دائماً نكره الموت، ولكن في حالات خاصة نكرهه بشدة، ونرغب في أن يتحول إلى شخص حي أمامنا كي نمسك بخناقه، خاصة عندما يختطف أحد المقربين إلينا، أو هؤلاء النجوم التي تسطع ثم تخفت بسرعة، مثل فناننا العربي الاسمر احمد زكي، ومثل الفنان العالمي المدهش، هيث ليدجر، الذي رحل عن 28 عاماً، وأقل من 20 عملا.
وقد ولد ليدجر في أستراليا، وحصل على اسمه من بطل رواية الكاتبة ايميلى برونتى "مرتفعات ويذرنج" التي عشقتها أمه التي كانت تعمل كمعلمة للغة الفرنسية، بينما كان والده يعمل مهندساً للسيارات، قبل ان يجذبه ضوء التمثيل إلى حرمه، فيتجه كفراشات الضوء نحو حتفه، منذ عمل في المسرح المدرسي، وقدم أدواراً صغيرة، إلى أن اكتشفه أحد المخرجين وقدمه في دور صغير في مسلسل تلفزيوني استرالي عام 1996، ليقدم بعدها بـ 3 سنوات دوره الأول في فيلم 10 Things I hate about you، والذي حقق نجاحا كبيرا وفتح له باب النجومية، وفي العام الذي يليه قام مواطنه نجم هوليوود الكبير ميل جيبسون بإشراكه بدور ابنه في فيلم The patriot، وأصبح الفتى الذي يبلغ واحداً وعشرين عاماً نجماً هوليوديا بكل ما تعنيه الكلمة فأسندت له البطولة في الفيلم الكوميدي A Knight's Tale عام 2001.وشارك بعدها في عدة أفلام كبيرة منها Monster s Ball و Ned kelly.
قبل أن يحل عام 2005 ليقدم ثلاثة أفلام مهمة أضافت الكثير لمشواره السينمائي، وكان أولها فيلم الأخوة جريم The brothers grimm مع المخرج تيري جيليام وشاركه البطولة الممثل مات دايمون، أما الفيلم الثاني فكان المحطة الأهم في ذلك العام حيث قدم الدور الذي ترشح عنه للأوسكار في فيلم جبل بروكباك - Brokeback Mountain ، وهو الدور الذي سبب له أيضاً متاعب كثيرة لحساسية الموضوع الذي تطرق إليه الفيلم وطالته شائعات بالشذوذ الجنسي ، لكنه كسب إعجاب النقاد بأدائه الصعب والمبهر، ثم فيلم "كازانوفا" والذي لم يحقق نجاحا لدى الجمهور والنقاد على حد سواء، ولكنه رسخ صورته كعاشق كبير في هوليوود ولذلك أطلق عليه لقب كازانوفا هوليوود، قبل أن قدم دوره الأعظم على الإطلاق في فيلم The Dark Knight ، ويكون بإختيار النقاد والجمهور أعظم من قدم دور الجوكر، ليحصل على جائزة الأوسكار عليه .
وجاء سقوط هيث ليدجر في بئر الإدمان ليكون سبباً إضافياً لسقوطه في إكتئاب شديد، لم ينجده منه سوى إبنته الصغيرة ماتيلدا، التي أنجبها من الفنانة ميشيل ويليامز، قبل أن يتركها ويرحل.
وكأن قدراً على اصحاب المواهب الخارقة أن يكونوا شهباً تسطع لتنطفيء، يغادروننا مصطحبين معهم جزء من إنبهارنا بموهبتهم، ويتركون بدلاً مما أخذوه منا، إعجاباً لا ولن ينتهي بما تركوه.