أستميحك عذراً عزيزي القاريء في أن أكتب عن فيلم فرنسي يدعي Love Me If You Dare، أو بلغته الأم Jeux d'enfants، أو بلغتنا العربية طبقاً للترجمة الإنجليزية "أحبني إن كنت تجرؤ"، أو "اللعبة" حسب الترجمة الفرنسية، وهو فيلم لم يعرض تجارياً في مصر التي إعتاد المسيطرون على السينما فيها عرض الأفلام الأمريكية فقط، وتم إنتاجه عام 2003، من بطولة النجمة الشهيرة ماريون كوتيارد، والنجم جيوم كانيه، تأليف وإخراج يان صمويل، وهو فيلم رومانسي يحكي قصة حب طويلة بدأت بين طفلين حتى لحظة وفاتهما.
الفيلم يشبه تماماً أساطير العشق التي سمعنا بها وتحاكينا عنها في مراهقتنا وحتى في نضجنا، قصة تبدأ بين طفلين ينتميان لبعضهما بطريقة ما تعتمد على "علبة" أطفال، تبقى تلك "العلبة" محور حياتهما في تبادل الألعاب والأحكام بين بعضهما البعض، بين إعتراف خاطف بالحب يعقبه إنفصال طويل عقب رفض والد الشاب إرتباطه بالفتاة ذات الأصول البولندية، محملاً إياه سبب وفاة والدته، مهدداً إياه بالرحيل عن حياته، ثم لقائهما بعد ذلك لفترة قصيرة، يرفض خلالها الشاب الإعتراف مرة أخرى بمشاعره على الرغم من إفساد الشابة زواجه، قبل أن يغيبا لمدة 10 سنوات ليلتقيا بعد أن تزوج كلاهما، ثم يقرران في ظروف مجنونة العودة لغرامهما القديم، والدفن في حوض أسمنت.
السيناريو مبهر، جديد تماماً في تناوله لقصة غرامية، تعتمد على رومانسية كوميدية تناولتها الأفلام الأمريكية بسطحية كبيرة، حيث يظل المشاهد مبهوراً بقدرة البطلين على تبادل تلك "العلبة" مصدرين أحكاماً على بعضيهما تشبه أن يأتي الشاب للفتاة بقرط إحدى الفتيات، في أن يضرب كليهما مدرب "الجيم" العملاق بالقلم، في أن يؤمر أحدهما الآخر بالغياب لمدة 10 سنوات، يعتمد طوال مدة الفيلم التي تصل إلى 93 دقيقة على إثارة دهشة المشاهد ومفاجأته من حين لآخر - بالبلدي يتعب قلبك -.
ينزعج المشاهد من ذلك الغياب المتعمد بين عاشقين يبدو الحب واضحاً بينهما، لكنه يعجز عن كبت إبتسامته مع كل عودة، يواجه ألغازاً في البداية، يتم حلها بمجرد والوصول لنهاية الفيلم، كذلك كان أداء الطفلين الذين قدما الشخصيتين في الطفولة مبهرا، حيث تشعر خلال كل لمحة بكم من "الشقاوة" يثير اللهاث، يتحول مع أداء البطلين إلى حالة غرامية يعجز معها المشاهد عن منع قلبه من النبض.
فيلم "أحبني إن كنت تجرؤ" فيلم يعيد تعريف الحب لدى مشاهديه، يعيد تقليم أظافر المادية التي احتلت أرواحنا، أمام قصة غرامية، أصر بطلاها في النهاية على أن يتركا العالم بما فيه، بما لهما وعليهما، ليموتا سويا، محتضناً كلاً منهما الآخر بينما يصب عليهما "خلاط" الأسمنت شحنته القاتلة، فيلم يهدم تلك القواعد التقليدية عن شكل الحب داخل كلاً منا، يعلمنا أن الحب أغلى ما في الحياة، ومن آجله تبذل الأرواح، لا من آجل الكراهية.