"وكم في مصر من المضحكات المبكيات" حكمة تنطبق كثيرا على عشرات الأحداث اليومية التي نعيشها وبينها موضوع مقالي هذا الذي استفزني لكتابته الإعلان عن تعيين المخرج المسرحي أشرف زكي رئيسا لجهاز السينما التابع لمدينة الاستديوهات الإعلامية "مدينة الإنتاج سابقا".
لا أدري كيف يسوغ المحاسب سيد حلمي لنفسه إصدار هذا القرار المعيب؟، ولا أعلم كيف يتم إقرار التعيين من جانب المساهمين في المدينة المملوكة للمصريين وليس لمصدر القرار، فالسيد أشرف زكي غير مؤهل للمنصب بداية لأنه ليس سينمائيا ولا علاقة له بالسينما إلا إن كانت المشاركة في ادوار ثانوية في أعمال قليلة جدا يندر أن يتذكر أي قارئ عادي اسم دوره فيها مسوغا مقبولا.
معروف للكافة أن أشرف زكي مخرج مسرحي، وهو بالمناسبة ليس مخرجا كبيرا ولا نابغة وإنما هو شخص يهتم بالأمور الإدارية بمعنى أنه موظف ينفذ التعليمات بكفاءة وبالتالي يمكن اعتباره من أهل الثقة وليس من أهل الخبرة والدراية وهي مؤهلات كانت لازمة في الماضي قبل قيام الثورة.
ومعروف أيضا أن زكي كان من رجال وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني لسنوات وهو من رقاه عدة مرات وفي سنوات قليلة حتى وصل إلى منصب رئيس قطاع وسط حالة من الإستهجان الواسع من قيادات الوزارة التي كان الكثيرين منهم يتعجبون من سرعة ترقيه ويتهامسون حول كونه مسنودا من "الهانم" شخصيا.
لكن زكي وهو المعروف بأنه زوج الممثلة روجيناوشقيق الممثلة ماجدة زكي انقلب فجأة على "معلمه" فاروق حسني وارتمى في أحضان معلم جديد هو أنس الفقي وزير الإعلام السابق وسط الكثير من التكهنات التي ترقى إلى مرحلة التصديق حول تأهيله لرئاسة مدينة الإنتاج الإعلامي وهو المنصب الذي لم يكن زكي يحلم به أبدا كونه مكروه بشدة على المستوى العربي، عدا مكانته في إمارة الشارقة طبعا.
وعد الفقي لزكي برئاسة المدينة التي باتت على أعتاب الفشل بعد توقفها عن الإنتاج جعله يتخلى عن وزارة الثقافة ويتوجه إلى وزارة الإعلام التي عين فيها بلا سابق إنذار مستشارا للوزير لشئون الإنتاج الدرامي دون أن نعلم علاقته بالإنتاج الدرامي أصلا، إلا لو كان المنصب تدريب عملي على الإنتقال إلى مدينة الإنتاج.
أبرز ما حققه أشرف زكي في تاريخه كان رئاسته لنقابة المهن التمثيلية ليكون رئيس ممثلي مصر رغم كونه ممثل مغمور، ولأن زكي كفؤ في مهام العلاج والعزاء وغيرها حقق نجاحا مشهودا قبل أن يسقط السقطة الكبيرة المدوية التي أفسدت عليه كل محاولاته للترقي إلى مناصب أعلى وهي قرار منع الفنانين العرب من العمل في مصر الذي كان بمثابة مسمار نعشه الأهم لولا وقوف فاروق حسني "في ضهره" وحمايته له بتبريرات واهية لم تقنع أحدا حتى الأن لكنها كانت كفيلة عقب إلغاء القرار بتهدئة الأمور.
ويأتي تعيين أشرف زكي في منصب رئاسة جهاز السينما بحسب كثيرين أشبه بمكافأة له على خدمته للرئيس السابق وتجييشه للفنانين والكومبارس في ميدان مصطفى محمود للتدليل على مطالب مصرية ببقاء مبارك حاملين شعارات "احنا أسفين يا ريس" و"خد الدوا ياريس"، وهي المهمة التي تراجع عنها كعادته بعد نجاح الثورة مروجا عددا من التصريحات التي لا تقنع طفلا صغيرا على غرار ما قاله عقب أزمة الفنانين العرب وغيرها من الأزمات أو السقطات.
المهم أن الوضع تغير تماما من حول شقيق ماجدة زكي وهو الوحيد الذي لا يدري ربما مع رئيسه الجديد سيد حلمي أن مصر قامت فيها ثورة، حيث ظهر فور الإعلان عن القرار بيانا وقعه عشرات السينمائيين لرفض القرار داعين لوقفة إحتجاجية واعتصام مفتوح أمام جهاز السينما حتى التراجع عن تعيين أشرف زكي باعتباره أحد أعداء الثورة.
وربما يؤدي تعيين زوج الفنانة روجينا إلى فتح ملفه لمحاسبته عن الكثير من الأمور التي تسبب فيها خلال رئاسته للبيت الفني للمسرح حيث احترق في عهده المسرح القومي، ونقابة الممثلين التي تحولت إلى عزبة في عهده، وأخيرا وليس أخرا موقفه من الثورة واتهاماته للثوار التي تستحق العقاب باعتبارها سب وقذف علني.
نهاية.. لست من دعاة السماح والصلح خير ومعلش إدوله فرصة تانية، وأدعو للحساب أولا قبل أن يتم نسيان ما حدث لأن التطهير مطلوب ومن يقبل بالتخاذل يسهل عليه أن يقبل الهوان والثورة قامت أصلا رفضا للهوان.