3 أحداث في يومين، لا يربطها رابط، وقعت في عدة أماكن مختلفة، داخل مصر وخارج مصر، ولكنها تشير إلى نقطة واحدة مخيفة تحتاج إلى كثير من العمل.
الحدث الأول هو إغتيال القوات الأمريكية لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وما تبعه من ظواهر تمثلت في أن يقيم البعض له صفحات على الموقع الاجتماعي "فيس بوك" ويخلعون عليه لقب الشهيد المناضل، بل ويزيدون ويشبهونه برمز الثورة عبر العصور "تشي جيفارا"، متناسين أنه لم يوجه قنابله وأسلحته إلا لصدور العرب، وأنه روع الأمنين في اوروبا وامريكا كشعوب، وانه لم يطلق رصاصة واحدة تجاه العدو الصهيوني، ولم يهدده مرة واحدة في عقر داره أو خارجها، وأن بن لادن كان عميل أمريكا المقرب والذي انقلب عليها وانقلبت عليه، لاختلاف المصالح، فصار عدوها الأول، ويشهد التاريخ أن أمريكا - الحكومة لا الشعب - لم تستفد في تاريخها من بشري كما استفادت من أسامة بن لادن عميلا ثم عدواً.
البعض يعتبر مجرد معارضته لامريكا تهبه وسام البطولة، والبعض يرى أن هجره لملايينه ورغد العيش وسكناه للجبل يجعله مناضلاً، والبعض الآخر يرى أن اسلامه يكفي خاصة وقتلته ليسوا بمسلمين، وكل هذا يصيب بخيبة الأمل، لان معارضة امريكا لم تكن بطولة ولنا في بشار الأسد مثلا، وهجرته للملايين ليست تفضلا علينا، لاننا أؤذينا منه أكثر ما أوذي هو من نفسه، خاصة أنه لم يبن بها مستشفيات وملاجيء بل اشترى بها ألة حربية تعيث دماراً وخرابا، أما عن دينه، فكم يحمل الاسلام من هو برىء منه.
أما الواقعة الثانية التي لا علاقة لها بتلك الواقعة من بعيد أو قريب، هي الإشاعة التي سربها موقع إلكتروني زميل، عن قرار شفهي من سامي الشريف رئيس اتحاد التلفزيون والاذاعة بمنع القبلات والاحضان في الافلام العربية القديمة، وعمل مونتاج لها يتكلف الملايين، والمثير للدهشة أكثر من عبثية القرار الذي تم نفيه فورا بعد ذلك ، هو ردود أفعال المصريين، والتي هللت وباركت القرار في اشارة واضحة لمرشحي الرئاسة الانتهازيين لوضعه ضمن برامجهم، وحاول المثقفون الذين هللوا للقرار أن يقارنوا بيننا وبين ايران، مطلقين صيحة غاضبة بأن السينما في ايران ليس بها قبلات ولا احضان، ولكنها حازت على جوائز عالمية، حقيقة تبدو الصيحة مخجلة، لان البعض يطلب أن نعود للوراء، ونصبح مثل ايران، اكبر دولة قمعية في المنطقة، تلك التي ذبحت شعبها ذبحاً لانه اعترض على تزوير الانتخابات، تلك التي تمول دون كلل أو ملل، كل حركات الانفصال الشيعية في الوطن العربي، تلك التي تحتل جزر اماراتية وترفض التنازل عنها، الحقيقة أنني أحترم ايران كتاريخ، كأمة وحضارة، لا كحكومة، وفنانيها ينحتون في الصخر، ويواجهون الاعتقال والقتل يوماً بعد يوم ولنا في جعفر بناهي مثلا.
أما الحدث الثالث فهو قذف الفنانة بسمة بالطوب في احتفالية عيد العمال الأحد الماضي، الفنانة التي قضت 18 يوماً في الميدان تحمل الماء والطعام والبطاطين للثوار، وتشاركهم كل تفاصيل الثورة العظيمة، يتم الاعتداء عليها في مكان انتصارها، لانها رفضت التوقف عن القاء كلمتها ، بينما ارتفع اذان العشاء، قد تكون بسمة اخطئت في قناعة البعض، ولكن اي خطأ في الاسلام يا حراس الدين يبيح الرجم بالطوب، اي جرم هذا الذي يستبيح هذا العقاب، الحقيقة مرعبة، والحدث بالفعل مخيف.
الأحداث الثلاثة تشير إلى حاجتنا الضرورية إلى ثورة عقول، إلى تحطيم تلك القيود التي وضعها النظام السياسي السابق منذ يوليو 52 على عقولنا وغير أعرافنا وتقاليدنا، كما نحتاج إلى زرع ثقافة الآخر، كيف تتقبله، كيف تستمع إليه، وكيف تختلف معه، وماهي حدود اقناعك له.
ثورتنا في 25 يناير، تحتاج الى ثورة موازية للعودة إلى حقيقتنا كأعظم شعوب الدنيا.