عمرو غريب..25 عاما..شارك بقوة في المظاهرات منذ اليوم الاول..كان يقف بين المتظاهرين يهتف باعلي صوته "الشعب يريد اسقاط النظام"..شارك في منذ يوم الثلاثاء 25 يناير..شارك بحثا عن الحرية واملا في التغيير..خرج سالما من معركة جمعة الغضب ولم تصبه طلقة أي ضابط متهور..ولكنه كان علي موعد مع الشهادة في معركة الاربعاء بميدان التحرير امام مؤيدي مبارك..أو بلطجية الحزب الوطني..وقف يدافع الميدان الذي استشهد من قبله العشرات حتي الوصول الي الميدان..يدافع عن نصر حققه هو ومن حوله حتي لا يضيع ما حققوه من حرية..وقف يرمي الحجارة في وجه البلطجية..حتي شاهد فتاة،كما ذكر اصدقائه،يحاول احد المؤيدين الاعتداء عليها بالضرب وعندما تدخل لانقاذها اخرج احدهم طبنجة واصابه برصاصتين في الصدر والبطن ليسقط عمرو شهيدا دمائه تسيل في ميدان التحرير والجميع يحاول انقاذه واسعافه ليلفظ انفاسه الاخيرة بميدان الحرية..التحرير سابقا.
كعادة كل يوم خرج عمرو لميدان التحرير يهتف يحتفل بالثورة والحرية ويرجع في نهاية اليوم الي المنزل يحصل علي قسطا من الراحة ليعود في صباح اليوم التالي الي الميدان..يوم الاربعاء كان مع الموعد الاخير في حياته..قبل وصول المؤيدين الي الميدان تلقي اتصالا هاتفيا من والدته للاطمئنان عليه..اخبرها انه سليم وانه لن يعود الليلة الي المنزل وسيقوم بالمبيت بالميدان..كانت الدقائق الاخيرة في حايته قد اقتربت وقف في الصفوف الامامية يدافع عن الميدان لا يجد امامه سوي الحجارة للدفاع..وكان المؤيدين يحملون اسلحة نارية وبيضاء.
عمرو هو الاكبر بين اشقائه رحل والده منذ اكثر من 5 سنوات..وقرر هوه ان يتولي تدبير نفقات المنزل خاصة انه لا يوجد معاش من عمل والده..تحمل المسئولية وخرج الي العمل يبحث عن الرزق وعن قوت أشقائه ووالدته..قبل اسبوعين من الحادث شاهد اعلان لاحدي شركات الطيران طلب مضيفين - الكلام علي لسان والدته - ذهب وهو يتمني الحصول علي تلك الفرصة..الا ان الادارة اخبرتهم ان سيتم تقديم الخمور فقرر التراجع والانسحاب فورا..عمرو راجل ودايما كان راجل..نزل المظاهرة علشان هوه عايز حرية علشان كان نفسه يشتغل شغلانه كويسه..يشعر بالاستقرار الحقيقي مش استقرار مبارك.
كنت اخشي عليه من الخروج في المظاهرات..لم اطالبه بعدم الخروج او حاول منعه..ولكني كنت اطالبه فقط بان يحترس من الامن ولا يشتبك معه..كان يخرج في كل يوم منذ بداية الانتفاضة يوم الثلاثاء 25 يناير..عاد يومها وروي لي ما حدث في الميدان وكيف ان الامن تعامل معهم بقوة وفرقهم في الثانية عشر ونصف باستخدام القنابل المسيلة للدموع ليخبرني ان هناك معركة اخري ستكون يوم الجمعة"جمعة الغضب"..خرج في الصباح وقبل ان يغادر المنزل طبع قبلة طويله علي وجهة وهمس في اذني"لو استشهدت ادفنيني في قبر دون شواهد"..عاد يومها سليما ولكني كنت اشعر ان مكروها ينتظره..يخرج كل يوم يقضي يومه بالكامل في الميدان وانا انتظر عودته سليما..يوم الاربعاء فصلت بيني وبين استشهاده مكالمة هاتفية طالبته فيها بالعودة عندما شاهدت الضرب يعود من جديد لميدان التحرير ولكنه رفض واكد لي انه سيبيت في الميدان..اغلقت معه والخوف يسيطر علي قلبي وانا اعلم انه لن يعود ليتصل بي احد اصدقائه في المساء انه استشهد بعد اصابته برصاصتين.
رحل عمرو وترك العيش والعدالة والحرية الذي هتف لهم..رحل وترك اسرة لا تجد من يعولها..رحل عمرو ذو الـ25 عاما في المظاهرة الاولي له.
(نقلاً عن المصري اليوم)