أحد أعظم متع السينما، أن تنفصل مع المعروض عن الشاشة عن العالم، تندمج روحك بما تشاهد وتسافر مستخلصة السعادة أو الآلم، هذا هو بالضبط ما يقدمه الفيلم التسجيلي الثورة خبر للمؤلف والمخرج بسام مرتضى من إنتاج مؤسسة المصري، حيث يدور الفيلم حول المهام التي نفذها 6 من الصحفيين - 3 شباب و3 شابات - خلال ثورة يناير شاملة الأحداث التي حدثت طيلة الـ18 يوماً.
استخدم الفيلم المقاطع المصورة والتي قام صحفيو الفيديو المشاركون في الفيلم بتصوير بأنفسهم، مما أعطى بعداً حقيقياً ملموس للغاية في الفيلم، مع تعليقاتهم على أحاسيسهم المصاحبة لها، كان المدهش هو نجاح بسام في أن يحصل على لقطات مصورة لهؤلاء المصورين وهو يقومون بعملهم من كاميرات أخرى، وهم ينهارون غارقين في البكاء، وهم يتعرضون للعنف، وهم يشاركون في حمل المصابين والشهداء، مما يدل على المجهود الكبير المبذول في التحضير للفيلم.
ولكن كما اعتادت الحقيقة أن تكون دائماً مرة، ترك الفيلم في أنفس المشاهدين مرارة وآلم، أحداث عاصرناها وشاركنا فيها، لكن رؤيتها من على مقعد في سينما مكيفة يجعلك تسترجع كل الآلم الذي احت روحك وجسدك يوماً، وهو ما حاول مخرج الفيلم كسره ببعض "الإفيهات" التي أطلقها الصحفيون الرواة خلال تعليقهم في الفواصل.
وكان المونتاج هو البطل الحقيقي في هذا العمل بجوار الواقعية، حيث أجبر المشاهد على إلتقاط الأنفاس بعناية من خلال تقطيع مدروس حافظ على إيقاع الفيلم وإثارته على الرغم من علم المشاهدين بالأحداث مسبقاً، كذلك أدت الموسيقى التصويرية دورها في إعطاء عمقاً للمعروض على الشاشة - وإن زادت الألم -.
أجاد بسام مرتضى إختيار عناصره على الرغم من أنه عمله الأول، ونجح في تقديم أول فيلم حقيقي عن الثورة المصرية بعد مرور عام على حدوثها، وهو ما أكده ظهور الرواة بالزي الصيفي، إشارة إلى مدة مونتاج وضبط الفيلم وباقي العمليات المصاحبة استمرت 4 أشهر على الأقل، وهو ما حقق في الفيلم معادلة ''أن للسينما معنىً آخر، أكثر عمقا".
ولكن يعيب الفيلم فقط عدم الإشارة نهائياً إلى محاصرة القصر الرئاسي في مصر الجديدة - على الرغم من مشاركة الصحفى أحمد رجب أحد رواة الفيلم في هذا الحدث - خاصة وهو أهم فيلم وثق للثورة حتى الآن.
الثورة خبر فيلم ينتظر العرض في مهرجان برلين...... الثورة خبر فيلم يستحق أن يشاهده العالم، خاصة الـ 85 مليون مصري ليعرفوا أي معجزة تحققت.