عينان متسائلتان هما أول ما يجذبك في وجه مريم نعوم، والانجذاب هنا ليس سهلاً لأنك تبحث معهما عن مئات الأجوبة لأسئلة قد لا تعرفها، وقد تنسى إجابتها ليظل السؤال ويستمر البحث، عينا طفل برىء يجتاز خطواته الأولى في شارع ملىء بالحدائق ومدن الملاهي، والمقابر أيضاً، فتتسائل عن هذا وتضحك لهذا وتبكي لذاك.
عينان تداعبها خصلة شعر نافرة تصر دائماً على الثورة لتعطي الجبهة المضيئة صلة بتلك العيون، وتعطي صاحبتها بذلك الأنف الروماني، والشفاه التي تشبه شواطىء الأندلس القديمة صلة باسمها..... مريم، البتول، الأم، القديسة.
ولكل امرء نصيب من اسمه، أما هي فاكتسبت من اسمها كل معانيه وكأنها استحوذت على كل النصيب دون أن تترك للقدر فرصة ليشكل ملامح أخرى في شخصيتها، التي أضفت عليها هي بنفسها تلك الروح الثائرة التي لا تهدأ، وذلك البحث المستمر عن الحقيقة، لروح طفل يخشى أحياناً أن يبتسم، لأنه حين يبتسم تلمع عيناه وتفيض منهما كل الإجابات، وعندما تضحك يتحول ذلك الوجه المثلث الصغير إلى اكورديون في يد عازف ماهر.
مريم نعوم في حالة ثورة منذ الميلاد، وحتى تجد الإجابة عن تلك الأسئلة التي تطرحها عينيها، وان كان طرحها في كل مرة ثمر وفير.
تلك الفنانة الشابة التي قدمت للسينما المصرية كسيناريست واحداً من أروع افلامها - واحد صفر - ثم شاركت في ثورتها، بايمان كامل هي الشرح الوافي لكلمة "مصرية حتى النخاع"، تلك الكلمة التي تصافح اذاننا وتعبر امامنا وننطقها أحياناً لنصف نغمة موسيقية شديدة الشرقية، ابتسامة على وجه طفل لوحت الشمس بشرته، أو حتى بائع عرقسوس في عصر يوم رمضاني حار.
تلك هي مريم نعوم الكاتبة الشابة التي استعادت وجه نفرتيتي من المانيا ليسكن ملامحها، وتشارك في ثورة يناير وتستمر في الثورة طالما لم يذق طائر الحرية طعم الاستقرار في بر مصر.