حتشبسوت السينما المصرية

  • مقال
  • 01:06 مساءً - 12 ابريل 2012
  • 1 صورة



الفنانة إسعاد يونس

لم تكن طفولة "غنمت آمون" تشير إلى ما وصلت إليه، تلك الطفلة المرحة الشقية، التي تعشق نهر النيل، والسباحة فيه، وقيادة المراكب بداخله، أما شبابها التي قضت معظمه بجوار مهندسها المقرب "سنموت" ذلك المهندس الذي بنى لها معبدها الشهير في الدير البحري والذي منحته 80 لقباً، حين صارت الملكة "حتشبسوت" وكان مسؤولا عن رعاية ابنتها الوحيدة، تتعلم المزيد والمزيد، غارقة في عشق العلم.
وقد رفض التاريخ الذكوري حكم تلك الملكة العظيمة واتهمها بقتل زوجها "تحتمس الثاني"، لتتولى الحكم، بعد سنين من الحكم خلف الستار، بل وحتى الشعب نفسه كان يرى أنها امرأة ولا تستطيع حكم البلاد، إذ كان الملك طبقا للعرف ممثلا للإله حورس الحاكم على الأرض.
ولكن هذه الملكة المثابرة نجحت في أن تجعل بلادها الأقوى والأكثر رخاءً في عهدها، وأجبرت التاريخ أن يقف بإحترام لسيرتها المبهرة، وكذلك معبدها المبهر التي تركته خلفها.
كذلك كانت بطلتنا، حفيدة شرعية لتلك الملكة العظيمة، فنانة كوميدية، قضت فترة شبابها في رسم البسمة على وجوه المشاهدين، قدمت أفلاماً مثل يا رب ولد ، و دنيا الله، كتبت وقدمت بكيزة وزغلول ليبقيا طويلا في التراث الإجتماعي المصري، تألقت على المسرح لتقدم مسرحيات في حجم الدخول بالملابس الرسمية، جحا يحكم المدينة، وتركت بصمتها في كل ما قدمته، قدمت البسمة في زمن كره السعادة.
لتنتقل بعد ذلك إلى خانة الإنتاج السينمائي، وهو مجال لم تنجح إمرأة في ظل ذكورية طافحة أن تنجح فيه، حتى آسيا التي أنتجت أفلاماً عظيمة ماتت بحسرة سقوط أخر افلامها مادياً، إلا أن إسعاد يونس لم تتراجع، ونجحت في تحويل شركتها خلال أعوام قليلة لأحد أكبر شركات الإنتاج والتوزيع السينمائي، مواجهة ذلك الإحتكار الخليجي الذي كان يغزو السينما المصرية.
وبغريزة المحارب التي اكتسبتها من والدها الضابط في القوات المسلحة، وأحد الضباط الأحرار، وعلى الرغم مما يتردد حول "جبن" رأس المال ومداهنة المستثمرين للسلطة، وقفت دائماً في وجهها، تواجه بعزيمة الثوار.
وحتى بعدما آلت إليه الثورة المصرية، وسيطرة التيار الاسلامي المتشدد على مقاليد الأمور، شاركت إسعاد في تأسيس جبهة الإبداع المصري، للحفاظ على حق المبدع وحريته حتى آخر نفس، في مواجهة هجمة شرسة من الرجعية تحاول العودة بالفن إلى عصور الظلام.
إسعاد يونس حالة مبهجة للفنان المنتج، بعد سنين من المنتجين المقاولين والجزارين، وشعلة تضيء لكثير من الحالمات بالحرية في مجتمع الذكور أن ينحتوا في الصخر مثلما فعلت حتشبسوت السينما المصرية حتى حققت النجاح.

وصلات



تعليقات