''شجرة الحياة'' ... قصيدة مالك الجديدة التي تجمع بيت وبن في مهرجان كان

  • خبر
  • 05:15 مساءً - 18 ابريل 2011
  • 1 صورة



شون بين

على غير عادة الأفلام السينمائية الروائية، فإن فيلم " شجرة الحياة" يعتبر بالكاد صغيرًا. إنه ملحمة ينتظرها الجمهور بفارغ الصبر من إخراج تيرنس مالك الذي يهدف إلى استكشاف معنى "وجود الحياة" في ساعتين و18 دقيقة هي زمن وقت العرض. وقد قالت بعض الأخبار إنه سيعرض في مهرجان "كان" السينمائي في سباق بين أكبر نجوم هوليوود. ولكن الفيلم لم يصبح رهانًا جديدًا على أسلوب مالك كمخرج، ولكن لمشاركة اثنين من أكبر عمالقة الفن في هوليوود في عمل واحد، براد بيت و شون بن. ويعرض "شجرة الحياة " المهارات الخاصة بكل من أكبر نجوم هوليوود، واللذان يظهران معًا في فيلم للمرة الأولى، وتدور قصة الفيلم حول أب ترك أسرته لعقود وبعد ذلك قرر العودة والبحث في المعنى الحقيقي للعلاقة بينهم، ويلعب بين وبيت دوري رجلين من جيلين مختلفين وبمزاجين مختلفين. فقد استطاع الجميع استنتاج أن براد بيت يلعب دور والد بين من إعلانات الفيلم والأخبار القليلة جدًا التي قيلت عنه طوال الفترة الماضية. فإذا كان الحديث عن أكثر الأفلام ترقبًا في العام 2011 فلاشك أن البداية ستكون مع فيلم "شجرة الحياة" الذي تأجل عرضه أكثر من مرة ولأكثر من سبب، ليكون الموعد النهائي لانطلاقته الجماهيرية الأولى هو شهر مايو المقبل حيث سيعرض في الدورة الرابعة والستين لمهرجان كان السينمائي. ومع أن الفيلم من بطولة نجمين شهيرين، إلا أن هناك اسمًا آخر طغى عليهما هو اسم مخرج الفيلم الفيلسوف المبدع تيرينس مالك صاحب اللمسة السينمائية الساحرة وأهم شعراء السينما المعاصرين والذي لا يملك في رصيده سوى أربعة أفلام طوال صنعها خلال أربعين سنة: Badlands ،Days of Heaven ، The Thin Red Line وThe New World.
وفي فيلمه الخامس "شجرة الحياة" يُنتظر من مالك أن يكتب قصيدة سينمائية متألقة بصريًّا وفكريًّا استنادًا إلى عنوان الفيلم "شجرة الحياة" والذي يعني في القاموس الفلسفي "وصول الإنسان إلى لحظة الصفاء المطلق، والخلود" وهو المعنى الذي يشتاق إلى تحقيقه بطل الفيلم بعد أن فقد براءة طفولته وامتلأت حياته باليأس والمعاناة. وكان المخرج الأميركي ترنس مالك الذي هاجر والده من لبنان وأنشأ إمبراطورية نفط صغيرة، واحدًا من المخرجين الذين يستطيعون بالفعل تسليم أعمالهم إلى المهرجانات الكبرى حتى بعد إغلاق باب التقدم. ويعد مالك 67 عامًا، هو واحد من هؤلاء المخرجين. وكان كل واحد من أفلامه استقبل بترحاب نقدي شديد، وإن لم يسع المخرج لكي يشترك في مهرجانات عالمية الشأن، باستثناء "الخط الأحمر الرفيع" الذي عرضه في دورة مهرجان برلين السينمائي الدولي سنة 1998.
ويرى مدير الإخراج السينمائي في الأكاديمية الفنية في جامعة سيراكيوز البروفيسور ريتشارد دوبين إن فيلم مالك الجديد هو الروائي الطويل الخامس له منذ عام 1973 حين قدم عمله الأول "بادلاندز". ويمكن القول بإنه الفيلم الذي يماثل "أوديسا الفضاء" إنما من دون رحلة للفضاء الخارجي، ويعرض المخرج لقطات طويلة ذات الشعرية الغرائبية للحياة ولأجوائها الريفية والطبيعية الرحبة ممتزجة بموضوع اجتماعي عاطفي وجداني حول نشأة صبي من الولادة حتى مطلع شبابه مع المرور على علاقته المتوترة مع محاولات والده لتأسيسه على منواله هو وليس حسبما يخطط الشاب لنفسه. وأضاف "أنا حريص على رؤية هذين العملاقين يعملان معًا في فيلم واحد لأنهما مشتركان في صفات شخصية وعملية كثيرة ستضفى طابعًا خاصًّا على روح الفيلم".
