في كافة المجالات، هناك من يكتفي بالقيام بعمله فقط، وهناك من يعطي تفاني لما يقوم به، ذلك الميل الإضافي الذي يذهب إليه البعض فيتميز أشخاص قليلون عن الأخرين، وفي مجال السينما، ذلك الميل الزائد الذي قدمه عدد قليل جداً من الممثلين جعلهم مميزين، وجعل من مشاهدهم وأفلامهم، مشاهد لا تنسى. إليك جهود لن تصدقها قام بها عدد من الممثلين من أجل حفنة أفلام مميزة أصبحت علامة في السينما الأمريكية.
روبرت دينيرو في Cape Fear - رأس الخوف ١٩٩١
الفيلم إعادة إنتاج لفيلم كلاسيكي أمريكي بنفس الاسم أنتج في ١٩٦٢، ولكن هذه المرة من إخراج مارتن سكورسيزي، يدور الفيلم حول ماكس كادي المجرم الذي حكم عليه بالسجن لمدة أربعة عشر عاماً بتهمة الاغتصاب والاعتداء علي سيدة، يخرج كادي من السجن بعد انقضاء العقوبة لينتقم من المحامي الذي تسبب في سجنه انتقاماً بشعاً.
شخصية ماكس كادي التي جسدها روبرت دينيرو هي شخصية لمجرم متوحش ممتلئ جسده بالأوشام وأفنى دينيرو نفسه للدور تماماً حتى أنه قام بتشويه أسنانه عند طبيب أسنان مقابل خمسة ألاف دولارات لتجسيد الشخصية، وبعد تصوير الفيلم قام روبرت دينيرو بدفع مبلغ عشرين ألف دولار لإصلاح أسنانه التي كانت قد تشوهت تماماً.
دانيال داي لويس في Last of the Mohicans - آخر رجال الموهيكان ١٩٩٢
إبان الحرب بين فرنسا والهند، تحاول ابنتا أحد الجنرالات الإنجليز بمعاونة رجلين من قبيلة الموهيكان الوصول إلى البراري الممتدة على الحدود الأمريكية للوصول بأمان بعيداً عن الحرب.
الفيلم تدور معظم أحداثه في البرية والأدغال، حيث قام دانيال داي لويس بالاستعداد لدوره كأحد رجال قبيلة الموهيكان من خلال عيشه في البريه لمدة ٦ شهور كاملة معتمداً فيها على كافة الوسائل البدائية للعيش، وبعد انقضاء الأشهر الست قرر دانيال بدء التصوير ليقدم شخصية مجسدة بشكل متقن من الصعب نسيانها على الإطلاق، ويصبح الفيلم واحداً من كلاسيكيات الأفلام الأمريكية.
نيكولاس كيدج في Leaving Las Vegas - الرحيل عن لاس فيجاس ١٩٩٥
الفيلم تدور أحداثه حول كاتب سيناريو مدمن للخمر يقرر الانتقال إلى ولاية لاس فيجاس بأمريكا لينتحر بشكل مختلف حيث ينوي شرب الخمر هناك إلى أن يموت.
قام نيكولاس كيدج بتجسيد شخصية البطل سام ساندرسن، وقام نيكولاس بشرب الخمر إلى أن وصل لمرحلة السكر ثم قام بتصوير نفسه في تلك الحالة، وكرر التصوير والتجربة أكثر من مرة، ومن ثم بدأ في دراسة تأثير الكحول على تصرفات الإنسان ليقدم أداءً فريداً في هذا الفيلم.. الطريف أن البعض يتساءل عن مصير أشرطة الفيديو التي صور نيكولاس كيدج فيها نفسه وهو مخمور!
روبين ويليامز في Patch Adams - باتش إدامز ١٩٩٨
الفيلم يحكي عن الطبيب باتش أدامز الذي يعمل بمستشفى ويقوم بنشر البهجة والسعادة بين مرضاه ولا يكتفي فقط بمعالجتهم، بل يسعى لتحقيق أمانيهم.
