مرة جديدة تحقق المخرجة اللبنانية نادين لبكي نجاحاً في سماء المهرجانات الدولية، حيث سيستضيف مهرجان باريس السينمائي في دورته التاسعة، التي تقام من 2 إلى 13 يوليو المقبل، فيلمها " وهلق لوين؟" ، والذي عُرض من ضمن تظاهرة "نظرة ما" في مهرجان كان السينمائي الأخير، ونال تنويهاً من لجنة تحكيم متخصصة في مسألة التسامح بين الأديان.
كما حازت نادين عن عملها هذا جائزة الناقد "فرانسوا شاليه" التي تُمنح كل سنة لأفضل عمل روائي طويل في مهرجان كان الدولي ولمؤلف أبدع في إبراز حقيقة عالمية.
وكشفت لبكي، وفي اتصال تليفوني معها أنها بدأت العمل على هذا الفيلم بعد أحداث مايو 2008 في لبنان، حين نزل الناس إلى الشوارع وأطلقوا النار على بعضهم البعض، وشعرت بالخوف حينها، خصوصاً أن العديد من الأولاد حملوا السلاح، فقررت أن تحول هذه الأحداث إلى مادة يدور حولها فيلم "وهلق لوين"، من خلال مجموعة نساء يعشن في قرية، ويدافعن عن عائلاتهن ويختبرن تلك المعاناة.
وأشارت إلى أنها تناولت الموضوع من زاوية الطائفية، بخاصة أن البعض لا يتقبل اختلاف الأديان. ولم تخف أنها شعرت بالخوف جراء هذا الموضوع، خصوصاً أنه حسّاس ودقيق ويحتاج إلى طرح كل وجهات النظر وعدم التحيز وإلا وقع الفيلم في فخ مؤلم، مؤكدة أنها التزمت الحيادية وفصلت انتمائها الديني عن هذا العمل.
وقالت لبكي إن "المشكلة أن العديد من الناس يتظاهرون بأنهم منفتحون على الآخر، ويتقبلونه مهما كان دينه، والمؤسف أن الواقع أحياناً مختلف ومؤلم. هناك احتقان طائفي، والأحداث في الفيلم تدور حول طفل مسلم يحطم صليباً، فيعتقد المسيحيون أنه فعل متعمد من رجل، فتبدأ المشاكل، وينتهي الأمر بمآسي عديدة: أولاد قُتلوا ورجال محطمين نفسياً ونساء أرامل وأمهات يذرفن الدموع على فقدان أطفالهم".
وأشارت إلى أن هذا العمل بعيد نوعاً ما عن المواضيع السياسية، فهي لم تحبذها يوماً، ولا تريد أن يُصبغ عملها ببصمة سياسية، خصوصاً أنها تعالج الموضوع من ناحية إنسانية بحتة، وتلقي الضوء على الأعذار الوهمية التي يستعين بها البعض للاختباء وراء أصابعهم وتكون أحياناً سبباً لاندلاع الحروب.
وعن إخراجها للفيلم ومشاركتها تمثيلياً أيضاً فيه، أكدت نادين أنها لا تعتبر نفسها ممثلة محترفة، إذ تفضل أن تكون مخرجة وصاحبة رؤية، كي تكون المسيطرة على العمل بكل حذافيره، إلا أنها دائماً ما تخلق توازناً عند قيامها بالأمرين معاً، وهو توازن كثيراً ما يتحقق تلقائياً ومن دون أي جهد يُذكر، خصوصاً حين تتعامل مع ممثلين غير محترفين، مثلما حدث في فيلمها السابق " سكر بنات" وما يحصل اليوم معها في فيلمها الجديد "وهلق لوين".
هذا الأمر يجعلها قريبة من كل ممثل، كما تصبح إدارة العمل سهلة جداً، فهي حينها تكون فرداً فاعلاً على أرض العمل، فتختفي حينئذ رهبة المخرج وتأتي مكانها الصداقة والتعاون. وأضافت أنها تسعى دائماً إلى المحافظة على عفوية المشاهد، لأنها تبحث من خلال عملها عن لحظات حقيقية. ولا يرتاح بالها إلا حين تلمس هذا الشعور من الممثلين (غير المحترفين)، كما حين يتناسون وجود الكاميرا. واعتبرت أن في الأمر مجازفة لناحية الوقت، إلا أن النتيجة دائماً ما تكون مضمونة لأنها تختار الشخصيات بعد أن تكون اختبرتهم في الحياة العادية.