كان أول ظهور لبيت في عام 1987 بعد مشاركته في المسرحية الهزلية آلام النمو، ودور قصير في دالاس. وعلى قدر ما ساعدته وسامته في لفت الأنظار إليه، فإنه عانى كثيرًا في كشف موهبته الحقيقية التي لم يلتفت إليها كثير من الناس، وظل حبيس تلك النظرة التي رآها تقتل حلمه وموهبته، فواجهها بالأداء الرومانسي البارع في فيلم "True Romance، الرومانسية الحقيقية" عام 1993. وجاء عام 1994 كعلامة فارقة في مسيرته الفنية، إذ طرق أبواب النجومية بأدوار الحركة والغموض بفيلم "مقابلة مع مصاص الدماء"، واستطاع الظهور بوضوح بين نجمين لامعين من جيله هما أنتونيو بانديراس و توم كروز، كما قدم فيلم " Legends of the Fall" مع أنتوني هوبكنز، وفي عام 1995 كان لفيلم "سبعة" مع النجم مورجان فريمان دور كبير في اكتشاف موهبة بيت من جديد، إذ حصل فيه على جائزة أحسن أداء، وفي العام نفسه قدّم فيلم "12 قردًا" الذي حصل بدوره على جائزة جولدن جلوب، كما تم ترشيحه لجائزة أوسكار. وشهدت تلك الفترة حالة من الارتباك والتوتر في مشوار بيت الفني، فتراجع قليلا مع دور قصير في فيلم "Sleepers" عام 1996.
وبداية من الألفية الثانية اتخذ أداء بيت طابعًا خاصًّا، وبدءًا من فيلم "Spy Game" عام 2001 من إخراج طوني سكوت وشاركه النجم الكبير روبرت ريدفورد، استحق أن يقف في مصاف نجوم الصف الأول، ويضاهي اسمه عمالقة نجوم هوليوود، دون أن يؤثر ذلك سلبًا على أدائه في الفيلم. وفي 2001 قدم فيلم "أوشن 11" المقتبس من فيلم تم إنتاجه عام 1960 من بطولة فرانك سيناترا، وشاركه البطولة النجم جورج كلوني وأخرجه ستيفن سودبيرج، وحقق نجاحًا ملحوظًا فكان الجزء الأول من سلسلة أفلام ثلاثية. وفي 2004 قفز براد قفزة أخرى بفيلم " طروادة" المقتبس عن أسطورة الإلياذة، وحصل الفيلم على 3 جوائز وتم ترشيحه لـ 18 جائزة أخرى منها ترشيحه لجائزة الأوسكار، وجائزة MTV أفضل ممثل فيلم قتالي مناصفة مع إيريك بانا الذي شاركه بطولة الفيلم.
وفي 2008 ظهر دليل عبقريته الفنية في تقديمه دور بنيامين بوتون في فيلم "حالة بنجامين بوتون الغريبة" من إخراج ديفيد فينشر، وترشح الفيلم لأكثر من جائزة أوسكار، منها جائزة أفضل فيلم وجائزة أفضل ممثل لبراد بيت، واستطاع من خلاله إقناع المشاهد بواقعية الخيال في رجل يسير عمره عكس بقية البشر، ويعود به الزمن إلى الوراء. وفي عام 2009 قدم براد فيلم "أوغاد مجهولون" من إخراج كوينتن تارانتينو، وتم عرضه في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي.
واليوم ينتظر بيت أن يضيف مقطوعة أخرى ناجحة إلى سينفونية حياته الفنية حيث إنه مرشح لجائزة مهرجان كان السينمائي. أما شون بن فقد ولد في أسرة فنية جدًا، حيث أن الأب مخرج والأم ممثلة وكان من الطبيعي له أن يتصور حياته كممثل مستقبلي. آخر أفلامه كان " العودة إلى البرية" المأخوذ من قصة حقيقة، وفيه أثبت شون بن أنه "ليس فنانًا صاحب موقف بل فنان موهوب وشاعري".
بدأ بن مسيرته الفنية في لوس أنجلوس وكانت مسيرته حينها ستقتصر على المسرح والتلفزيون، وفي سنة 1981 حصل على أول دور سينمائي له، وكان ذلك في فيلم "هارولد بيكر" الذي كان أول فرصة لظهور الممثل توم كروز أيضًا، دون أن يتخلى عن المسرح.