من أجل هذا الفيلم، قام روبين ويليامز بعمل بحث طويل حول الطب والأطباء ومعاملة الأطباء للمرضى، بل وقام بقضاء أشهر داخل إحدى المستشفيات حيث عمل فيها كمهرج لإضحاك وإسعاد الأطفال فيها. للأسف رغم الجهد الرهيب الذي بذله روبين إلا أن الفيلم لم يلق قبولاً جماهيرياً واسعاً نظراً لكونه درامياً إلى أقصى درجة رغم أنه إنساني جداً.
توم هانكس في Cast Away - المنفي ٢٠٠٠
يدور الفيلم حول موظف في شركة فيدكس لشحن ونقل الطرود، تقع به الطائرة على جزيرة نائية فيحاول البقاء عليها حياً ويعيش عليها منفياً لفترة طويلة.
بدأ توم هانكس في تصوير الفيلم الذي استغرق ما يزيد عن عام ونصف بزيادة وزنه، حيث قدم هانكس المشاهد الأولى من الفيلم كرجل ذو جسد صحي وجذاب، ثم انقطع هانكس عن التصوير وظل يطيل شعره ويفقد وزنه لمدة ١٢ شهر وخلال تلك المدة لم يذهب هانكس أيضا لأي صالة رياضية ليصبح جسده نحيفا ولكن هزيلا ومتهدلاً، ثم عاد بعد ذلك لاستكمال التصوير.
ويل سميث في Ali - علي ٢٠٠١
الفيلم يحكي قصة حياة الملاكم العالمي محمد علي كلاي منذ بداياته وحتى وصوله لذروة نجاحه في أن يكون أفضل ملاكم في العالم.
قام ويل سميث بالتمرين على الملاكمة لمدة ٦ ساعات يومياً من أجل هذا الدور خاصة وأن الفيلم كان في بدايات ويل سميث وقام بزيادة وزنه ليجعل من جسده جسد ملاكم بالفعل بل ويشبه إلي حد كبير جسد الملاكم محمد علي كلاي، وبعد هذا الفيلم ارتفع أجر ويل سميث وبدأت شهرته ونجوميته في الانتشار.
تشارلز ثيرون في Monster - الوحش ٢٠٠٣
يحكي الفيلم قصة أيلين وورنوس، فتاة الشارع التي اتهمت بقتل ستة رجال التقتهم في الشارع، وتعد أول امرأة ترتكب سلسلة من جرائم القتل في الولايات المتحدة الأمريكية حيث حكم عليها بالإعدام حقناً ونفذ فيها الحكم عام ١٩٩١.
قامت النجمة تشارلز ثيرون بتجسيد شخصية أيلين، ومن أجل ذلك الدور حولت تشارلز ثيرون نفسها إلي وحش مخيف بالفعل، تلك الممثلة المعروفة بجمالها؛ فزادت من وزنها سبعة كيلوجرامات حيث صرحت أنها كانت تأكل وجبات سريعة لجني مزيد من الوزن بسرعة، كما حولت وجهها وجسدها إلى شكل قبيح من خلال تركيب أطراف صناعية جعلتها دميمة ومخيفة، كل هذا الجهد أيضا جعلها تفوز بأوسكار أفضل ممثلة عام ٢٠٠٤ عن دورها في هذا الفيلم.
هيلاري سوانك في Million Dollar Baby - فتاة مليون دولار ٢٠٠٤
مرة أخرى لعالم الملاكمة، الفيلم يدور حول سيدة تسعى لكسب مليون دولار من خلال الاشتراك في مسابقة للملاكمة قد تقضي عليها تماماً.
الفيلم من إخراج كلينت إيستوود وبطولة هيلاري سوانك التي قامت بالتمرين على الملاكمة لفترة طويلة قبل تصوير الفيلم لتحويل جسدها إلي جسد ملاكمة، حتى أنها أصيبت بتقرحات نتيجة التمرين جعلها طريحة المستشفى لفترة ثلاثة أسابيع عادت بعدها لتصوير الفيلم واستكماله، وقالت سوانك أنها أخفت عن المخرج كلينت أيستوود إصابتها لكي لا يتوقف التصوير، الأمر الذي عرفه أيستوود فيما بعد.
