"هما الناس الي في الشارع دول ارجل منك..انزل وشارك دي مظاهرات سلمية" بهذه الجملة طلب اب من ابنه الخروج الي الشارع في المظاهرات..خرج اسلام ذو الـ18 عاما وبصحبته 4 من اصدقائه..السعادة ترتسم علي وجهه..فهي المرة الاولي التي يشارك فيها بمظاهرة..خرج من منزله بدار السلام ووصل سيرا علي الاقدام حتي شارع القصر العيني..وقف بجسده النحيف يزاحم المتظاهرين حتي يصل اولا الي ميدان التحرير الان النقطة الامنية التي رفضت الانسحاب وظلت واقفة علي مدخل الميدان امام مجلس الوزراء تمنع أي شخص من دخول الميدان..الجميع يحاول الوصول الي التحرير والامن المركزي يطلق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والخرطوش والرصاص الحي..بخطوات حملت بعض الخوف تراجع اسلام للخلف وبصحبته اصدقائه يهمسون في اذن بعضهم "خلونا جنب بعض لازم نفضل قريبين من بعض"..مرت ساعتين والجميع يحاول الوصول الي الميدان والهتافات لا تتوقف،جتي جاءت سيارة دبلوماسية تقتحم شارع القصر العيني وتسير في الاتجاه المعاكس تدهس من امامها ومن بينهم اسلام واصدقائه..يلفظ اسلام انفاسه الاخيرة قبل الوصول الي المستشفي واصدقائه يصابوا بكسور وجروح.
كعادة كل يوم جمعة جلس اسلام وسط اسرته وبالتحديد بجورا والده يتناولوا الغداء ومن امامهم التلفزيون..يتابعون القنوات الاخبارية لمعرفة احدث التفاصيل لمظاهرة الغضب..الاخبار تاتي من القنوات وتؤكد انطلاق اعداد هائلة والآلاف الي الشوارع تطالب بتغيير النظام..الاسرة تتابع الموقف والاخبار والجميع يهتف من داخل المنزل وهم يمسكون بعلم صغير "الشعب يريد اسقاط النظام"..الهتاف يستمر من الشوراع ومن منزل اسلام ايضا..حتي الساعة الخامسة والنصف وصدور بيان الحاكم العسكري بان الجيش سيشارك في تامين الشوارع واعلان حظر التجوال..وقتها اطلقت والدة اسلام زغرودة قوية فرحا بالقرار الذي يؤكد ان النظام سيقط في لحظات او سقط تقريبا..نظر الاب الي اسلام وبقوة طلب منه ان يشارك في المظاهرات مؤكدا له انه يجب النزول الي الشارع والخروج الي الثورة والاحتفال بها فيها ثورة الشباب..ليخرج اسلام ويقف في الشارع ينتظر اصدقائه للخروج سويا..ليودع والدته بقلبة في الهواء التي وقفت تتابعه من شرفة منزلهما وهي لا تعلم انها المرة الاخيرة التي ستراه فيها.
داخل منزل الشهيد..سيطر الحزن علي اسرته..والدته تجلس في غرفتها تحتضن صوره وهي تصرخ باعلي صوته تنادي عليه"انت فين يا اسلام..منهم لله الي قتلوك"..تقترب منها وتقول لك "دا ما ييعرفش يعني ايه سياسة..ولا عمره نزل مظاهرات..دا نزل علشان يفرح بالثورة..علشان يفرح بالحرية..مين يقدر هيرجعلي حق ابني..كل الي عايزاه اني اخد بثاره..لن يستريح قلبي قبل ان يتم ضبط الجاني سائق السيارة..ويحاكم ويتم اعدامه..انتظر عودة الشرطة لتحرير محضر رسمي بالقتل حتي احصل علي حق ابني"
خارج المنزل يجلس الاب وسط الحاضرين لتقديم العزاء..يجلس العامل البسيط بثقة وكل من يعزيه يرد هو بثقة ويقول "ابني شهيد..نزل علشان يحارب الفساد ويشارك في الثورة..انا الي قولتله انزل،وقولتله روح المظاهرات الي في الشارع مش ارجل منك..كنت لا اخشي عليه..فانا اعلم انها مظاهرات سلمية..ولا اعلم ان هناك من يفكر في قتل ابني..ولكنه ذهب للشهادة..ذهب للموت بحرية..هذا افضل له..افضل له من ان يموت داخل عبارة غارقة..او يموت حرقا داخل قصر الثقافة ببني سويف..افضل له من ان يموت بالتعذيب داخل احدي اقسام الشرطة..افضل له من ان يموت من الفقر..افضل له من ان يموت من الفساد"