سنو وايت بنظرة حالكة

حين سمعت عن خبر مشاركة الممثلة كريستين ستيوارت في فيلم سنو وايت والقناص سعدت لتخلص كريستين من شخصية بيلا سوان التي اشتهرت بها في سلسلة Twilight ووجدتها فرصة جيدة لها لتثبت موهبتها التمثيلية بعيداً عن شخصيو الفتاة البريئة قليلة الحيلة المنطوية بيلا.

وتذكرت حين قرأت نقدا بأن اختيار كريستين في Twilight جاء ملائماً نظراً لأنها لا تتمتع بجمال خارق وإنما تمتلك ملامح عادية، تلك الملامج التي تجعل كل فتاة تتورط معها، فمصاص الدماء لا يحب شديدة الجمال وإنما مجرد فتاة عادية

إذا فنحن متفقين أن كريستين فتاة ذات ملامح عادية، كيف يتم اختيارها لتجسيد سنو وايت التي تتعرض للقتل بسبب جمالها الفتاك؟!

سنعود لهذه النقطة لاحقاً، تدور أحداث فيلم سنو وايت والقناص حول سنو وايت التي تحبسها زوجة أبيها في القصر استعداداً لقتلها، وتتمكن من الهرب إلى الغابة المظلمة، وهناك يتعقبها صياد لقتلها وسرعان ما يتضامن معها ومع الأقزام السبعة ضد زوجة أبيها الساحرة الشريرة.

قصة سنو وايت هي قصة معروفة وشهيرة في كافة أنحاء العالم، ولكن ما يميز تلك النسخة من القصة هو الظلام الدموي الذي يغلفها، وهو ما يعيد القصة إلي أصلها الدموي والمظلم، فالأخوان جريم أصحاب القصة الأصلية لم يكتبا قصة ذات نهاية سعيدة خالية من العنف أو الدماء، على العكس تماماً، فالقصة في أصلها مليئة بالمشاهد العنيفة والدموية إلا إنه تم تنقيتها من كل تلك المشاهد العنيفة وإضافة بعض التفاصيل لصبغة القصة بشكل ملائم للأطفال.

الفيلم يعد تجربة الإخراج الأولى ل روبرت ساندرس الذي أوضح جيداً للجمهور أنه مخرج مميزاً وعاشق لتلك النوعية من الأفلام المظلمة مثل مملكة نارنيا، متاهة بان، سيد الخواتم وغيرها من أفلام الأرض الوسطى والكائنات الخرافية، واستطاع روبرت الحفاظ جيداً على الخط الدرامي الداكن في أداء الشخصيات والسيناريو، كما أبدع في الخدع البصرية وتقديم إبهار بصري لافتاً للنظر، ذلك الأبهار المشابه ل تيم برتون في فيلم أليس في بلاد العجائب، والقريب نوعاً من لمسات الظلام الخاصة بالمخرج المبدع جاليرمو ديل تورو.

أضفى كذلك إيفاد دوهرتي -كاتب السيناريو- لمحة شيكسبيرية حين قدم مثلث الحب بين سنو وايت والقناص والأمير ويليام الذي كان من المنطقي أن تقع سنو وايت في حبه إلا أنه قدم لنا القناص بكونه أنبل من الأمير في سياق درامي شديد الذكاء ولافت للنظر.

يبقى الإشادة بالأداء التمثيلي لبعض الشخصيات، فجاءت على القمة الممثلة البارعة تشارليز ثيرون، التي فاقت قدراتها التمثيلية كريستين ستيوارت وغيرها من الممثلين في الفيلم بأكمله، فقط لو كانت خففت من حدتها في النطق والأداء، ولكن لم ينتقص ذلك من براعة الأداء على أية حال.

بجانب تشارليز ثيرون كانت هناك كريستين ستيوارت التي أجادت التمثيل بتعبيرات وجهها وتغلبت بذلك على قلة الحوار المخصص لها، فاستطاعت تقديم أداء جيد لافتاً للنظر، وهنا تجد سؤالاً يفرض نفسه وسط مشاهدتك للفيلم، (معقول كريستين ستيوارت أحلى من تشارليز ثيرون؟) والإجابة بالنفي دون أدنى شك، ولكن السياق الدرامي في تلك النسخة المظلمة من سنو وايت جاءت لتقدس جمال الروح ونقاء النفس، فكانت سنو وايت أطهر قلباً ودماً من زوجة الأب، وكانت زوجة الأب تبث الظلام والشر على الأرض من خلال أخذ أرواح الفتيات الشابات وهن في ريعان شبابهن لتتغذى من طهارة روحهن، وذلك ما حاربت سنو وايت من أجله في أحداث الفيلم في نسخته الجديدة، فكرة تبدو أعمق وأكثر إقناعاً من بلاهة سنو وايت التي تربينا عليها والتي كادت أن تموت من أجل شعرها الأسود الجميل وبشرتها البيضاء كالثلج!