كريستيان بال في The Machinist - الميكانيكي ٢٠٠٤
الفيلم يدور حول عامل في مصنع يرتكب جرماً يجعله يشعر بالذنب بشكل يؤثر عليه نفسياً، فيصيبه الأرق الدائم ويظل لمدة عام لا ينام بشكل متواصل، وسرعان ما يبدأ في فقدان عقله.
كريستيان بال هو ممثل إذا تتبعت أدواره لوجدته في كل مرة يظهر بشكل مختلف تماماً، ربما هو الممثل الأكثر تغيراً بين الفيلم والآخر، ففي فيلمي American Psycho وباتمان (الرجل الوطواط) قدم جسدا رياضياً مليئا بالعضلات بشكل ملفت، وفي فيلم الآلة قدم كريستيان جسدا هزيلاً ونحيلاً بشكل مثير للشفقة.
كريستيان فقد ثلث وزنه من أجل هذا الدور حتى أنه في إحدى المشاهد وهو يعدو في مطاردة ما أغمى عليه وفقد وعيه من الإعياء والتعب، الجسد النحيل الهزيل الذي قدمه كريستيان كان دليلاً مادياً على تفانيه في العمل، ورعباً نفسياً أصيب به المشاهدون للفيلم بعد رؤيتهم لنتيجة أن يشعر شخص ما بذنب رهيب يدمر حياته ونفسه بهذا الشكل.
هيث ليدجر في The Dark Knight - فارس الظلام ٢٠٠٨
هو الجزء الثاني لسلسلة باتمان -الرجل الوطواط- من إخراج كريستوفر نولان، حيث يلتقي الرجل الوطواط بعدوه اللدود الجوكر ويحاول إنقاذ مدينة جوثام من الفوضى والفساد الذي ينشرهما الجوكر.
جسد شخصية الجوكر الممثل الشاب هيث ليدجر والذي يدعي البعض بأن هذا الدور هو الذي قتله، فقام هيث ليدجر بالاستعداد لدور الجوكر بأن ظل فترة طويلة يتحدث مثله وعزل نفسه في إحدى الفنادق ليدرس شخصية الجوكر، تلك الشخصية المعقدة التي عانت كثيراً لتصل لهذا المستوى من الشر والفساد، الأمر وصل بهيث ليدجر لدرجة أنه بعد مماته شاباً في الثامنة والعشرين من عمره، وجدت مذكرات بعنوان مشاعر وأفكار الجوكر كان ليدجر قد كتبها في محاولة منه لتجسيد الشخصية بشكل كامل، هل يكون ليدجر قد أصيب بالاكتئاب بسبب العزلة والانغماس في شخصية الجوكر لدرجة الانتحار؟ لا أحد يدري.
ناتالي بورتمان في Black Swan- البجعة السوداء ٢٠١٠
في شكل معاصر تدور الأحداث حول القصة الكلاسيكية المعروفة البجعة السوداء من خلال راقصة البالية نينا التي تبدأ في اكتشاف نفسها من خلال تقديم عرض للبجعة السوداء فتدرك جوانب شخصيتها المظلمة وتتغير حياتها تماماً.
ناتالي بورتمان قدمت جهداً غير عادياً لهذا الفيلم، فرغم أنه كان المقرر وجود دوبليره تقوم بتقديم مشاهد رقص الباليه إلا أن ناتالي قامت بأخذ دروس في الباليه لإتقان الدور وقدمت معظم مشاهد الباليه بنفسها، كما أنقصت وزنها ١٠ كيلوجرامات لتصبح في وزن راقصات الباليه الحقيقي، حتى إنها تعرضت لخلع إحدى ضلوعها أثناء التصوير بسبب جسدها الهزيل والتمرين المستمر، ولكن يبدو أن جهدها الزائد أتى بثماره حين فازت ناتالي بجائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في هذا الفيلم في ٢٠١٠.