بعد أن أصبح جلي أن جهاز الشرطة لم يتغير أسلوبه تقريبا تماما إلا في بعض الأمور السطحية.
وبعد أن أصبح واضح كالشمس أن المشكلة أعمق من إزاحة بعض الوجوه لإن المشكلة مشكلة تراكمت عبر السنين إلى أصبح القمع و إحتقار الشعب ثقافة عامة عند جهاز الشرطة.
فيجب أن تكون هناك حلول جذرية ترقى لمستوى الحدث و تلائم خصوصيته و خطورته.
هناك بعض الأفكار التي من الممكن أن تحل هذه المشكلة و هنا ملخصهم.
الأفكار:
الشرطة تحتاج وجه شاب ليمثلها كوزير لها، ليشعر الناس أن هناك تغيير حقيقي، وجه لم يفترشه التجاعيد و الشعر الأبيض، وجه يرتسم عليه الحزم و الجدية و يتمتع بقبول من العامة.
إزاحة كل من هم فوق رتبة عقيد، كعميد مثلا أو لواء إلى مساعدين الوزير، لإنهم طوال ثلاثون عاما من عملهم لم يكن واحد منهم واقفا ضد نظام القمع و العنف و الطاعة العمياء للأوامر الظالمة مهما تظاهر بعكس ذلك و قد أثبتت كل الدراسات النفسية أنه بعد سن الخمسين يصبح من المستحيل أن يغير المرء عقائده أو عاداته أو أسلوبه في التعامل مع المواقف العملية أو الحياتية.
الوزير الجديد يجب أن يكون على دراية بالقانون أكثر من درايته بالوضع الميداني، بالتعامل مع الجمهور المحترم أكثر من التعامل مع البلطجية، له شهادات علمية محترمة و يتمتع بعقلية إدارية تتمتع بالرؤية المستقبلية أكثر من إستخدامه لأسلحته أو قوته الجسمانية.
أثبتت الأبحاث العلمية و النفسية - و هذا موثق و عندي الأدلة لذلك - أنه طالما إختبأ الظابط خلف نظارته الشمسية و بدون دليل ظاهر على هويته فيكون أعنف و أقل خوفا من العقاب.
لهذا، يمنع تماما إرتدائهم لنظارات الشمس، و يلتزم بوضع شارة صغيرة عليها إسمه و رتبته، و من يتعذر عليه هذا لدواعي أمنيه يضع رقم من السهل أن يكون مرجع للوصول إليه في المستقبل.
كما حدث في جورجيا و بعض الدول الأخرى، تتحول حوائط الأقسام لحوائط زجاجية، و تصور جميع التحقيقات و القبضيات لضمان مصداقيتها، و لن نصدق - كشعب - تبرير صعوبة ذلك بعدم توفر الأموال بعدما إكتشفنا إنكم مازلتم تستوردون القنابل المسيلة للدموع الحديثة.
المحاكمات العسكرية السريعة لمن يشتبه تورطه في عملية قتل المتظاهرين أو أي عمليات فساد مالي أو إستغلال للسلطة في العنف، مع إمكانية العفو عن بعضهم في حالة ضئالة جريمته و العفو من المجني عليه.
أن تتم إستشارات نفسية إجبارية لكل من تعامل مع الثورة، أو تعامل مع الجمهور، أو إستخدم العنف حتى لو كان مبرر و حتى لو لم يثبت عليهم القيام بجرائم، من جهة محايدة يشرف على أدائها جهات تقييم أداء محايدة أيضا.
أن يتم التعامل الجدي الحازم لكل شرطي يقوم بتجوازات يسيطة ضئيلة مثل تعليق نسر على سيارته الملاكي، تفييم زجاجها، وضع البرنيطة داخل السيارة، حظر إستخدام الألقاب المدنية كمثل "باشا"، "بيه" بجدية لإن هذه الأمور البسيطة تفرق كثيرا في نفسيته و طريقة إستخدامه لسلطته.
أن يتم الفصل بين الشرطة الأمنية و الخدمات الشرطية كالسجل المدني و الأمور الخدمية الأخرى لتتبع وزارات أخرى كالتنمية الإدارية مثلا، حتى نوفر الوقت و المجهود على وزير الداخلية من مشاكل فرعية ليس خبير بها.
أن تتم تحسين أوضاعهم المعيشية و مرتباتهم المالية بدون مزايا عينية أو إستثنائية، و ستتوفر هذه الأموال بعد إستبعاد الرؤوس الكبيرة التي كانت تأخذ الكثير بينما تعطي أوامر بدون أن تعمل ميدانيا.
توفر الدراسات الشرطية الحرة لخريجين الجامعات، جامعات الحقوق أو أي من جامعات تعليم عالي أخرى، حتى يؤهلون سريعا للإلتحاق بالشرطة، و يكون تدريب كل منهم على حسب ما يختاره من تخصص يتعلم على أساسه ما سيستخدمه فقط.
مكافئات مجزية لكل المتميزين و تكريمهم ماديا و معنويا و إظهارهم إعلاميا.
إنتشار ثقافة الإعتراف بالخطأ و عدم محاولات تبريره أو طمسه بأي شكل.
و أخيرا…
كل هذه المقترحات حتى لو ظهرت على إنها خيالية أو رومانسية طبقت في دول أخرى عانت نفس مشاكلنا و قد تكون ظروفها أسوأ من ظروفنا.
و الحلول الحقيقية يجب أن تساوي حجم المشكلة.
و المشكلة كبيرة.
حتى إن كنتم لا تعلمون.
أو لا تريدون أن تعلمون.