لم أتخيل يوماً أن أكره علم بلادي، ولا أن تستفزني ذكرى تاريخ الخامس والعشرين من يناير، ولكن للأسف هذا ما أصابني الأن، وأصبحت مجرد رؤية ألوان العلم الثلاثة تصيبني بالغثيان، وأصبحت كلمة الـ 25 تثير إشمئزازي، بسبب الكم الهائل من الإبتذال الذي أصاب كلا العزيزين.
صارت يافطات الإعلانات بالكامل تحمل خلفية لعلم مصر بألوانه الثلاث وعبارات مثل "تحيا مصر ويسقط الفساد ... اشتر بيتزا واحصل على الثانية مجاناً"، " مصر أولاً .... الحق احجز واستلم"، "احنا شباب الثورة... معهد كذا يؤجل التجنيد" .
وأصر بعض الشباب على دهان أي جدران أو عمدان في حيهم بالالوان الثلاثة دون أدنى إكتراث باتساق هذه الألوان مع المكان، لدرجة تثير "القرف" من الأحمر والابيض والأسود، بالاضافة لعبارات من عينة "الشعب والجيش ايد واحدة"، "مسلم ومسيحى" ورسم لهلال يعانق صليب بخط يد من لم يمسك قلم يوماً فما بالك بمن يرسم ويكتب بفرشاة، بغض النظر عن كم الأخطاء اللغوية.
أما ذكرى الـ 25 فصار لها إعلانات لكل المطربين ولأحد المطربين على وجه التحديد، والتي يبيع فيها "رنات" أغانيه العظيمة للتليفونات المحمولة في اختزال مهين للاسم بل ولدم الشهداء الذين يردد اسمهم في كل أغانيه، بالاضافة للعديد من الكتب التي خرجت لتتحدث عن ثورة لم يدرك من شاركوا فيها أبعادها حتى الأن، وبالإضافة إلى هذا "شطارة" بعض المنتجين في دمج بعض المشاهد الحقيقية في افلامهم، وبحث البعض الاخر لفكرة تصلح لتقديمها وان قام ببطولتها طلعت زكريا و سماح أنور مثلاً.
الإبتذال في أزهى صوره يجتاح مصر بدء من محلات الحلويات، إلى أفلامها وكتبها، ولا أستبعد في القريب العاجل أن يتم إختراع جهاز ما بالالوان الثلاثة ويطلق عليه جهاز الـ 25 من يناير، قامت الثورة لتتخلص من النظام ليبقى بعضه ويكسونا الإبتذال.
وأنتظر قريباً أن ننادي بعد أن ننتهي من ثورتنا بجمعة لمكافحة الإبتذال، يتم فيها المطالبة بتجريم كل من يستخدم ألوان العلم الرسمي وكلمة الـ 25 من يناير حتى ولو في حزب سياسي ، ومعاقبته بالسجن داخل زنزانة بالالوان الثلاثة تتردد فيها كل أغاني الثورة دون توقف.
حتى أستطيع بعد ذلك ان أسمى أول أحفادي وأنا مستريح الضمير 25 يناير على اسم ابيه.