في سنة 1986 تزوج من المطربة مادونا التي شاركته بطولة الفيلم الكوميدي البوليسي "مفاجأة شنغاهاي" في السنة نفسه، إلا أن الفيلم فشل وتعرض لانتقادات كثيرة، هذا الأمر لم يمنع اسمه من الظهور على ساحة هوليوود. إضافة لمسيرته كممثل، كانت لشون بن مسيرة إخراجية، بدأها عام 1991 بفيلم "العداء الهندي" والذي كتب له السيناريو أيضًا. أما فيلمه الثاني كمخرج فهو "الحارس العابر" وكان من بطولة الممثل الأسطورة جاك نيكلسون. ثم بدأ شون بن شيئًا فشيئًا في الاختفاء من أمام الكاميرا، قبل أن يطلب منه المخرج الكبير كلنت إيستوود العمل معه كممثل في فيلم "نهر غامض"، وفيه قدم أحد أفضل أدواره والذي فاز عنه بأوسكاره الوحيد.
في عام 2007 عاد شون بن إلى خلف الكاميرا لإخراج فيلم "إلى البرية".عاد شون بن عام 2008 بقوة في فيلم "ميلك" الذي يؤدي فيه دور هارفي ميلك. الشخصية السياسية المثيرة للجدل بسبب نضالها لحقوق الشواذ جنسيًّا.
يمتاز شون بن كممثل بقدرته على التغلغل في داخل الشخصيات التي يؤديها على اختلافاتها، فقد سبق له أن لعب دور جندي أميركي يقوم باغتصاب فتاة في فيلم "ضحايا حرب"، كما سبق له لعب دور محكوم عليه بالإعدام في فيلم "رجل ميت يسير" كما لعب أيضًا دور معاق في فيلم "أنا سام" والذي قدم فيه أيضًا أحد أفضل أدواره. وعلى مدار السنوات الماضية، سعى النجمان إلى توسيع قاعدتهم الجماهيرية قدر الإمكان. وأتقن كلاهما فن الاحتفاظ بحشود الجماهير التي تتدفق على أفلامهم السينمائية. وهناك تشابه في حياتهم الشخصية، كمشاهير، وهو ما يشكل جزءًا أساسيًّا من ثقافة النجوم في هوليوود. فقد وجد كل منها نفسه متورط في علاقة مع نجمة مشهورة، فقد تزوج بن من مادونا بينما تزوج براد بيت من النجمة جينيفر أنيستون. وقد شكلت كل زيجة فضيحة على صفحات الجرائد ومجلات ومجتمعات النميمة. ولم تكن حالات الطلاق نتيجة كسر نمط الزوجين كنجوم يعانون من سلبيات الشهرة التي لا بد من الحفاظ عليها في نظر الجمهور. فيرتبط بيت الآن بشريكته الشهيرة أنجلينا جولي، في حين كان بن الأسبوع الماضي يقول للصحف بأنه بدأ الدخول في قصة حب رائعة مع الشابة سكارليت يوهانسون.
يلعب الحظ ، أيضًا، دورًا رئيسيًّا في حياة النجمين، فهما دائمًا ما يوجدون في المكان المناسب في الوقت المناسب. وهناك الكثير من نجوم هوليوود لم ينجحوا بفضل مواهبهم أو إتقانهم للصنعة، بل كان الموضوع لعبة حظ توجت بالنجاح. ويقول بيتر شانكمان، وهو مؤلف وخبير العلاقات العامة "هذا صحيح بالتأكيد وينطبق على مسيرة بيت الفنية، إن الذين تابعوا المسار الكلاسيكي له وهو يحمل كل أحلامه إلى هوليوود من مدينة صغيرة في وسط أميركا "سبرينغفيلد بولاية ميسوري"، والقيام بمجموعة متنوعة من الوظائف لتغطية نفقاتهم بينما كان يحضر الاختبار بعد الاختبار. فقد كافح بيت لسنوات قبل أن يصل إلى هذه النجومية الرائعة". وآخر فارق كبير بين الاثنين هو موقفهما من السياسة. كلاهما ناشط سياسي لأسباب يحبذاها ولكن لديهما طرق مختلفة للتعبير عن ذلك بشكل ملحوظ. فتحدث بيت في صالح زواج مثلي الجنس، واهتم بنشاط المساعدة على إعادة بناء نيو أورليانز بعد إعصار كاترينا.
واشتهر بن أيضًا بتصريحاته النارية الشهيرة باعتبارها ليبرالية داخل مجتمع هوليوود الصريح الذي يعاني من الخوف في توضيح بعض النقاط السياسية. ومن الصعب أن يتخلى براد بيت عن جولي لقضاء إجازة العام الحالي في مساعدة مخيم للاجئين في هايتي، كما فعل بن. ولا يزال هناك شيء أخر واحد يتشارك فيه النجمان، وهو الطموح وحب القيادة. ففي واحدة من مقاطع الحوارات السريعة التي بثت من إعلانات الفيلم ظهرت شخصية بيت التي تعتمد على التصرف بعنف في بعض المواقف في الحياة، وربما يوافق النجمان على أن هذا ما يحدث في حياتهما الشخصية.



تعليقات