صناعة السينما إحدى اهم الصناعات في العالم، ويعتبرها رجال الأعمال أحد أكثر أنواع "البيزنس" ربحاً ولذلك يشاركون في شركات انتاج ويساهمون في شركات يديرها فنانون يختصون في الأساس بالجانب الفني للمنتج أو الفيلم المقدم، وأخصائيي تسويق لدراسة السوق وكذلك التواصل مع الجانب الفني دون أي تدخل من رجال الأعمال المساهمين في شركة الإنتاج.
ولكن هذا تحديداً ما يحدث في الخارج، أما في بر مصر الذي يعمل فيه حامل ليسانس الحقوق فرداً للأمن، بينما يعمل صاحب بكالوريوس العلوم سائقاً للتاكسي، فالأمر مختلف تماماً حيث يعمل في مجال الإنتاج في مصر كل من هب ودب، بل ويتدخل في أدق تفاصيل الأعمال التي ينتجها دون أن يستشير حتى مختصاً واحداً، ويساعده على ذلك مجموعة من المخرجين والفنانين الضعاف باعتبار أن العمل معهم "سبوبة" وأكل عيش.
لذلك كان من الطبيعي أن تنهار صناعة السينما على يدي منتج لا يعرف الفارق بين الساطور و الشريوه.
وهذا ما جعل سيناريستاً كبيراً مثل محمود أبو زيد صاحب أفلام العار و الكيف يصرخ بعد تحويل فيلمه بون سواريه إلى فيلم أخر لا يمت بصلة للسيناريو الذي كتبه وقال "المنتجين يطالبون السيناريست بألا يزيد عدد الصفحات عن 90 صفحة ولو كان المنتج متساهلا فسيطلب 100 صفحة فقط بحجة اقتصاديات السوق وأنا اسميها اقتصاديات «السوء» سيناريو «بون سواريه» مثلا أنا كتبته منذ 10 سنوات وألح محمد السبكى كثيرا من أجل ان يشتريه وفوجئت به ينفذه بمقاييس السوق الجديدة وحشر رقص وغناء لم اكتبهما بهذه الطريقة".
ولأننا في عصر لا يحترم الفن ولا الفنانين لن يجد المنتج من يحاسبه، رغم أن هذا تزوير في أورق فنية، ويؤدي إلى عواقب وخيمة من تدمير للذوق الفني وهبوط في مستوى الوعي الجماهيري العام.
ولا يقف لمثل هذه النوعية من الافلام سوي بعض الأقلام الشريفة، التي لا يعيرها إهتماماً لأنه لم يدرك قيمة صناعة السينما في الأساس ليدرك قيمة هذا النقد، بينما يصاب بعض الفنانون الحقيقيون بصدمة من قسوة النقد الذي صار لا يفرق أحياناً بين فيلم سينما حقيقي و فقرة مقدمة في تياترو عن طريق منتجي الكانتو.
اذاً فالمنتج "المصلحجي" و"الكسيب" ليس هناك من يردعه، سوى الأمل في أن يستفيق الجمهور يوماً فيلفظ أعماله، فيتوقف عن العبث في صناعة السينما والذوق العام، ويعيد الإعتبار لفنانين حقيقيين تشهد السينما المصرية على يدهم نهضة حقيقية.
وكما قال لي يوماً المنتج الفنان حسين القلا صاحب أفلام البداية، و يوم حلو ويوم مر، أن العمل على سيناريو فيلم حقيقي قد يستغرق من عام إلى 3 أعوام حتى يصل إلى مستوى مرضي و "يستويط - على حسب تعبيره، ثم يتم تنفيذه، بينما البعض الأخر قد أعتاد أن يبيع لحم ذبيحته قبل أن يفسد وبمجرد الذبح وفي نفس اليوم بحثاً عن الربح والربح فقط.
وللأسف اعتزل حسين القلا وغادر مصر وبقى تجار السينما يعبثون في أحلامنا.