيناريو تبدو أحداثة متكررة مع الكثير من الأفلام التي شاهدناها تتناول قضية هجرات الشباب الغير شريعة الي اوربا و الا ان تقديمها هذه المرة كان مصاحب لعرض مشكلة اخري توازي هجرة الشباب وهي استدراج الفتيات الي اوربا للعمل في الحانات ولم يقتصر تناول الفيلم لهذه الظاهرة علي الفتيات العربيات ولكنه قدم نماذج متعددة لفتيات من مختلفي الجنسيات والاديان استدرجن لهذا العمل دون رغبتهن ولكن بالقوة التي لم يستطيعن التخلص منها سوي بالانتحار كما شاهدنا شخصية نوال الفتاة المغربية التي تم استدراجها الي السفر لتحقيق ما تحلم به ثم القائها وسط حشد من الفتيات الاتي اخذن منهن جواز السفر غصبا كي لا يهربن , وضاعف المخرج من يأسهن في الفرار الي اقدام احداهن علي الانتحار , فالمشكلة لا تخص الشباب وحدهم ولكنها ايضا ارتبطت بمصير الفتيات التي يذهبن ورائهم للبحث عنهم فيضيع الاثنان وراء حلم زائف .
ولم ينتهي الامر لعرض المشكلة دون القاء التهم علي بعض النظم السياسية التي هي بدورها تساهم في تفاقم مثل هذه الاوضاع , فالمخرج قدمها بشكل صريح في هذا الفيلم وكأنه يصرخ في وجه المسئولين عن هذا الوضع , في مشهد يذهب فيه عزوز الي مسئول السفارة المغربية في بروكسيل كي يساعده في احضار خطيبتة التي تعمل عاهرة بالاكراه عند احد القوادين , لكنه يرفض منعا لوقوع مشكلة مع السلطات البلجيكية , فيلجأ صديق عزوز للشرطة البلجيكية ليخلص صاحبة من الموت علي يد هذه المافيا .
المخرج المغربي حسن بنجليون من مواليد مدينة سطات , درس السينما في باريس وأخرج اول افلامه عام 1983 بعنوان في اتجاه واحد وفي عام 1989 انشأ مع اربعة سينمائيين مغاربة مجموعة كازابلانكا التي قدموا من خلالها خمسة أفلام طويلة بما فيها فيلمه الأول اليوم الأخر , ومنذ ذلك الحين قدم بنجليون ستة أفلام طويلة تعكس مشاكل المجتمع المغربي المعاصر , منها فيلم ياريت وشفاه صامتة و فين ماشي يا موشي .