لازلت أتسائل عن معيار المشاهد الذي على اساسه يقوم بإختيار نجمه المفضل، والذي يصدر حكماً من خلاله أن "فلان" هو نجم الكوميديا الأول في مصر، أو "فلان" هو ملك الشاشة الصغيرة.
أتحدث في هذا المقال تحديداً عن الكوميديا، تلك النوعية المحببة للكثير من المصريين، والذين خلدوا من خلالها عدداً من الفنانين، طبقاً للترتيب الزمني هم نجيب الريحاني، إسماعيل ياسين، فؤاد المهندس، عادل إمام، أحمد حلمي، و أحمد مكي كزعماء للكوميديا في السينما المصرية، وعربياً يظهر اسم دريد لحام كأحد زعمائها أيضاً، ولكنهم في الوقت ذاته ينحنون إجلالاً لكلاً من عبدالمنعم مدبولي، عبدالفتاح القصري، عبدالمنعم إبراهيم، ماري منيب، زينات صدقي، وغيرهم من مبدعي الضحكة الذين أدخلوا السعادة إلى قلوبنا جميعاً.
ويظهر بناء على هذا تساؤل هام، حول ماهية النجم الكوميدي، هل هو بطل العمل، أم النجم القادر على تفجير الضحكة ولو كان يؤدي دورا ثانياً، أم حتى مجرد مشهد واحد.
وتكون الإجابة الحاضرة هي النجم هو من يدفع الجمهور نقوداً لشباك التذاكر ليشاهدوه، بل ومن تحتل صورته "أفيش الفيلم"، وهذا نظام معمول به في العالم بأكمله، وقد يجيب آخر أن النجم هو صاحب الموهبة الأكبر والأكثر تأثيراً.
لكنني لا أقتنع بتلك الردود لأن نجم الشباك هو إصطلاح تجاري غير فني، وقد تم إستخدامه والترويج له لصالح شركات الإنتاج، أما الموهبة فأتحدى من يستطيع أن يثبت أن إسماعيل ياسين كان أكثر موهبة من عبدالفتاح القصري، فقط لكل منهم طريقة، ولكل شيخ طريقة كما يقولون.
وحالياً بعد إختفاء نجوم الدور الثاني في مصر، وتحول كل نجوم الكوميديا إلى أبطال، نفتقد إلى من هم في مثل قيمة القصري ومنيب وإبراهيم، ويبقى عدد محدود من النجوم يعوضونا عن ذلك، مثل حجاج عبدالعظيم، و يوسف عيد.
ودعوني أتوقف هنا عن إسم يوسف عيد، صاحب العبارة الأشهر في فيلم الناظر - مدرس جغرافيا وفرنساوي لحد ما يجيبوا مدرس فرنساوي لو كنت لاتعرفه عزيزي القاريء - والذي أعتبره أحد أهم نجوم الكوميديا في تاريخ السينما في مصر، وأتحدى من يتذكر مشهد لهذا النجم الخافت ولم يضحك عليه من قلبه، حيث يمتلك يوسف عيد موهبة تلقائية ولدغة محببة يجيد إستخدامها ببساطة تقتحم القلب.
لكن في زمن "الميجا" ستار تبدو النجوم الخافتة بعيدة تماماً عن الأضواء..لانلتفت غليها على الرغم من أنها قادرة على إسعادنا، وقد جاء الآاوان لأن يأخذ كل ذي حق حقه من الشهرة على قدر الموهبة.