The Rum Diary هو فيلم مأخوذ عن رواية ذاتية بنفس الاسم للكاتب هانتر تومسون، الرواية كتبها تومسون في أوائل الستينات ، ولكنها لم تر النور وتنشر حتى عام 1998، هل تريد أن تعرف السبب؟
ربما إذا شاهدت فيلم The Rum Diary ستعرف لماذا تأخر ظهور الرواية 38 عاماً، فالرواية في حد ذاتها ليست مميزة على الإطلاق، وكذلك الفيلم، جاء عادياً، الأحداث تمر سريعة، قد تشعر بالاختزال الزائد عن الحد أثناء مشاهدتك للأحداث، كثيراً من التفاصيل كانت من الممكن أن تضفي دراما على السيناريو ولكن الفيلم أسقطها تماماً، حتى نهاية الفيلم تستكمل من خلال سطور على الشاشة توضح لك ما آلت إليه الأمور. اختزال شديد تعيش فيه مع شخصية الفيلم الرئيسية بشكل سطحي تماماً خالي من العمق، فقط لو كان السيناريو به دراما أو تفاصيل للأحداث لكان أفضل، ولكن لا يمكنني لوم السيناريو وحده، فالرواية أيضاً مثله، ورغم أن الفترة الزمنية التي قضاها تومسون في بورتريكو قصيرة جداً إلا أن تلك الفترة غيرت مجرى حياة تومسون فيما بعد.
تبدأ أحداث الفيلم بانتقال الكاتب بول كيمب من نيويورك لبورتريكو في أمريكا الجنوبية للعمل بجريدة The Daily News التي يرأسها لوترمان، حيث التحق كيمب بالجريدة ليكتب مقابل المال، بعد أن حاول كثيراً الكتابة من أجل الأدب ولكنه فشل ولم يتمكن من كتابة رواية أدبية واحدة، فيقرر العمل كصحفي، وبالفعل يحصل كيمب على الوظيفة بسهولة، فقد كان الوحيد الذي تقدم لها، وبالتالي من الطبيعي أن يحصل عليها.
تتطور أحداث الفيلم ليتعرف كيمب على مجتمع الرأسماليين في بورتريكو ويتعرف على طبقة الأغنياء منهم ومشروعاتهم الاستثمارية التي لا تلقي بالاً للشحاذين ومحدودي الدخل أو معدومي الدخل، وبين طبقة الكادحين والأغنياء يختار كيمب المعركة التي يقرر خوضها ليتخذ موقفاً إيجابياً لأول مرة في حياته.
الفيلم من إخراج وسيناريو بروس روبنسون، مخرج وكاتب مغمور تولى إخراج ٤ أفلام من قبل لا تذكر، ولا أحد يدري لماذا اختار جوني ديب العمل مع روبنسون، الذي قدم سيناريو مختزلاً إلى الحد الذي جعل بعض المشاهد يمكن تسميتها بالمشاهد (المحشورة) مجرد حشو بعض المشاهد أو جمل التي ليس لها داع لمحاولة إضفاء أبعاد عميقة على شخصية كيمب لن تلاحظها في الفيلم أو الرواية، فمثلا مشهد تجد فيه كيمب يخبرنا أن كينيدي هو الذي سيفوز في الانتخابات الأمريكية لتقتنع أنه شخصية ذات رأي سياسي صائب، أو مشهد آخر يقدم لك البعد الإنساني في كيمب من خلال مشهد يقوم فيه كيمب بتصوير فتاة فقيرة يلمحها مصادفة ولا تراها مرة أخرى! عمق زائف يثقل به روبنسون سيناريو وأحداث الفيلم تجعلك تفكر في مدى سطحية الأحداث بدلا من إخفاءها.
يبقى أداء جوني ديب هو العنصر الرائع في الفيلم، هذا الممثل الذي لم يصعب عليه أداء شخصية من شخصياته غير التقليدية التي اعتاد على تقديمها، أداءه سهل ممتنع وكأنه لا يبذل أي جهد، وكأن أيضا المخرج قد أدار الكاميرا وترك جوني ديب أمامها يتبختر بقدراته التمثيلية.
ربما لن تتعجب إذا عرفت أن جوني ديب بالفعل يعرف الكاتب تومسون، بل وأن ديب قد ساعد بنفسه في نشر روايته The Rum Diary عام 1998، ربما ذلك الإيمان بشخصية تومسون كانت الدافع والحافز وراء ذلك الأداء المتقن الذي برع فيه ديب على الشاشة، أيضا أداء الممثلين ارون ايكهارت، مايكل ريسبولي و امبير هيرد جاء متناغماً مع ديب، ليخفي سطحية الفيلم والأحداث المختزلة بعض الشيء فتخرج من الفيلم وانت متردد قليلاً إذا كنت قد استمتعت به أم لا، وبعد فترة تجد أنك استمتعت بفيلم لطيف ولكنه لن يترك علامة في عالم السينما.