تعتمد الأفلام البوليسية عادة على الغموض والإثارة والتشويق، كي يظل المشاهد مشدوداً إلى شاشة العرض إما بحثاً عن القاتل مع التحقيقات، أو إنتظاراً لضحية جديدة، إذا كان القاتل معروفاً منذ البداية، وهو ما افتقده فيلم رد فعل تماماً.
حيث لجأ إيهاب فتحي ، و وائل أبو السعود كتاب الفيلم إلى تيمة القاتل المتسلسل - السفاح - وهي تيمة غربية ليس لها علاقة بمجتمعاتنا الشرقية، السفاح الذي يقتل بسبب مرض نفسي، حيث يقتل السفاحون في بر مصر طلباً للمال و"لقمة العيش"، واعتمدا على شبكة علاقات شديدة التعقيد بين سكان عمارة سكنية واحدة، يستحيل تواجدها في الحقيقة، حيث تتكون العمارة من 12 شقة، يربط ما بين حوالي 7 شقق فيهم علاقات ومصالح، يشوبها فساد هائل ورشاوي وعمولات، والأغرب أن كتاب الفيلم لم يستفيدا بما صنعاه، وكان خط الفساد - رغم سطحية تناوله للغاية - خطاً منفصلا مقطوع الدابر في الفيلم.
أما الخط الرئيس فاعتمد على مصادفة مستحيلة الحدوث، والسيناريو الذي تعتمد حبكته الأساسية على صدفة نادرة الحدوث يظل ضعيفاً دائماً، فما بالنا بسيناريو لفيلم بوليسي، والصدفة هنا أن تتشابه وظائف سكان عمارة واحدة، يسكنها صديق أبو البطل، مع وظائف ضيوف حفل مات فيها والده منذ حوالي 30 عاماً، ولإصابة البطل بالفصام، يقرر قتلهم من آجل الإنتقام لوالده.
ولجأ السيناريو ايضاً لكشف شخصية القاتل المجهولة - نص قاعة العرض عرفت القاتل منذ الدقيقة الأولى - ولم يكن هناك أي مبرر لكشفه أو إخفائه، خاصة مع فشل البناء في جذب التعاطف للقاتل المريض.
بينما كان أداء أبطال الفيلم الثلاثة عاملاً أخر يضيف إلى ضعف الفيلم ضفعاً أخر، حيث قدم محمود عبدالمغني أسوء أدواره، وفشل في تقمص شخصية مريض الفصام - بالمناسبة مريض الفصام إنسان طبيعي جدا وليس له حركات لا ارادية -، أما حورية فرغلي فاكتفت بإستعراض مواهبها الشخصية دون ممارسة فن التمثيل، في دور كان قادراً على تقديمها للمشاهد بصورة مختلفة عما فعله المخرج خالد يوسف، وكان عمرو يوسف كما كان دائماً ضابط شرطة ملتزم.
المخرج حسام الجوهري الذي اصر على حشر مشهد من فيلمه الأول شارع 18 في أحداث فيلمه الثاني، بدا غير موفقاً نهائياً، ليقدم تجربة أخرى مليئة بأخطاء التجربة الأولى دون تراجع عنها.
فيلم رد فعل فيلم بوليس متوسط المستوى، يصلح للتعامل معه كسهرة تلفزيونية ثمانينية.. لا فيلم سينما.
ملحوظة : عرفت آمس فقط أن الطبيب الشرعي لا يتعامل نهائياً مع ضباط البوليس، بل يسلم تقريره للنيابة مباشرة، والضابط يقدم تحرياته للنيابة مباشرة، ويمنع القانون المصري تعاملهما سوياً.. وهو ما يهدم قصة الفيلم من بدايتها، لكنها للآسف أحد الأخطاء الشائعة في السينما المصرية، والتي اقتبستها من السينما الأمريكية، دون أن يبذل سيناريست واحد - عدا مسلسل بالشمع الأحمر - مجهوداً ليصحح هذا المفهوم الشائع الخاطيء.