أكد الفنان خالد الصاوي أن الثورة في مصر حفرت مسارا جديدا لها،حيث اعتبرها تغييرا للتاريخ كله وخطوة لأمل مشرق، وهو الفنان المعروف بمواقفه الثورية.. كان ضد كل ما يقمع حرية الإنسان في التعبير عن رأيه، وفي جميع أعماله يؤكد هذه الأمور، وحتى في حياته له العديد من المواقف السياسية التي ترفض الوهن والصمت من دون التعبير عن الرأي ومحاولة تغيير الواقع المرير الذي نعيشه.وعندما جاءت الفرصة الكبرى ظهر كقائد كتيبة في ميدان التحرير وهو يرفع لائحة "لا لمبارك" مرفوعًا على الأكتاف، يحاور الشباب حتى وهو يتلقى قنابل الغاز المسيل للدموع، خالد الصاوي تحدث إلينا بعد ميلاد الحرية في مصر الجديدة في الحوار الآتي:
* بدايةً نبارك لك ونسألك: كيف ترى مصر بعد الثورة؟
- ثورتنا فيضان نهر يحفر مساراته الجديدة، أشياء ستغرق وأشياء ستعيش وأشياء ستولد، هدم وتفكيك وبناء وتركيب سيتخللها الشك والتجريب وصراع المصالح والرؤى لفترة ما، بعدها ستروق الدنيا، والشمس ستظهر على عالم جديد مرتب بشكل أجمل، المهم هو الثبات على المبادئ والمطالب العادلة والتطهير الدائم في كل الميادين من دون تشفٍّ ولا انتقامية، ولكن بصلابة وحسم.
إن ثورة شباب 25 يناير كانت من أهم الأحداث التي يمكن للمرء أن يعيشها في حياته، فهي تغيير للتاريخ كله، وخطوة لأمل جديد وصباح مختلف، فالعالم كله الآن ينحني احترامًا لعقول الشباب وحقوق الشعب لا الحكومات التي تحاول تحطيم مواطنيها.
* وما رؤيتك للمرحلة السابقة؟
- لقد كان الأمر متعلقًا مع مسألة اختلاف أجيال في تقديري وراهنت منذ البداية على أن القوات المسلحة ستكون معنا في النهاية، وإلى جانب الشعب. فالشعب بدأ بتغيير نفسه، ولكن المهم هو أن نواصل المشوار بعد ما حققناه حتى الآن وهو أن نفكك ونصلح كل ما ارتبط مع هذا العصر من هيئات ومؤسسات كالحزب الوطني والدستور، فالشعب يريد إسقاط النظام ليس معناها فقط رأس النظام بل إسقاط الظلم الاجتماعي، وكل تمييز بين فئات المجتمع والقمع والكساد، كما يريد الشعب أن يبطل الزواج الفاسد بين السلطة ورأس المال في ذلك العصر، ونريد إسقاط التبعية الموجودة مع أميركا وستظل هذه الثورة حتى نحقق عزة وكرامة كل مصري وكل مصرية، فالشعب المصري عرف طريقه، والمهم الآن هو الصبر والصلابة.
* كنت من الفنانين الذين أعلنوا من البداية موقفًا واضحًا من الثورة، وكان آخرون مع السلطة بوضوح.. لكن كان هناك فريق ثالث يبدو حذرًا ومترقبًا للنهاية وكأنه لم يحسم موقفه بعد، ما رأيك في هذا الانقسام؟
- لقد كنت أتعجب ممكن يجلسون في بيوتهم ويشاهدون ما يحدث وهم خائفون، فليس من المعقول أن يكون التاريخ أمامك ويصنع من أجلك وأنت خارج الصورة، فلابد من أن تحسم موقفك، إذا كنت مع السلطة لا توجد أية مشكلة، فإذا أردت أن تكون مع الشعب والثورة فلابد أن تكون في الشارع، وإذا أردت أن تكون بعيدًا عن كل هذه الأمور فأنت خارج التاريخ، المعركة بين طرفين ولا يمكن أن تظل تشاهد من دون أن يكون لك أي رأي.
* حدثنا قليلاً عن تجربتك منذ 25 يناير حتى 11 فبراير..
- تعرضنا للضرب والقنابل المسيلة للدموع وغيرها من الأشياء التي كانت تحاول أن تقمع حريتنا، كما رأيت العديد من الشباب الذين ماتوا من أجل حرية هذا المجتمع وغيرهم ممن تعرض إلى الضرب والرش بالغاز المسيل للدموع، كما أنني رفضت أن أكون ضمن أيِّ لجنة من لجان الحكماء التي أقيمت، فأنا مصري وأريد أن أكون وسط الشعب في الشارع.لقد خرج الناس من بيوتهم بالملايين للبحث عن التغيير والعدالة الاجتماعية والكرامة والحرية، كما أنهم أصبحوا لا يثقون في أية وعود من النظام القديم، لذلك كان الضمان الوحيد لهم هو الاستمرار فهم لم ينفذوا أيًّا من وعودهم على مدار سنوات طويلة، فكيف يقوم من أفسد بالإصلاح والتغيير؟
* بعيدًا عن السياسية.. ما آخر أخبارك الفنية؟
- لقد توقف العمل في الفيلم الذي كنا نصوره قبل اشتعال الأحداث تحت عنوان " الفاجومي"، ويتناول السيرة الذاتية للشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، وكنا قد بدأنا التصوير في استوديو عواجة على طريق "مصر/اسكندرية الصحراوي" منذ نوفمبر الماضي. وتدور أحداث الفيلم بين عامي 1958 و1981 حول قصة حياة الشاعر أحمد فؤاد نجم وصديقه الشيخ إمام ،ويستعرض أحداث العدوان الثلاثي ونكسة 67 ووفاة المشير عبد الحكيم عامر وحرب الاستنزاف ووفاة الرئيس جمال عبد الناصر وأنور السادات وحرب أكتوبر.ويشاركني البطولة صلاح عبد الله الذي يقوم بدور الشيخ إمام إضافة إلى كندة علوش و جيهان فاضل ، والعمل من تأليف وإخراج د. عصام الشماع.
نحاول أن نرصد من خلال الفيلم التعبير عن حياة أحد أهم شعراء العامية في مصر والذي يعد أحد ثوار الكلمة واسمًا بارزًا في الفن والشعر العربي وبسبب ذلك سجن مرات عدة.وترافق اسمه مع ملحن ومغنٍّ هو الشيخ إمام، حيث تتلازم أشعار نجم مع غناء إمام لتعبر عن روح الاحتجاج الجماهيري الذي بدأ بعد نكسة يونيو1967.