لمائة وعشرون ثانية ، صَفَّق الحاضرون في مهرجان تورنتو اليوم ، بعد مُشاهدتهم لـ"20 دقيقة" من كواليس تصوير وبعض مشاهد فيلم " زهور الحرب- The Flowers of War" ، والذي يقوم ببطولته النجم البريطاني " كريستيان بيل" ، تحت قيادة أحد أعظم مخرجي أسيا " زانج يمو" .
ويُعتبر الفيلم ، الذي كُلّف قُرابة الـ100 مليون دولار أمريكي ، هو الإنتاج السينمائي الأضخم في تاريخ الصين ، ودَعَّم تِلكَ المُغامرة قُدرة "زانج يمو" على صِناعة الملاحم السينمائية الكبرى ، والتي بَرْهن عليها بثلاثة أفلام ناجحة خلال السنوات العشر الأخيرة - في مُقدمتها Hero عام 2002 - ، إلى جانب أن تناول الفيلم لحادثة تاريخيّة هامة بين الصّين واليابان سَيَكْفل نَحاحاً استثنائياً بداخل أسيا ، ووجود نِجم بحجم "كريستيان بيل" سَيُسَهّل عَرْضه وتحقيقه لإيرادات عالية بداخل أمريكا وبريطانيا بشكل خاص ، ثم دول أخرى سيجذبها اسم النجم الهوليوودي الكبير ، دونَ أن تَعْرِف أنه يحمل وراءه واحداً من القامات السينمائية الكبرى في العالم اليوم .
الفيلم مُقتبس عن رواية تاريخية للكاتب الصيني "يان جيلينج" ، تتناول حادثة شهيرة جَرَت قُبيل الحَرب العالمية الثانية ، وعُرِفت تاريخياً باسم "مذبحة نانجينج" أو "اغتصاب نانجينج" ، حيث قام الجيش الياباني بقتلِ مئات الآلاف من الجنود والمواطنين الصينيين ، واغتصاب الآلاف من النساء ، عقب الاستيلاء على مدينة "نانجينج" شرق الصّين .
وفي أثناء تِلكَ الفترة المُضطربة ، تدور أحداث الفيلم ، حول مُتعهّد دفن الموتى "جون هوفمان" ، الذي حَضَر لِدفن كاهن كاتدرائية في مدينة "نانجينج" ، وبينما تقوم الحرب وتَنتشر الجُثث في كل مكان ، يَرتدي "هوفمان" زيّ الكاهن ، مُحاولاً النجاة بحياته والاحتماء بالكاتدرائية من هَمَجِيَّة الجنود اليابانيين .
تَتَعَقَّد الأمور أكثر بعد سيطرة اليابانيين على الكاتدرائية ، وطلبهم المُشين بأن تقوم بنات المدرسة الملحقة بها بالحضور لاحتفال صاخب ، وتوظيفهم كَسَبَايا وخَدَم جنسيين للجنود المُنتصرين ، وهو ما يُعَرَّض "هوفمان" لأكبر مأزق أخلاقي في حياته، ويحاول تجاوزه في ظل انحدار الأوضاع في كل ناحية ، خصوصاً مع قدوم اثنتى عشر من البغايا ، يطالبن بالحماية والاحتماء بقبوِ الكنيسة .
وَوَصَفت جريدة "لوس أنجلوس تايمز" العمل باعتباره "يليق بزانج يمو" ، حيث تبدو الحرب "مُوْحِشَة وجميل في آنٍ واحد" ، وكأنَّكَ "تقوم بعرض صُوَر مُتَّصلة لبطاقات بريديّة مُلَوّنة تَخُصّ الحرب" .
وبالنسبة لمخرج بحجم"زانج يمو" ، الذي فازَ بالجوائز الكبرى في مهرجانات "كان ، برلين ، فينيسيا" ، ومع ميزانية ضخمة - عشرة أضعاف ميزانية فيلمه الأول "Red Sorghum" الذي فاز به بدُبّ برلين الذهبي - ، فإن نتيجة كهذه - وَوَصْفَا كالذي ذكرته "لوس أنجلوس تايمز"- تبدو شديدة المنطقية .
أما "كريستيان بيل" ، فإنَّه يَستمر في مَسيرةٍ مُدهشة ، يُحَقّق فيها التوازن بين كونه واحداً من نجوم الصَّف الأول في هوليوود الذين يمثلون رهانات ناجحة في شبَّاك التذاكر ، وبين كونه واحداً من أكثر أبناء جيلة مَوْهَبة وأفلاماً سينمائية ذو ثِقَل ، وقَد تُفَسّر قصة بسيطة كل شيء: وَافق "بيل" على بطولة هذا الفيلم ، والبقاء في الصين لمدة تُقارب الستّة أشهر ، (فقط) كيّ يعمل تحت قيادة "زانج يمو" ، قبل أن يذهب لتصوير خاتمة ثلاثية كريستوفر نولان العظيمة عن " باتمان" ويَنْتظر "مليار دولار" سيحققها حول العالم عند عرض الفيلم في الصيف المُقبل ، والذي سيتجه فيه نحو " تيرانس ماليك" - أحد أعظم مخرجي السينما وحامل سَعْفة مهرجان كان الأخيرة - كي يقوم ببطولة فيلمه الجديد! ، صانعاً مسيرة استثنائية بحق .
صُوّر "زهور الحرب" في 167 يوماً بشكلٍ مُتواصل ، واضطر الفريق للعَمَل لفتراتٍ طويلة وَصَلت إلى ثمانية عشر ساعة يومياً ، وعُرِفَ طوال تِلك الفترة باسم "13 امرأة من نانجينج" أو "أبطال نانجينج" ، قبل أن تُعْرَض دقائقه العشرين في تورنتو باسمه الحالي .
وسَيُعْرض الفيلم بشكل رسمي يوم "16 ديسمبر" المقبل في دور العرض الصينية ، مع محاولات تجرى حالياً لعرضه في الولايات المُتحدة بنفس الوقت ، وبالنسبة لي: هو واحد من أكثر أعمال العام انتظاراً .